»إلى هذا العالم... وهو يحتفل بالعام الجديد!« كانون الثاني أتى،، وهذه سنة أخرى... بحملها قد مضت، الى عودة... لا بل... إلى رغبة في الزوال!.. ترى يا صاحبي، هل لنا أن نقيم كرنفال الاحتفال!. حزين وجه ذاك المهرج، في حشد هذا الزحام!.. مبكية... رقصاته الدرامية حدّ النحيب!.. حزينة هذه الموسيقى ودقّات الطبول!.. مازال في العالم ما... يبكي جوارح الروح!.،، مازال فيه ما يدمي جسد هذه الدنيا آلاما وجراحا!.، في هذا العالم... قانون الأقوى مازال السائد سلطانا!.. والإنسان... الإنسان لم يصبح بعد انسانا مازال للعالم قطبان: قطب... في الشمال لهم، وقطب في الجنوب لنا!.. لهم عريهم... ونحن... لنا عرينا... سافرا عريهم كان..! غامض عرينا نحن... مثل هذا المدى! لهم، مالهم... ونحن لنا مطر، لكم... خانت دوالينا!.. لنا دنيا... من شاسعات الأماني،،، لكم خابت أمانينا!.. ولنا، ما لنا من فيء الغيمات، لنا... أن نعيد إليها الصهيل!.. في هذا العالم: ظمأى مازلت هذه الأرض المكلومة باستباحتها!.. ظمئى الى جرعة من... ماء السلام..! ظامئا مازال... ذلك الطفل المتلبس بتراها، ظامئ إلى غد... تستوي أحلامه فيه سماء من حمام.!.. هذي العروبة جسد جفاف!.. والدّورق ظامئ لمعتّق كان يلهبها!.. هي الآن، شتات ممزّق الأوصال، فأين عشّاقها اليمتطوا مطايا رحالها؟! وأين... أين صعاليك الهوى تصحو حميتهم لكلّ نائبة، تصيب المرابع في كلّ مضاربها!؟ هي العروبة جسد فلاة!.. وخيولها التي قالوا أصيلة: لقد تهجنت... وعدوها بالضبح قد هجع، فما عاد صهيلها يرهب الاعداء!. وفرسانها... سيوفهم فلت، والسروج قد ضاقت بهاماتهم، فألقت بهم عن متنها... لقد سقطوا على فضيحتهم أذلاء، فانخذلوا.. لا عنترة العبسي قد أشهر سيفه نصرة للشرف الرفيع، ولا »زرقاء«... تستشرف الخطب عن بعد..، كي تشحذ عزيمتها لنزال العدو، فتنتصر!.. قضي الأمر، فهذه سنن لعولمة وحشية، عنوة تجتاح مرابعنا، كم هو هش جسد عروبتنا!.. تسطو عليه بهيمنة، تتملك نواصيه،، لها سحر، من... أساطيرنا الظلماء قد أخذ به فورا قد هدموا قيما كانت ثوابتنا! يا عنفها!.. يا عنفها لقد هدمت تعاليم... بالأمس كانت هي الأسس تبنى على وقعها، أغانينا!.. في عرف هذه العولمة جرم... أن تنتمي إلى فصيلة دمك... جرم... أن تحلم بقصيدة تستثير أحرفها، لكي تعتق الشمس من عقال ظلامها!.. جرم... أن نكون كما نشتهي... نخلا بواحاتنا »مرفوع الهامة يمشي«...!.. جرم أن تعد العدى لنصرة الأوطان من كيد العدى وفي عرف هذه العولمة: محبة الأوطان يا ويحنا، قد أصبحت كبضاعة،، بقدر أثمانها تروج في الورى فتعتنق!؟.. يا لجورها!.. يا لجورها هذه العولمة!. شتى مذاهبها... في كتابها المفتوح لكم، تغرق في أفانين البشاعة!.. إنها تحقن الأجساد بمصل في الشرايين... يزرع داء فقدان المناعة!. يا ويحنا!.. جار الطغاة على ضعفنا بهيمنة،، ومازلنا في كهفنا. نغط في نوم بلا حلم، وقد كنا زمانا أمة... فرسانها صناديد... قد فجروا التاريخ ملاحم: تشتعل بالبطولات!.. قد أعدوا للعدى ما استطاعوا من قوى... فشادوا على كوكب الأرض صروحا...، لأعتى الحضارات!.