حقّق شعبنا يوم 14 جانفي 2011 انتصارا باهرا حين تمكّن إثر شهر من الاحتجاج والتظاهر السلمي من أجل الحقّ في الشغل والكرامة وحياة سياسية متطوّرة من الإطاحة برأس السلطة المتجبّرة والمتعفّنة، وقد قدّم في سبيل ذلك تضحيات جساما. وهو اليوم يواصل نضالاته بنفس الإصرار والعزم على مزيد التضحية من أجل القضاء على الفساد وجذوره وتفرّعاته، والتأسيس لما نتطلّع له جميعا: عيش كريم يقطع مع كلّ مظاهر الحرمان والميز وحكم ديمقراطي مستديم يقي مستقبلا من كلّ أشكال الاستبداد والفساد. والكلّ يتّفق على أن الذي بقي للإنجاز لا يقلّ أهمّية ودقّة عمّا تحقّق، خصوصا أنّ أطرافا عديدة تتربّص بالانتفاضة الحاصلة حتى لا تتحوّل إلى ثورة حقيقية متكاملة الأركان. إن الجامعة العامة إذ تقف مجدّدا بخشوع أمام أرواح شهداء الانتفاضة وتجلّ كلّ جرحاها وتواسي عائلاتهم وكلّ شعبنا في مصابه الأبيّ والجلل فإنّها تدعو مختلف مكوّنات المجتمع، ومن ضمنهم الجامعيون، إلى مواصلة التعبئة واليقظة حتّى نصون ما تحقّق ونواصل التحرّك بالوسائل السلمية من أجل تحقيق المراحل المتبقّية وذلك عبر : 1) إتمام تكوين اللجان الثلاث المعلن عنها (الإصلاح السياسي، التحقيق في التجاوزات الأمنية، تقصّي الحقائق حول مختلف أشكال الفساد) وذلك على قاعدة التمثيل الذي لا يقصي أي طرف وبتوفّر شروط النزاهة والكفاءة والمصداقية لعناصر تلك اللجان حتى تنطلق في أعمالها وتنجزها على الوجه الأكمل وفي أقرب الآجال. 2) قيام حكومة ائتلافية للإنقاذ مهمّتها تسيير الأعمال وتوفير الأمن واتخاذ القرارات المستعجلة (العفو التشريعي العام، الاعتراف بالأحزاب والجمعيات، استرجاع المال المهرّب وتتبّع المهرّبين والمفسدين...) والإعداد في نفس الوقت لانتخابات نزيهة وشفافة بعد مراجعة الدستور والمجلات الانتخابية. وتتمثّل بهذه الحكومة كلّ الحساسيات السياسية ومكوّنات المجتمع المدني والجمعيات الفاعلة وتقصى منها كل العناصر المتورّطة مع النظام السابق والحاملة لفكره وأسلوبه. ونندّد في هذا الصدد بالطريقة التي تمّ بها توزيع الحقائب والمهام الوزارية بالحكومة الحالية دون استيفاء التشاور بخصوصها مع الأطراف المعنية كما نستهجن الطريقة التي خاطب بها وزير الداخلية المواطنين ومجانبته لانتظاراتهم بخصوص حقيقة ما حدث ويحدث على الصعيد الأمني. وتطالب الجامعة العامة بفتح المؤسسات الجامعية لتواصل نشاطها العادي مع إنهاء تواجد البوليس بها حتى تقوم بدورها في الارتقاء بالمعرفة وتكون فضاء للمواطنة المسؤولة. كما تدعو الجامعة العامة كافة الجامعيين بالتواجد اليومي بمؤسساتهم لمسايرة الوضع وكذلك بدور الاتحادات الجهوية لمواصلة الالتحام بالجماهير والإسهام في دفع الانتفاضة الشعبية ودعمها ميدانيا وفكريا. كما أصدرت النقابة الاساسية لكليتي الحقوق والعلوم الاقتصادية والتصرف بتونس بيانا طالبت فيه بالخصوص ب : 1 حلّ الحكومة المعلن عنها التي لا تعدو أن تكون سوى إعادة انتاج للنظام البائد والعمل على تشكيل حكومة انتقالية تضم كل الاطراف الوطنية والديمقراطية. 2 انتخاب جمعية تأسيسية تتولى وضع دستور جديد يؤسس لجمهورية ثانية. 3 حلّ حزب التجمع الدستوري الديمقراطي أداة النظام المهزوم والمسؤول عن حالة الفساد المستشرية بكل مؤسسات الدولة ومصادرة جميع الممتلكات العقارية والعينية التي يتصرف فيها. 4 العمل على محاكمة كل من تثبت ادانته من هذا الحزب في قضايا الفساد والرشوة واختلاس الأموال العمومية والثراء غير المشروع واستغلال النفوذ بشكل فوري. 5 محاكمة رموز الفساد وبقايا النظام البائد بشكل فوري. 6 المصادرة العاجلة لكافة الاملاك الشخصية لبن علي وعائلته واصهاره والمقربين منه وكامل رموز الفساد وتأميمها. 7 العمل على الملاحقة القضائية الدولية لبن علي بتهم القتل الجماعي والتعذيب. 8 محاكمة الرئيس السابق وعائلته أمام المحاكم التونسية. وإذ نحيي موقف الهيئة الادارية للاتحاد العام التونسي للشغل القاضي بسحب ممثليه من الحكومة المؤقتة واستقالة النقابيين من مجلس النواب ومجلس المستشارين والمجالس البلدية وتجميد عضوية الاتحاد بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي فإننا ندعوه إلى مواصلة الاضطلاع بدوره الوطني والاجتماعي التاريخي في هذه المرحلة.