ماذا قال الفنان صلاح مصباح بعد إيقاف شقيقته سعدية ؟    عاجل : 45% من السواحل التونسية مُهددة بالانجراف البحري    السعودية: عقوبة ضد كل من يضبط دون تصريح للحج    ! منديل ميسي للبيع ...ما قصته    كرة اليد: امين درمول في العربي القطري على سبيل الإعارة    بعد التقلبات الأخيرة: ارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة بداية من هذا التاريخ    رئيس كوريا الجنوبية يدعو لإنشاء وزارة لتشجيع زيادة المواليد    حارباه ثم استنجدا به.. ترامب يقلد بايدن ويلجأ لتيك توك    أعوان الشركة الوطنية للسكك الحديدية التونسية يهددون بالإضراب    بدء تشغيل أكبر محطة في العالم لامتصاص التلوث من الهواء    الرابطة الأولى.. تعيينات حكام مباريات الجولة 7 ''بلاي أوف''    سبيطلة.. الإطاحة بمروج مخدرات في الاوساط التربوية    يديمك عزي وسيدي ... أصالة ترد على شائعات طلاقها من فائق حسن    ساهمت في ارتفاع مخزون العملة الأجنبية الى 108 أيام توريد ..تواصل ارتفاع عائدات السياحة وتحويلات التونسيين بالخارج    أبرزهم كاظم وماجدة وحكيم...هل يقدر مهرجان قرطاج على «كاشيات» النجوم العرب ؟    القصرين..مهرجان «الحصان البربري» يعود بعد 19 سنة    ابطال اوروبا.. ريال مدريد يطيح بالبيارن ويضرب موعدا مع دورتموند في النهائي    إرساء تصرّف ذكي في المياه    توقّع تراجع انتاج الحليب في الصيف    في لقاء بوزير خارجية البحرين ... سعيّد يؤكّد وقوف تونس الثابت في صف الشعب الفلسطيني    توقيع اتفاقيات مشروعي إنجاز محطتين لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية الفولطاضوئية    الرابطة الوطنية لكرة القدم المحترفة ترفض اعتراض النادي الصفاقسي ضد الترجي الرياضي شكلا وتقر النتيجة الحاصلة فوق الميدان    تونس تدعو إلى الوقوف صفا واحدا ضدّ حرب الإبادة في فلسطين والتهجير القسري    الأستاذ محمد العزيز بن عاشور يرصد تحولات الموروث الثقافي التونسي في كتاب جديد باللغة الفرنسية    محيط قرقنة يُقصي الترجي من سباق كأس تونس    الرابطة ترفض إثارة النادي الصفاقسي.. و لا ويكلو ضدّ النادي الإفريقي    أول تعليق من عميد المحامين على "أزمة المهاجرين"    عاجل - إغلاق محل لبيع منتجات لحوم الخيول في بن عروس    وكالة التحكم في الطاقة: نحتاج استثمارات ب 600 مليون دينار لتخفيض الاستهلاك الطاقي في البلديات    جامعة السباحة : تفاجأنا بخبر غياب الحفناوي عن أولمبياد باريس    بين المنستير وصفاقس: الاحتفاظ بشخصين والقبض على منظمي "حرقة" ووسطاء    باب بحر: القبض على متورّط في عمليات سرقة    معهد باستور: تسجيل ما بين 4 آلاف و5 آلاف إصابة بمرض الليشمانيا سنوياّ في تونس    90 % من الالتهابات الفيروسية لدى الأطفال لاتحتاج إلى مضادات حيوية    أعوان شرطة بلدية ينقذون طفلين من حريق نشب بمنزلهما    سليانة: تسجيل جملة من الاخلالات بكافة مراكز التجميع بالجهة    هام/ تسميات جديدة في وزارة التجهيز..    وزيرة الإقتصاد في مهمة ترويجية " لمنتدى تونس للإستثمار"    إنقاذ فلاّح جرفه وادي الحطب بفوسانة..    السباح التونسي احمد ايوب الحفناوي يغيب عن اولمبياد باريس    عاجل : قضية ضد صحفية و نقيب الموسقيين ماهر الهمامي    أريانة :خرجة الفراشية القلعية يوم 10 ماي الجاري    قصر العبدلية ينظم الدورة الثانية لتظاهرة "معلم... وأطفال" يومي 11 و12 ماي بقصر السعادة بالمرسى    انطلاق اختبارات 'البكالوريا البيضاء' بداية من اليوم الى غاية 15 ماي 2024    يُوهم الفلاحين بالبحث عن أرض لكرائها ويترصّد مواشيهم ثم يعود ليلا لسرقتها..    عاجل/يصعب إيقافها: سلالة جديدة من كورونا تثير القلق..    جرحى في حادث اصطدام بين سيارتين بهذه الجهة..    بشرى سارة للتونسيين بداية من هذا التاريخ..    تراجع عدد أضاحي العيد ب13 بالمئة مقارنة بالسنة الماضية    هذا ما تقرر في قضية الوثائق السرية للرئيس الأمريكي السابق ترامب..    "دور المسرح في مواجهة العنف" ضمن حوارات ثقافية يوم السبت 11 ماي    محرز الغنوشي: رجعت الشتوية..    سحب لقاح "أسترازينيكا" من جميع أنحاء العالم    بعض مناضلي ودعاة الحرية مصالحهم المادية قبل المصلحة الوطنية …فتحي الجموسي    المهديّة :ايقاف امام خطيب بسبب تلفظه بكلمة بذيئة    متى موعد عيد الأضحى ؟ وكم عدد أيام العطل في الدول الإسلامية؟    مواطنة من قارة آسيا تُعلن إسلامها أمام سماحة مفتي الجمهورية    العمل شرف وعبادة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لا سيادة للشعب دون سحق الدكتاتورية وحلّ الحزب الدستوري الفاشي
شكري لطيف كاتب ومناضل سياسي يساري
نشر في الشعب يوم 22 - 01 - 2011

دخلت الجماهير الشعبية في تونس طيلة الشهر المنقضي في منازلة حاسمة مع الدكتاتورية الغاشمة التي لم تتورّع عن استخدام أبشع وسائل القمع و التنكيل و الاغتيال ضدّ المدنيين العزّل .و قدّمت الجماهير الشعبية أروع أمثلة البسالة و التضحية في سبيل تحقيق انعتاقها من سلطة القهر السياسي و الحيف الاجتماعي و التفاوت الجهوي و الطبقي التي مارستها عليها أقلية رأسمالية عميلة للامبريالية الأمريكية و الفرنسية . ورغم اختلال موازين القوى بين سلطة مدجّجة بالأجهزة القمعية داخليا و بالدعم الامبريالي والرجعي العربي خارجيا، وبين جماهير لا تملك سوى حناجر وسواعد أبنائها وبناتها، عمالها و فلاحيها ، مناضليها و مناضلاتها النقابيين والحقوقيين والسياسيين ، فقد تمكّنت بفضل إيمانها الراسخ بعدالة قضيتها من الانتصار و من بث الذعر في قلب و راس النظام الحاكم الذي تسلّل بكل جبن هاربا تحت جنح الظلام .
غير أن هذا الانتصار التاريخي الذي حققته الجماهير الشعبية في تونس يواجه اليوم و بعد أيام معدودة من هروب الدكتاتور مخاطر جمّة تتهدّده و تعمل جاهدة على احتوائه و تصفيته .
فالإمبريالية الأمريكية و الفرنسية و بعد مباغتتها بالزخم الشعبي الذي جرف عميلها ، اضطرت إلى التخلّي عنه ولفظه كالنواة تماما كما فعلت دوما مع عملائها السابقين الذين انتهت مهامهم ، و هي تسارع إلى توجيه الأحداث في اتجاه دعم سلطة تُواصل الارتباط عضويا بمصالحها الحيوية ، سلطة تضمن وتحافظ على هيمنتها الاقتصادية و على التبعية الكاملة لاستراتيجياتها السياسية والعسكرية من خلال الاتفاقيات و المعاهدات المعلنة والسرية التي فوّت بموجبها النظام الدستوري العميل في كل مُقوّمات السيادة والاستقلال الحقيقي و انغمس في محور تفكيك التضامن العربي و طعن الثورة الفلسطينية في الظهر و التطبيع مع العدو الصهيوني الذي عبّر مسئولوه عن أسفهم البالغ لرحيل بن علي بوصفه من اكبر المؤيدين لهم و عن "خشيتهم من تحوّل تونس إلى دولة تعتبرهم عدوّا وليسو أصدقاء كما اعتبرهم بن علي من قبل".
أما بالنسبة الى الانظمة الرجعية العربية ، فقد تملّكها الهلع من جرّاء النموذج الثوري الباسل الذي قدّمته الجماهير التونسية وهي تسعى بكل قوة إلى الحيلولة دون أن تمسّها العدوى الثورية و تقتلع عروشها الواهية و ذلك سواء بالتشهير علنا و بكل وقاحة بالانتفاضة الشعبية المظفرة و بكيل المديح للسفاح بن علي على غرار ما أقدم عليه العقيد الليبي ، أو بإيواء السفاح وعائلته و توفير الحماية و الرعاية لهم مثلما فعل النظام الوهابي السلفي في السعودية أو بإعلان إجراءات اقتصادية استباقية لترويض شعوبها واسترضائها.
أما على المستوى الوطني فان المخاطر التي تتهدّد الانتصار العظيم للجماهير الشعبية لهما حاليا طابعان مترابطان ارتباطا وثيقا:
- طابع سياسي يتمثل في سعي أركان النظام الدكتاتوري الحاكم وبتوجيه مباشر من أسيادهم الأمريكيين والفرنسيين ، إلى ترميم الثغرة التي ولّدها انسحاب زعيمهم المخزي، و إلى امتصاص الغضب الشعبي عبر إخراج مسرحي كوميدي عنوانه »حكومة وحدة وطنية« وهي حكومة يترأسها رئيس وزراء بن علي لمدة تقارب العقدين ونائب رئيس حزبه ، و أعضاؤها وزراء أوفياء لبن علي و أعضاء في اللجنة المركزية لحزبه ، و أما عنصر الزينة فيها ، فهم أعضاء من أحزاب معترف بها من طرف بن علي وشخصيات غير متحزبة، ارتضوا جميعا أن ينخرطوا ضمن مؤسسات و تحت إمرة أركان سلطة بن علي الدكتاتورية و أعضاء حزبه الفاشي.
- طابع أمني يتمثل في الانفلات الأمني الذي لا يمكن اختزاله في أفراد معزولين أو جهاز متمرّد كما تحاول الدعاية السائدة إيهام الناس به ، بل يتحمّل مسؤوليته النظام الحاكم ككل باعتبار أن هذا الانفلات إفراز مباشر للبنية البوليسية التي قام عليها نظام بن علي الشمولي. وهو يضطلع في هذه اللحظة التاريخية الحاسمة التي يمرّ بها شعبنا بالدور المنوط به على أكمل وجه و هو الدور المتمثل من ناحية في بثّ الرعب و الترهيب في صفوف الجماهير بالتخريب و السطو والقتل بواسطة مجموعات مسلحة و معدّة سلفا ، و من ناحية أخرى وبالتكامل مع ذلك في ابتزاز الجماهير و حملها على التخلّي عن مطالبها المشروعة في الحرية و السيادة و العدالة الاجتماعية ومحاسبة جلاّديها، مقابل الأمن الذي سيتحقق لها بإذعانها و خضوعها و قبولها بتواصل سلطة ومؤسسات و أجهزة نظام بن علي و إن بشكل مُجمّل.
إننا لن ننفكّ عن التأكيد بان الدكتاتورية قائمة ببن علي أو دونه باعتبارها تشكّل بنية النظام السياسي القائم و بان النظام الدستوري العميل فاقد للشرعية ببن علي أو بدونه ، و بان كل مرجعياته و مؤسساته وهيئاته وأجهزته فاقدة للشرعية، فهذا النظام قائم على دستور مكرس للحكم الفردي وعلى مؤسسات صورية منصبة قائمة على الاحتيال وتزوير الإرادة الشعبية وهو اعتمد تاريخيا على وسيلتين اثنتين أساسيتين لضمان ديمومة حكمه هما الأجهزة القمعية البوليسية الرسمية المقدّر عددها بقرابة ال200.000 عنصر، و الحزب الدستوري الذي فقد في الحقيقة ومنذ زمن بعيد كل الصفات المتعارف عليها للأحزاب السياسية و تحوّل إلى تجمّع لعصابات و ميليشيات منظمة و مسلحة تنغرس في كل حي و كل قرية و مدينة كي تراقب المواطنين وتبتزّهم وتنهبهم و كي تتولّى ترهيب و تعذيب المناضلين و المواطنين الأبرياء وتخريب الممتلكات العامة و الخاصة كما شهدنا خلال الفترة الأخيرة و على غرار ما مارسته أثناء كل التحرّكات و الانتفاضات التي شهدتها تونس من انتفاضة جانفي 1978 إلى انتفاضة قفصة 1980 و انتفاضة الخبز 1984 و انتفاضة الحوض المنجمي...
إن هذا الحزب الفاشي المعادي للشعب لا يجب أن يكافئ على جرائمه و خدمته لنظام بن علي الذي مازال يتولّى إلى اليوم رئاسته ، بان تُسند إليه قيادة حكومة تُدعى زورا وبهتانا »وطنية« يرأس نظامها مؤقتا رئيس مجلس نواب مُنصّب و عضو الديوان السياسي للتجمع ،و يضمنها رئيس لمجلس مستشارين مُنصّب وعضو الديوان السياسي للتجمع ووزير داخلية سابق ملاحق في جرائم تعذيب ، ويترأسها نائب رئيس التجمع و عضو ديوانه السياسي .
إن الحفاظ على المكتسبات التاريخية التي حقّقتها ثورة الشعب التونسي ضدّ الدكتاتورية والتفاوت الطبقي والجهوي و الفساد تتطلّب التحلّي بأقصى درجات الوعي و اليقظة و الحزم و عدم السقوط في متاهات التسويات والمساومات مع أركان نظام بن علي وبثّ الأوهام حول إمكانيات إصلاحه من الداخل . و على كل القوى التقدمية والديمقراطية ، على كل النقابيين والحقوقيين ، على كل المناضلين و المناضلات أن يرصّوا صفوفهم و أن يقطعوا الطريق أمام كل محاولة لإجهاض ثورة شعبنا و تحويل وجهتها لصالح السلطة الرجعية القائمة عميلة و راعية مصالح الامبريالية الفرنسية والأمريكية. إن برنامج الحد الأدنى للمرحلة الحالية يتطلب الإسراع بتأليف جبهة واسعة تجمع كل قوى التقدّم والديمقراطية ، كل قوى التحرر الوطني و الانعتاق الاجتماعي ، قوى العدالة الاجتماعية والمساواة بين النساء و الرجال، و ذلك لانجاز القطيعة التاريخية الفعلية و النهائية مع كل أسس و مرجعيات وتمظهرات النظام الدكتاتوري القائم عبر تحقيق المطالب الشعبية التالية :
- محاكمة بن علي و تتبّعه بصفته مرتكبا لجرائم ضد الإنسانية.
- محاكمة عائلة بن علي و كل شركائهم و كل من نهب الشعب التونسي ومصادرة ما نُهب.
- محاكمة كل المسؤولين السياسيين و الأمنيين المركزيين والجهويين والمحليين و محاسبتهم على جرائم القتل و الجرح و الإيقاف و التعذيب التي اقترفت في حق أبناء شعبنا .
- إطلاق سراح كل المساجين السياسيين و عودة المغتربين و سنّ قانون العفو التشريعي العام
- حلّ الأجهزة القمعية البوليسية و حلّ الحزب الدستوري ومحاكمة أعضاء ميليشياته ومصادرة ممتلكاته.
- حلّ مجلسي النواب و المستشارين الصوريين و كل الهيئات المنصبة
- حلّ حكومة بن علي و قيام حكومة انتقالية ذات مهمة محددة هي إطلاق الحريات الفردية و العامة و إعداد انتخابات مجلس تأسيسي يصوغ دستورا جديدا يكرس سيادة الشعب و يضمن له ممارسة حقوقه الديمقراطية واستقلاله الوطني و تقدمه الاجتماعي ونصرته لقضايا الحق و العدل و معاداته للصهيونية وكل أشكال الهيمنة الاستعمارية.
- إجراء انتخابات حرة و ديمقراطية لمجلس النواب و رئاسة الجمهورية
ان المسؤولية ملقاة على القوى التقدمية لتحويل اللجان الشعبية المحلية والجهوية من مجرّد لجان حماية ضدّ تخريب الميليشيات الى نواتات للجان شعبية لحماية المكاسب الثورية التي حقّقتها انتفاضة شعبنا ، لفرض حرية التنظّم و حرية التعبير و حرية التظاهر رغم حالة الطوارئ، و إعلاء صوت الشعب الرافض للمساومة و التلاعب والتسويات مع أعدائه و جلاّديه : نظام بن علي و حزب الدستور.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.