كما كانت صحيفة «الحدث» كتبت منذ أشهر لم يتمكّن مؤتمر اتحاد الشغل من حسم مسألة الهيكلة ومراجعة القانون الأساسي حيث أعلن رئيس المؤتمر بأنّه تقرّر عقد مجلس وطني في ظرف 6 أشهر للنظر في ذلك وقد كان البعض اقترح ابقاء المؤتمر مفتوحا حتّى يقع عقد جلسة جديدة له من هنا الى 6 أشهر للنظر في الموضوع بعد أن تهدأ الأجواء لكن هذا المقترح لم يقع تمريره للتصويت وإقرار عقد مجلس وطني يعني مشاركة عدد من المسؤولين النقابيين يفوق عدد نوّاب المؤتمر باعتباره يجمع المشرفين على كل الهياكل المسيّرة للمنظمة محليا وجهويا وقطاعيا ومركزيا غير أنّه وفي نفس الوقت لن يضم المجلس الوطني عددا من نوّاب المؤتمر!! وقد نتج عن طرح هذا الموضوع حصول فوضى كبيرة في القاعة دامت أكثر من نصف ساعة... وللأسف الشديد كانت الفوضى سائدة في عديد المرّات خلال هذا المؤتمر منذ لحظاته الأولى الى اختتامه ولولا حنكة رئيس المؤتمر مسعود ناجي لتطوّرت الأمور في بعض الأحيان... وواضح كما قال لنا أحد المسؤولين النقابيين الأوروبيين أنّ الفارق كبير بين الديمقراطية والوفضى كما عاب العديد من النقابيين عن تعمّد البعض عدم احترام بعض ضيوف المؤتمر! بل وصل الأمر الى عدم احترام أمين عام الاتحاد نفسه بدعوى أنّه أصبح «مجرّد» نائب!! وعلى كل هناك عديد التساولات التي قد يكون الوقت حان لطرحها في المنظمة ومن أخطرها: هل مازال الأمين العام «يحكم» في المنظمة؟! هل انقلبت الموازين وأصبحت الجهة أو القطاع أقوى من المكتب التنفيذي ؟! أم ذلك هو المنطق الصحيح؟! ما هي حقيقة العلاقة بين المركزية وبقية الهياكل ؟! وهل أنّ الهيكلة الحالية صالحة لمثل هذا الوقت ؟! ونفس الشيء بالنسبة للنظام الداخلي ؟! وان لم تقدر قيادة المنظمة من تمرير توجهاتها على مستوى الهيكلة والنظام الداخلي فقد نجحت بنسبة كبيرة في تمرير قائمتها في الانتخابات بل قائمتها يث تبيّن بأنّه على عكس ما راج كانت لها اقئمة في لجنة المالية وفازت بجميع مقاعدها وقائمة في لجنة النظام وفازت ب 4 من مجموع 5 مقاعد ولم يسقط من قائمتها إلاّ بوبكر الطالبي وعوّضه الحبيب الطريفي. وقد كثر الحديث عن اختلافات في وجهات النظر بين عبد السلام جراد وعلي رمضان غير أنّ في النهاية لم يقع ترشيح إلاّ قائمة واحدة وموحّدة... إلاّ أنّ المفاجأة تمثلت في تغيير هذه القائمة وحتّي تتوضّح الرؤية نشير الى تطوّر الموضوع في هذه النقاط: في البداية: كان هناك نقاش ححول نسبة التجديد في قائمة الأمين العام فجراد يريد قائمة فيها كل أعضاء المكتب التنفيذي باستثناء مسعود ناجي الذي لم يترشّح وعبد النور المداحي الذي رفض التواجد مع جراد. في المقابل رأى علي رمضان وعدد آخر من أعضاء المكتب التنفيذي ضرورة أن يقع التجديد في 6 أعضاء على الأقل. بعد نقاش وجدل تمّ الاتفاق يوم الجمعة 8 ديسمبر على «فكرة» جراد ومنحه فرصة لإقناع النوّاب بها وهنو ما قام به باتصالات مكثفة. مساء اليوم الأوّل من المؤتمر تمّ توزيع قائمة جراد على النواب وهي المعلن عنها منذ البداية أي ب 11 عضوا من المكتب التنفيذي إضافة الى منصف الزاهي وسعيد يوسف. غير أنّ الأمور تغيّرت من الغد بسرعة كبيرة حيث تمّ إعداد قائمة أخرى باسم جراد لم تعد تضم إلاّ 7 من المكتب التنفيذي هم جراد ورمضان والطرابلسي وسعد وشندول والسحيمي والبريكي وأضيف لهم كل من منصف الزاهي وحسين العباسي وبلقاسم العياري وسمير الشفي وقاسم عفية ونعيمة الهمامي. وتقول بعض المصادر المقربة من جراد أنّ ظهور قائمة تحالفت فيها عديد الأطراف وضمّت 4 من قائمة جراد الأولى من أعضاء المكتب التنفيذي كانت وراء اتخاذ هذا القرار السريع بإبعاد هولاء ال 4 وتضيف نفس المصادر أنّ تركيز البعض على «الجهويات» رفضه جراد ومن معه !. وهكذا فانّ جراد ورمضان لهما نفس القائمة ولم يتقدّما بقائمتين وكانت القائمة في البداية هي المقترحة من جراد ثمّ أصبحت في النهاية من المقترحة من علي رمضان !! وعلى هذا الأساس فقد نجح من قائمة جراد ورمضان 10 أعضاء بينما تمكّن 3 من خارجها من النجاح وهم العضوان السابقان رضا بوزريبة ومنصف اليعقوبي وكذلك المولدي الجندوبي والذي يعد من مفاجآت المؤتمر خاصة وقد تحصل على 222 صوتا متقدما حتّى على علي رمضان ! وصعد هؤلاء مقابل عدم نجاح سمير الشفي وقاسم عفية ونعيمة الهمامي بالرغم من أنّ هذه هي المرّة الأولى التي تتواجد فيها امرأة في قائمة الأمين العام... لكن وللأسف يبقى اتحاد الشغل المنظمة الوطنية الوحيدة التي لم تدخل المرأة مكتبه التنفيذي بالرغم من غالبية النقابيين يعتبرونها منظمة «تقدمية» ووضعت كلمة «تقدم» في شعار مؤتمرها !! وهكذا إذن فان المكتب التنفيذي ينقسم على أساس 10 من مجموعة جراد و 3 من خارجها وهو ما كان واضحا عند توزيع المسؤوليات إذ ترشح رضا بوزريبة لمسؤولية النظام الداخلي فتحصل على 3 أصوات ثمّ أعاد الترشح لمسؤولية المالية والإدارة فتحصل على نفس عدد الأصوات (صوتان والثالث ملغى) ! ومن أبرز الملاحظات التي يمكن الإشارة إليها عند الإطلاع على قائمة المكتب التنفيذي نذكر: بلغت نسبة التجديد 77.30 بالمائة ويبقى جراد أقدم عضو في المكتب التنفيذي منذ سنة (83) يليه علي رمضان الذي خرج سنة 93 ليعود في مؤتمر جربة أمّا البقية فجميعهم بعد 1987. عضو واحد فقط يعمل في القطاع الخاص (العياري) والبقية في الوظيفة العمومية وهو يعكس توزيع مخرطي المنظمة إذ من حوالي 375 ألف منخرط يوجد 267 ألف في القطاع العمومي أي أكثر من 70 بالمائة !! التعليم ممثل ب 5 أعضاء (2 تعليم أساسي و 2 قيّمين و 1 تعليم ثانوي) ثم نجد النقل والنفقط والكيمياء بعضوين إضافة الى تواجد قطاعات أخرى هي: الفلاحة والعدلية والصحة والبريد. التوزيع الجغرافي للأعضاء نجده كما يلي: 8 من الجنوب (3 من صفاقس و 2 من قفصة و 2 من مدنين و 1 من سيدي بوزيد و 4 من الشمال (تونس وبن عروس والكاف وجندوبة) و 1 من الوسط (القيروان) بينما لا وجود لأي عضو من الساحل والوطن القبلي. يبلغ معدل أعمار أعضاء المكتب التنفيذي حوالي 55 سنة وأكبر الأعضاء سنّا هو جراد (70 سنة) يليه منصف الزاهي (58 سنة) أمّا أصغرهم سنّا فهو بلقاسم العياري (حوالي 45 سنة) ويليه عبيد البريكي (49 سنة ونصف). هذه إذن قراءة أولى لكن أكيد أنّ ملف المنظمة سيبقى مفتوحا... بل حتّى ملف المؤتمر... على الأقل لمدّة 6 أشهر أخرى فللحديث بقية...
عماد الحضري / الحدث (بالاشتراك مع «مبعوثتنا الخاصة للمؤتمر: أسماء البكوش»)