اتصلنا بهذه الرسالة المطوّلة من عدد من أعوان شركة »سوكوبا« المتفرّعة أصلا عن الديوان الوطني للصناعات التقليدية وقد تعرّضوا فيها إلى تفاصيل احالتهم على التقاعد المبكّر «الفجئي والإجباري» وقد لاحظ أصحاب الرسالة أنّ هناك فرقا في التعامل بل وفي معاملة المُحالين على التقاعد، وهو فرق أضرّ بالكثيرين وخدم القليلين
يختم أصحاب الرسالة بعرض مجموعة من الاقتراحات نرجو أن يقع الأخذ بها لجبر الأضرار التي لحقت بعضهم
وفيما يلي نصّ الرسالة
نحن أعوان وإطارات شركة »سوكوبا« نعلمكم أنّه قد وقع تسريحنا إنطلاقا من سنة 2002 بمراحل
المرحلة الأولى تمّ تسريح حوالي 140 عونا بطريقة تلقائية وبمطلب من العون فأقبل ورغب جُلٌّ الأعوان المسنين والذين قضوا سنوات طويلة في العمل فوجدوا في هذا الإجراء مخرجا للإحالة على التّقاعد بجراية محترمة وبتعويض
المراحل الأخرى تردّت أو ضاع المؤسسة إلى حدّ العجز فاضطرّت الادارة إلى التخفيض في عدد العمّال وبداية من جانفي 2004 سرّحت المجموعة الأولى التي ضمّت حوالي 70 عونا من اطارات وأعوان وقد انعقدت عدّة اجتماعات بين سلطة الاشراف والأطراف الاجتماعيّة طالب خلالها الطرف العمّالي وتشبّث بحقوقه قبل الخروج مثل تطبيق ما تضمنه القانون الأساسي للشركة كالبند الذي ينصّ على أنّه في صورة حلّ الشركة أو عجزها يقع إدماج الأعوان الرّاغبين في مواصلة العمل في مؤسسات أخرى، وعلى تطبيق الفصلين 97 و98 من القانون الأساسي الذي ينصّ خاصّة على تمتيع كلّ عون يُحال على التقاعد بثلاثة سلالم (3 échelles)
لكن ما شعرنا به ورأيناه عكس ذلك تماما فقد اتّصفت هذه العمليّة بالقسوة والشدّة وذلك للأسباب التالية
لأنّها عمليّة فُجئية لا رحمة فيها ولا شفقة
ولأنّ التّسريح إجباريّا دون رغبة العون أو استشارته، إذ أعدّت الادارة قائمات صاغها ووضعها المدير العام بنفسه وبرغبته هو
لم يُراع المدير العام سنّ العون فجُلّ هؤلاء الضحايا دون الخمسين وحتّى الأربعين لم يُقضّوا في العمل إلاّ سنوات قليلة ولأنّهم ليس لهم سندٌ لا داخل المؤسسة ولا خارجها
حرمان هؤلاء من التّنفيل الذي هو ركنٌ مهمٌّ في الحياة المهنيّة للموظف وتُسمّى الأقدميّة فنأخذ مثالا على ذلك عون سرّح في سنّ 40 سنة أو 45 سنة فإنّه بهذا الإجراء قد خسر 15 سنة أو عشرين سنة لأنّ سنوات طويلة تفصل بين سنّ الإنقطاع والسن القانونية 60 سنة للتقاعد
والتقاعد المبكّر الإجباري خمسين سنة كما جرى لا يُؤهّل العون إلى تقاعد محترم بل وفي جلّ الحالات ضعيف جدّا ومعلوم أنّ النصف الثاني من الحياة المهنيّة يحتوي على امتيازات وترقيات لاسيما إذا كان العون من صنف الاطارات وصاحب شهادة عُليا فهو رقمٌ مهم في الشركة أو الإدارة
حرمان الأعوان المسرحين من الامتيازات التي خوّلها لهم القانون الأساسي والتي يتمتّع بها كلّ من بلغ السنّ القانوني للتقاعد وهما الفصلين 97 و98 من القانون الأساسي
حرمان من الاندماج في مؤسّسات أخرى طبقا للفصل 120 من القانون الأساسي
فالأعوان المسرحون جُلّهم ركنُوا إلى البطالة ومن بينهم اطارات عليا وأصحاب شهائد جامعيّة وبقوْا ينتظرون في تقاعد نسبي لا يُسمن ولا يُغني من جوع
لم يقع تعميم اصلاح الخطأ الذي تسرّب الى منحة الانتاج عند احتساب التقاعد الاّ عند تسريح المجموعة الأخيرة وحُرمت المجموعات السّابقة من هذا الاصلاح وهو يُحسّن في قيمة جراية التقاعد للعون
والجدير بالذكر أنّه منذ سنة 2002 إلى سنة 2006 سُرحت أفواجٌ من العمّال من الشركة بهذه الطريقة الاستثنائيّة القاسية أمّا المرحلة الأخيرة من التسريح فقد شملت مجموعة صغيرة كانت تحظى برعاية خاصة حيث اتّصفت فيها العمليّة بالمرونة وتطبيق القانون الأساسي حيث تمكّن الرّاغبون منهم في المغادرة من جميع حقوقهم كامتيازات الفصلين 97 و98 من القانون الأساسي وتطبيق منحة الانتاج بعد اصلاحها لفائدة جراية تقاعدهم وجُلّ هؤلاء قضّوا سنوات طويلة في العمل وليسوا في حاجة للبقاء باعتبار أنّهم سيتمتّعون بتقاعد محترم جدّا
أمّا بقيّة المجموعة في حدود الثلاثين عونا في سنّ الشباب فرغبوا في البقاء فأُعيد ادماجهم في مؤسّسات أخرى ونتيجة لذلك شعر عدد كبير من المسرّحين بالغُبن والمرارة ومن بينهم من أُصيب بأمراض نفسيّة حادّة وعضويّة خطيرة وذلك للأسباب التالية
حرمان من التنفيل والأقدميّة
حرمان من امتيازات المتقاعد وما نصّ عليه القانون الأساسي للشركة
حرمان من منحة انتاج صحيحة حسب ما نصّ عليه القانون الأساسي
إقْصاءٌ فُجئي من العمل في منتصف الطريق يجعله يجلس على الربوة لا يقدر على فعل شيء
إنعكاس سلبي لدى غالبيّة الأُسر التي كان واحد من أفرادها من المسّرحين
شعور بالتّفرقة وعدم الإنصاف بين مجموعة صغيرة حُظيت بحماية كاملة من طرف الإدارة إدماج في مؤسسات أخرى تطبيق الفصلين 97 و98 من القانون الأساسي، تصليح الخطأ الذي تسرّب إلى منحة الانتاج، التخيير بين البقا ءأو مواصلة العمل والإندماج في مؤسسات أخرى وبين مجموعات تضمُّ عددًا كبيرا ولم تحظ بالحماية، بل بالحرمان من جميع الحقوق والنتيجة بطالة وانتظار وتقاعد نسبي ومبكّر منقوص وضعيف
والجدير بالتذكير أنّ هناك اختلافا كبيرا بين التّعويض الذي تمتّعت به المجموعة الأخيرة وهو يصل إلى 30 ألف دينار والتّعويض الضّعيف التي تحصّلت عليه المجموعات الأخرى بمعدّل لا يتعدّى 15 ألف دينارًا
وهذا الاختلاف بين المجموعتين يتعارض مع مبدا القانون والأخلاق ومُخالف لما نصّ عليه الدستور في المادّة 6 انّ جميع التونسيين مستوون أمام القانون