تونس الأولى عالميا في تصدير زيت الزيتون البيولوجي    إتحاد الفلاحة يقترح دعم زيت الزيتون عوض الزيوت النباتية.. #خبر_عاجل    الترجي الجرجيسي الترجي الرياضي: التشكيلة الأساسية للفريقين    عاجل/ الى جانب المنتخب الوطني: 3 تونسيين مرشّحين لجوائز ال"كاف" 2025    سيدي بوزيد: تدخل طبي نوعي لمعالجة تعفن حاد بالمرارة دون اللجوء إلى جراحة    النادي البنزرتي الملعب التونسي: التشكيلة الأساسية للفريقين    وزارة الداخلية تنتدب    عروض سينمائية وموسيقية فرجوية متنوعة في الدورة الثانية من المهرجان الدولي للسينما في الصحراء    تهريب المهاجرين يمثّل 61 بالمائة من جملة الملفات التي تناولتها لجنة التحاليل المالية    احذر: جلطة المخّ...حالة طارئة تتطلّب تدخل سريع    موقع عنق الجمل يستقطب يوميا مئات الزوار مع تواصل أشغال التهيئة والصيانة .. والمطالبة بمزيد العناية بنظافة الموقع    وزارة العدل: انتداب 196 عدل إشهاد و222 خطة للتناظر بين كتبة وكتبة مساعدين للمحاكم    الليغا: إلغاء إقامة لقاء برشلونة وفياريال في ميامي    عاجل : تنجّم تتحصل على برنامج المباريات الكاملة لكأس الأمم الإفريقية 2025    قضية عبير موسي: هيئة الدفاع تكشف عن تطورات جديدة..#خبر_عاجل    عاجل-التفاصيل الكاملة لجريمة بنغازي: 7 أطفال ووالدهم ضحايا القتل    عاجل: تقلبات جوية اليوم... وتَجدّد الاضطرابات نهاية الشهر    رئاسة الحكومة: نحن بصدد مراجعة القوانين لفائدة موظّفي هيئة مكافحة الفساد    الأشقاء يبقون أشقاءً: هكذا علّق قيس سعيد على الجدل بين تونس والمغرب حول التمور    تونس تصنع الحدث.. ضمن أفضل 25 وجهة عالمية في 2026    سليانة: 100 تلميذ وتلميذة سجلوا بالمعهد الجهوي للموسيقي و الرقص خلال السنة الدراسية الجارية (مدير المعهد)    مدنين: تنظيم الدورة الثامنة لمهرجان "الغربوز" ببني خداش من 27 الى 31 اكتوبر    عاجل : الإعلان عن القائمات النهائية لرخص التاكسي الفردي لولاية تونس    عاجل: تعديلات على قانون عدول الإشهاد من بينها إلغاء الطلاق بالتراضي    مصر : سحب أكثر من 17 مليون عبوة دوائية منتهية الصلاحية    عاجل/ تفكيك شبكة دولية لترويج المخدرات..وهذه التفاصيل..    تبادل عنف ورشق بالحجارة داخل حافلة: القضاء يتدخل وهذه حصيلة الايقافات..#خبر_عاجل    مدنين على إيقاع مسرح التجريب    الاحد 26 أكتوبر الجاري يوم بدون سيارات في بلدية الشيحية من ولاية صفاقس    الحماية المدنية : 629 تدخلا خلال24ساعة الماضية    جريمة قتل مروّعة بالمرسى: منحرفون يهشمون رأس عامل يومي بعد سلبه    تونس ضمن أفضل 25 وجهة سياحية في العالم لسنة 2026    دورة التحدي بريست بفرنسا للتنس: التوسي معز الشرقي يغادر من الدور السادس عشر    عاجل/ بلاغ هام للترجي الرياضي التونسي..    فتيات تونس يتألقن في أربيل... تتويج المنتخب للجودو بلقب البطولة العربية!    عاجل/ اصطدام عربتي المترو 5 و3: الكشف عن أسباب الحادث..    بعد خسارة نوبل.. ترامب ينال جائزة "مهندس السلام"    عاجل: واتساب ومسنجر يطلقو أدوات جديدة تحميك من التحيل الإلكتروني!    اللوفر في باريس يعيد فتح أبوابه بعد سرقة قياسية بقيمة 88 مليون يورو    هل تريد يومًا منتجًا؟ لا تفعل هذه الأشياء الخمس عند الاستيقاظ    الجزائر تعود لتطبيق عقوبة الإعدام بعد 32 عاماً..هذه الجرائم المعنية    زلزال بقوة 5.6 درجة يضرب قبالة ساحل الإكوادور    العدل الدولية تُصدر اليوم حكماً في قانونية منع إدخال المساعدات للقطاع    طقس اليوم: أمطار بالشمال وانخفاض في درجات الحرارة    الكونغرس يلاحق بيل كلينتون في قضية إبستين المثيرة!    قيس سعيد: بلاغ استثناء المغرب من تصدير التمور غير مسؤول يقتضي الواجب مساءلة صاحبه    يوم الخميس مفتتح شهر جمادى الأولى 1447 هجري (مفتي الجمهورية)    مصر.. اكتشاف تمثال ونفق يقرب العلماء من مقبرة الملكة كليوباترا    عاجل: مفتي الجمهورية: الخميس 23 أكتوبر أول أيام شهر جمادى الأولى 1447 ه    الدورة 28 للمهرجان الوطني لمسرح التجريب بمدنين مهداة لروح مؤسسها الفقيد أنور الشعافي    المؤتمر الثامن للطب العام والعائلي: مقاربات طيبة ونفسية واجتماعية للتهرم المتزايد للسكان في تونس    المهدية: انطلاق موسم جني الزيتون يوم 4 نوفمبر القادم وتقديرات بإنتاج 140 ألف طن    صندوق النقد الدولي يرفع توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لعام 2025 إلى 3.3 بالمائة..    تأمينات البنك الوطني الفلاحي: رقم الأعمال يزيد ب9،8 بالمائة ويبلغ 136 مليون دينار موفى سبتمبر 2025    بمناسبة الذكرى 77 لتأسيسها: الخطوط التونسية تطلق عروضا استثنائية لمدة 77 ساعة    مواطنة من أمريكا تعلن إسلامها اليوم بمكتب مفتي الجمهورية!    دراسة علمية تربط بين تربية القطط وارتفاع مستوى التعاطف والحنان لدى النساء    التوأمة الرقمية: إعادة تشكيل الذات والهوية في زمن التحول الرقمي وإحتضار العقل العربي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حجز الكاميرا وقمرة القيادة ملاذ آمن
«الشعب» في مطار طرابلس وليلة رعب أبطالها طاقم «الطيران الجديد» ذيول الفساد يحوّلون المحطة التونسية إلى سوق ودلال
نشر في الشعب يوم 05 - 03 - 2011

رحلتنا الخميس الماضي الى العاصمة الليبية تعدّ من أخطر وأقسى الرّحلات وأعسر المهمات التي حظيت بشرف القيام بها طوال حياتي الصّحافيّة سواء مع »الشعب« أو غيرها من المحطات الاعلامية... رحلة هزني فيها رعب لم يُلمّ بي حتى عندما أدركنا الصلف الامريكي على الحدود العراقية الاردنية، أو الآلة الصهيونية على مشارف غزة وقبلها في الضفة عند اصابة جمال الدرّة واستشهاد نجله.. أو على خطوط النار في بنت جبيل وقانا، ومارون الراس والليطاني في جنوب لبنان... أو في زنزانة المخابرات البريطانية في »دوفر« شرق العاصمة البريطانية بموجب قانون الارهاب للمرجوم مرجوم الاحذية جورج دوبل يو بوش... كل هذه المواقف التي لا يعلم سوى الله حجم هولها ورعبها عادلتْ ليلة رعب طويلة في العاصمة الليبية طرابلس...
❊ من المرسى...!
هو مثل شعبي نصّه »من المرسى بدينا نقدفو« مثل تجسّم في هذه الرحلة على متن الطيران الجديد الى مطار طرابلس لترحيل ابناء جاليتنا في ضوء الاحداث رحلة شابتها صعوبات الانتظار في مطار المنستير حيث بقينا هنا أكثر من أربع ساعات في انتظار اقلاع مبرمج للساعة الثامنة مساء ولم يتمّ الا في حدود منتصف الليل!! بحكم تعذّر الهبوط بمطار طرابلس نتيجة زحمة الطائرات وعجز المدرج على التحمّل. وبعد ساعات طويلة انطلقت الرحلة المضنية وسط لا مبالاة الطاقم المتطوع لا بالمخاطر ولا بالكرى المهجور... وانما كان اندفاع وحماس وتضحية للتاريخ لم نر لها مثيلا حيث كان من الصعب جدا وخاصة بالنسبة إلى هذه الشركة بالذات »الطيران الجديد« أن تحلق طائراتها فوق العاصمة المشتعلة طرابلس وتخترق أجواء تترصدها أراض تعج بسلاح منهوب وعتادٍ رهيب بين أيادٍ قد تكون لا هوية لها...
❊ »سبْهة« أو قاضي الطلاق!
هذه الساعات الطويلة والاطول كانت فرصة للتحقيق في قضية طبقت الافاق عبر كل قنوات العالم ومفادها أن احدى طائرات الشركة نقلت مرتزقة للقتال في طرابلس... عبر رحلة من الصحراء الليبية وتحديدا من »سبهة« الى العاصمة. هذا الموضوع كان محور تحقيقنا مع مصادر مأذونة في تونس وطرابلس والذي انتهينا فيه الى المعطيات التالية حسب مصدرنا الذي يقول »في مطار سبهة وخلال رحلة عادية تفطن الطاقم إلى أن الركاب لا يتوفرون على أمتعة مما لفت الانتباه فتمّ اخطار قائد الطائرة الذي بدوره مرر المعلومة إلى ادارة الطيران الجديد بتونس التي قامت باعلام السلطات الليبية وشركة الطيران المحلية بانها غير مستعدة لنقل هذه النوعية من المسافرين خاصة لما تأكد ان هؤلاء كانوا من جهاز معين لقمع المظاهرات وهو الأمر الذي أدى في النهاية الى المطالبة بفسخ العقد الذي يجمع الطيران الجديد بالخطوط الليبية منذ ما يقارب العشر سنوات« ويضيف مصدرنا »أنّ اقدام الشركة على هذه الخطوة رغم قيمة العقد المذكور أعلاه ورغم الظروف الاقتصادية المحلية والعالمية وهي الحقيقة التي تمّ تأويلها من قبل البعض« ويضيف المصدر أن الشركة وحدها المسؤولة عن قرار فسخ العقد والعاملة على تنفيذه.. كما أكّد أنه كان بامكان الشركة التجاوز عن أمر ركاب »سبهة« لانها شركةً ناقلةً غيرُ مسؤولةٍ بأي شكل من الاشكال عن اخلالات الخدمات الارضية الليبية التي هي وحدها فقط مسؤولة عن قبول الركاب ومراقبة امتعتهم وباختصار عن كل عمليات التسجيل على الارض.. ورغم ذلك وفي ظلّ الاوضاع التي يعرفها القطر الشقيق رفضت الشركة الدخول في متاهات ضُرُّهَا اكثر من نفعها وطبقت الشعبي السائد »حانوت مسكّر ولا كرية مشومة«.
❊ زادهم... عطش...
بعد التحقيق في هذه المسألة انصرفنا الى الاطلاع على حال الركاب أي المهاجرين الذين اضناهم العطش والجوع والبرد والخوف والسّهر... حيث فيهم من قضى أيامًا بلياليها تحت وطأة الانتظار المرير.. وأمام صولجان النقال »الوطني« الذي أبدع في التنكيل بهؤلاء البسطاء الجوعى المرعوبين فمرّة يوصد أمامهم أبواب الامل في العودة ومرّة ينهرهم، ومرّة يقترح عليهم مبالغ مالية متراوحة بين 150 و200د نظير وصل قبيح الشكل ورديء الخطّ... ومن لا يدفع »يستنّى البلوشي« وراهو »يبطى شويّة«.. هكذا بكل شماتة يقول بعض المسافرين الذين استجوبناهم على متن رحلة الطيران الجديد«..
كما أفادنا مصدر في مبنى الركاب بأنه كان من المعيب جدّا تبجيل المسافرين على خطوط »الغزالة« على غيرهم من المسافرين حيث كان من المفروض اقلاع رحلتنا نحن على سبيل المثال قبل رحلة الخطوط التونسية بثلاث ساعات ولكن صاحب القول الفصل هو ذاك »الأبو توْصيل« الذي تحدث عنه عشرات المسافرين المتظلمين!!
❊ شهادات
بقدر تبرمهم من سوء معاملة وتصرف الناقلة الوطنية فقد سجلنا عديد الشهادات المنوهة بسلوك وتصرفات الاشقاء الليبيين من ذلك مثلا ما أدلى لنا به المواطن وسام الريابي من بوسالم والذي أفاد بانه عامل ميكانيك منذ سنوات وعومل معاملة حسنة وأوصل من قبل عرفه الى المطار مع كل أمواله ولم يسمع في الطريق الا جملة واحدة من أحد المتظاهرين أدخلت عليه بعض الخوف »التوانسة خليتوها علينا اللّه يخليها عليكم« ولكنه لم يلمسه بأذى أما السيد طارق بن عمار الذي يعمل في القطاع الفلاحي بطرهونة فأكد أنّ ممارسة التاكسيات كانت رديئة حيث طالب أحدهم ب 700 دينار ليبي لقاء نقله إلى رأس جدير!!
وأما السيد عثمان الصولي من »دوز« فعبر عن خوفه من استعمال شريحة هاتفه الجوّال الذي انتزع منه لاغراض أخرى وكانت أولا ما اخطار أهله بأنه انتقل الى الرفيق الأعلى!! والحمد لله انه اتصل بأهله من هاتف اخر فوجدهم يندبون فراقه فحول مأتمهم الى عرس!!
أما السيد محمد الحاج علي من شربان ولاية المهدية فصرح بأنه لم يصب بأذى ويحمد الله انه أرسل أمواله قبل الثورة... وهو ذات القول الذي أدلى به الصادق السعداوي من سبيبة والعامل بقصر بن غشير والذي أكد أنّ اخبار الفضائيات لا وجود لها على أغلب المناطق حيث يعمل ويضيف لقد سمعنا الكثير ولم نر شيئا... وهو ذات الموقف لناصف الحاج حسين من الهوارية ولاية نابل والقادم من زليطن الذي شكر الاجوار الذين لم يتنكروا للماء والملح وعاملوهم باحترام وعطف تجلى في تدخل المولدي بن ابراهيم من طبلبة فأكد ان اهالي زليطن كانوا نعم السند للجالية التونسية وتزويدهم بما يحتاجون الى حدّ ان احد الاشقاء تبرع ب »حُوش« أي دار كامله لايواء من تقطعت بهم السبل من أماكن أخرى...
❊ خوف لا غير...
من خلال هذه الشهادات وعلى الاقل من خلال هذا الفوج لم نسمع اخبارًا عن اصابات او أعمال عنف لحقت جاليتنا عدا حديث عن اختفاء ثلاثي من جهة الحنشة ولاية صفاقس ويعمل في مصراته وهم محمد الشرودي ووجدي حمدي ووسام اللافي والذين انقطعت أخبارهم وتعمل السلطات على متابعة موضوعهم... وفيما عدا ذلك فإن الضرر كان ماديّا فقط حيث عاد الكثيرون دون أموالهم بحكم غلق المصارف بناء على الظروف الحالية مع تلقيهم وعودا بتسلم أموالهم متى عادوا الى القطر الشقيق والا سيتصلون بحوالات بريدية.
❊ »أخضر« زائل و»خضراء« خالدة...
هي المواقف المعبرة التي اهتزت لها الطائرة وذرفت لها الدموع ذاك الموقف الصادر عن أحد أفراد الطاقم عند التأهب للنزول بمطار المنستير والذي مفاده أن أيام الكتاب الاخضر ولّت... وأيام الخضراء الاجمل قادمة حينها انطلقت الحناجر والاكف في هستيريا فرح جميل الى حدود بهو المطار بل اكثر من ذلك الى مأوى الحافلات التي أعدّت لنقل العائدين كل الى بلدته أو جهته بحكم تنوع عناوين الركاب من مختلف أنحاء الجمهورية.
❊ استعداد للزّمن الصعب
بقدر ما كانت الفرحة عارمة بالعودة السالمة كان التخوف من القادم مسيطرا على عديد العائدين، حيث لا أموال معهم ولا شغل في الأفق في ظلّ الاوضاع التي تعيشها البلاد.. مما يطرح تساؤلات عدّة حول مصير آلاف العائلات الذي سيبقى مشرعا على المجهول ما لم تتحرك الجهات المعنية وصاحبة القرار لتطويق أزمة لا يعمل أبعادها أحد.
❊ شباب الثورة والإيثار
نقصد هنا تحديدا طاقم الطائرة المتطوع والرافض لأي أجرة أو امتياز من شركة الطيران الجديد بل والمتنافس بحدة أحيانا على تقديم الخدمة للجالية في مثل هذا الظرف وهو ما سمعناه من كل أفراد الطاقم وهم: القائد مهدي كعبار ومساعده راجح بوغزالة ورئيس الطاقم حسني برق الليل والمضيفون سفيان العذاري، نسرين النفزي، وليد العاتي ورئيس قسم العمليات بوبكر بن هندة ومعدّ العمليات الجوية زياد بلحاج علي وعنصرا الامن الجوي ثابت بن نصر وشكيب عتب... هؤلاء قضوا الليالي الطوال في مطارات ليبيا من أجل عمل انساني قالوا إنه رافد من روافد ثورة تونس سيستمرون فيه الى ابعد مدى ممكن.. ولعلّي اكون جاحدا اذا لم اذكر مساعدتهم لي ودعمهم اللامحدود الذي اختصره الشاب المتألق مهدي كعبار قائد الطائرة في القول: »ان سلامتك من سلامة الطاقم والكوكبيت (أي غرفة القيادة) هي بيتك« ماذا بعد هذا... واللّه آيات الشكر لا تكفيكم يا أبطال... خاصة في ظلّ الحصار المضروب على الصحافة في مطار طرابلس حيث أن كل من يحمل هذه الصفة معرض »للسفر« وراء الشمس!!
❊ ملاحظة: كل الرحلات من مطارات ليبيا كانت ومازالت بالمجان...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.