قلب العاصمة اليونانية تحطم أيضا. ففي الأشهر الأخيرة، تفشت ظاهرة الإجرام والاتجار بالمخدرات والدعارة في ساحة أمونيا، وسط أثينا، إلي الحد أنها أجبرت العديد من اليونانيين علي الإبتعاد عنها وتفادي عبور شوارعها سواء سيرا علي الأقدام أو بالسيارات. فتقول تاسيا ترينتافيلوبولو المحاسبة التي تعمل في هذه المنطقة، أن »ما نراه في الشوارع الضيقة حول ساحة اومونيا، مشهد يستعصي فهمه« فقد أصبحت تعاني من »الفقر وإنعدام الإنسانية والكثير من العنف«. فهنا تتسول الناس، وهنا تعرض الفتيات القاصرات أجسادهن على المارة، وهنا تباع المنتجات المهربة، وهنا يناضل الأفراد المهمشون اجتماعيا من أجل البقاء علي قيد الحياة بأي وسيلة ممكنة. وقد تكون المشكلة الأكبر في المنطقة هي الاتجار بالمخدرات، حيث تكتظ الساحة بجماعات من المهاجرين الذي يتلكئون للتعامل مع المدمنين، الذين يتوجهون ببدورهم إلي أبواب المباني المجاورة لإعداد وحقن المخدرات على مرأى من المارة. وتقول مارينا فيشو، الناشطة الحقوقية والعضوة السابقة في المجلس البلدي المحلي، أن الأحوال قد تدهورت كثيرا وسريعا في شوارع أثينا منذ بداية هذا العام. فقد أدي »إنعدام الأمن خاصة بسبب الأزمة الاقتصادية، إلي تضخيم موجة كره الأجانب، وأفسح المجال لجماعات اليمين المتطرف المنظمة، لتظهر بمظهر محرري الأماكن العامة من «الغزو الأجنبي» في الأحياء المتدهورة في أثينا«. وتضيف أن هذه الجماعات فرضت وجودها في الآونة الأخيرة، وتعاونت مع بعض السكان وخاصة الشبان من الأصل الألباني، لشن هجمات عنيفة وعنصرية غالبا ما تستهدف الأفارقة والآسيويين. ويكفي التذكير بأن حزب النازيين الجدد »الفجر الذهبي« قد فاز في الانتخابات المحلية الأخيرة في بداية نوفمبر الماضي، بنسبة مذهلة من الأصوات، بلغت أكثر من خمسة في المائة في العاصمة اليونانية وحدها، ما يضمن له مقعدا في مجلس بلدية أثينا. فشرح ديميتريس بساراس، من صحيفة »اليفثيروتبيا« كيف إستهدف المتطرفون اليمينيون، المواطنين الذين يشعرون بالضعف بسبب عجز الدولة عن توفير ظروف معيشية آمنة ومأمونة. فقال »بهذا التصويت (لصالح النازيين الجدد)، أراد العديد من السكان مكافأة حزب »الفجر الذهبي« علي فرضه نظام حماية خاصة علي أيدي »قوات عاصفة«، في ظل تسامح السلطات الرسمية معهم في أحيائهم. وأضاف أن هذا التكتيك يستخدم كحل لمواجهة توافد الأجانب علي هذه الأحياء وبدوره، قال نيكيتاس كاناكيس، رئيس منظمة أطباء العالم في أثينا، لوكالة انتر بريس سيرفس أن إرتفاع أعداد الناس الواقعة في براثن الفقر، إنما هو ظاهرة لا تبشر بالخير بالنسبة لجهود التخفيف من حدة التوتر العنصري في اليونان. وأضاف أن تنفيذ خطة التقشف الصارمة من قبل الحكومة يؤدي إلي تقلص كبير في خدمات الرعاية الاجتماعية، ما يدفع المزيد من الناس نحو مستويات معيشية أسوأ ومنافسة السكان المحليين ضد الأجانب مباشرة. ويشار إلي أن منظمة أطباء العالم، الواقعة وسط العاصمة، توفر الخدمات الطبية للجمهور مجانا، وأنها سجلت زيادة بنسبة 30 في المئة في عدد الأفراد الذين يلتمسون المساعدة. كما إرتفع عدد المواطنين اليونانيون الذين طلبوا مساعدات المنظمة من 7 في المئة إلي 15 في المئة في العام الماضي وحده. وقال رئيس أطباء العالم أن هناك حلولا رخيصة يمكن أن تعمل السلطات بها على الرغم من الركود الاقتصادي، مثل فتح أماكن عامة للنوم ومراحيض عامة في وسط المدينة. هذا وفي ظل غياب الخدمات الاجتماعية الفعالة، ظهرت أشكال أخرى من التنظيم لتأخذ مكانها. فالجماعات العرقية تنظم نفسها وستعتدي بعضها البعض الآخر، وفقا لكاناكيس. وهكذا نشهد حاليا مولد عصابات الشوارع، ونعالج ستة او سبعة ضحايا هجمات عنيفة، يوميا.