سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الحذر ثم الحذر وجهة نظر حول التعددية النقابية والسياسية بتونس بعد الثورة:
بقلم: النقابي المنصف بالحولة الكاتب العام المساعد للنقابة العامة لعملة التربية
قبل التعرض الى جوهر الموضوع الذي أقصده بالرأي والمتعلق بالتعددية النقابية والسياسية في تونس أرى من الواجب ان أترحم على شهداء الثورة الذين قدّموا لنا الحرية بدماءهم الزكية وذلك باسقاط النظام ورئيسه وأشكر شباب تونس على وعيه وشجاعته برعاية الثورة وتخليص البلاد من كل أزلام النظام السابق ليعيش شعب تونس حرا مستقلا وديمقراطيا تجسيما للشعار الذي غالبا ما يردده النقابيون في جميع تحركاتهم ونضالهم ومواقفهم. وأذكر الاخوة النقابيين والقراء الاعزاء ببعض إسهامات الاتحاد العام التونسي للشغل المنظمة الأم للشعب التونسي بما قدمه مناضلوها في المراحل التاريخية التي مرت بها تونس بدءا بمعركة التحرير ومقاومة الاستعمار الفرنسي وما قدمه من شهداء على رأسهم الشهيد فرحات حشاد مؤسس الاتحاد العام التونسي للشغل وأحمد التليلي الذي قاد الثورة والكفاح المسلح وغيرهم من المناضلين النقابيين الذين شاركوا في بناء الدولة بعد الاستقلال في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية بما يحتم على كافة النقابيين والشعب التونسي العظيم المحافظة على منظمتهم الاتحاد العام التونسي للشغل الضامن لحقوق الشغالين بالفكر والساعد والمعدل للسياسات والقوانين التي تسن لتطبق بعدل وانصاف بين جميع مكونات المجتمع التونسي المتحضر خاصة في هذه المرحلة الحساسة والخطيرة التي تشهدها البلاد والتي تتسم بالغموض في ظل التجاذبات السياسية وبروز العناصر الانتهازية للركوب على الاحداث لتحقيق المآرب الشخصية تهمش فيها المناضلون الصادقون والكفاءات السياسية القادرة على انقاذ الوطن من المجهول الذي تسير فيه وعزل الجهات المشبوهة التي تعمل على اجهاض الثورة وأهدافها. ان المرحلة القادمة تدعو وبكل إلحاح الى تكاثف مجهودات الجميع لمزيد التوحّد والتضامن والتآزر لتجنب منظمتنا الاتحاد العام التونسي للشغل من داء الفتنة والتشكيك والتقسيم في ظل ما تم الاعلان عنه ببعث الجامعة العامة التونسية للتدخل في اطار التعددية النقابية. ورغم تقديري واحترامي للاخوة النقابيين ابناء الاتحاد الذين اجتهدوا وسعوا الى بعث نقابة مستقلة نتيجة ما رأوه صوابا امام بعض الاخطاء التي ارتكبت في حقهم. وبقدر تفهمي لرغبتهم ونزاهة مسعاهم فاني أسجل خوفي على تماسك الشغالين التونسيين في ظل تعددية نقابية يسمح بها القانون وأتساءل مثل غيري هل في صالح الشغالين تقسيم الحركة النقابية التونسية؟ ومن يمثل الاغلبية؟ وكيف ستكون؟ المفاوضات مع الاطراف الأخرى؟ أم سنعيد تجربة الثمانيات بعد انشقاق عبد العزيز بوراوي وزملائه من اعضاء المكتب التنفيذي عن الاخ الحبيب عاشور وبعث الاتحاد الوطني؟ هل هذه البداية وننتظر بعث منظمات نقابية أخرى؟ هل هذه التعددية ستكون قادرة على ترسيم أو اصلاح الوضع النقابي؟ هل في وجود التعددية النقابية تتحقق مطالب الشغالين الذين سيكونون حتما منقسمين؟ هل في مقدور المنظمة الجديدة استيعاب الشغالين والكوادر النقابية الغاضبين او الذين لم يجدوا حظهم ويعيشون التهميش؟ هل هذا هو الحل الأمثل لخلق التوازن في الساحة النقابية؟ أسئلة متعددة وكثيرة يطرحها كل نقابي وعقل نزيه لأن وحدة الصف النقابي هو صمام أمان للسلم الاجتماعي واستقرار توازن النسيج الاجتماعي بالبلاد باعتبار بلادنا لا تملك موارد طبيعية مهمة بقدر ما تملك من موارد بشرية ذكية، إن الواجب يدعو اليوم الى المحافظة على وحدة المنظمة النقابية الاتحاد العام التونسي للشغل للارث التاريخي المجيد وما أثبته المناضلون النقابيون في صلبه من وعي باحتضان الثورة وحماية الشعب من أعمال الشغب وتأطير الثائرين في جهاتهم بالاتحادات الجهوية والمحلية المناضلة. وفي المقابل على الاتحاد ان يعيد النظر في طريقة عمله بفسح المجال امام كل الكفاءات التي تستطيع تأمين المسيرة النقابية دون تعثر خاصة بعد الثورة بالحد من مركزية القرار النقابي والمبادرة بتغيير هيكلة الاتحاد وتحويله الى كنفدرالية يجمع النقابات دون استثناء في اطار مراجعة شاملة لقانونه الاساسي وهيكلته بشكل يجد الجميع ضالته في المساهمة في بناء او اعادة بناء الحركة النقابية دون المساس من ثوابتها التي بني عليها. اما في الجنب السياسي بعد الاطاحة بالنظام السابق شهدت الساحة السياسية في ظل التعددية المفرطة للأحزاب التي بدأت تنتشر كالفقاقيع والتي وصلت الى حدّ علمي الى ما يزيد عن 50 خمسين حزبا (منهم من حصل على التأشيرة ومنهم من ينتظر) لشعب لا يتجاوز 11 مليون نسمة! وفي الحالة تلك سنشهد تجاذبات سياسية وايديولوجية وقبلية ربما تزيغ بالمشهد السياسي عن الطريق الذي سيحمي الثورة وأهدافها في الحرية والكرامة الوطنية التي ناضل الشعب بكل فئاته شبابا وشيبا فخوفنا الكبير على الديمقراطية غير المسؤولة فتضيع الحرية بالحرية المفرطة والمزايدة على الشعب الطيب بالركوب على نضالاته لغايات سياسيوية خاص. وحتى لا يفهم قصدي خطأ فأنا مع الحرية المسؤولة لأن التشتت سيفتح الباب بمصراعيه امام مغامرة خطيرة تؤدي الى المجهول ويستغلها المغرضون لمواصلة الفوضى والتخريب لممتلكات الناس والمرافق العمومية باسم الحرية والثورة ربما يبرره البعض بهيمنة حزب على اخر، لأن من سيكون اكثر تنظيما سيحصل على الأغلبية النيابية وحتى الرئاسية وربما ترمي بنا الى رجوع الدكتاتورية في ثوب جديد أو بروز جهات فاشية ورجعية تقضي على أمل الشعب في الحرية والديمقراطية. ان النضج السياسي يحتم على العقلاء من السياسيين والنقابيين والمحامين والاطباء والاساتذة والشباب المثقف وكل المجتمع المدني والشعب التونسي بأسره ان يصدعوا بالحقيقة وان تتحول الأغلبية الصّامتة الى أغلبية فاعلة بما يحمي البلاد والعباد بالمساهمة في بلورة الافكار وتحديد الأولويات العاجلة والانتصارات الآجلة بما يحقق اهداف الثورة. فالتشتت السياسي لا يخدم المصلحة العامة حسب رأيي مع احترامي للرأي المخالف لأن الحكمة تقول القوة لمن توحدوا. فلابد من ادماج الاحزاب التي لها قواسم مشتركة في أهدافها في تنظيم واحد لمواجهة الآخر في الانتخابات القادمة وعلى السياسيين الراغبين في احتلال مواقع في السلطة القادمة التحلي بالواقعية ونكران الذات مع المحافظة على ثوابتهم وأهدافهم في اطار وفاق بينهم يُحقق لهم مواقع مهمة مستقبلا وفي هذا الاطار أدعو شباب تونس العظيم الذي قاد الثورة والساهر على ان لا تسرق منهم بالمشاركة الفعلية وخاصة في عملية التصويت بالاستعداد من الآن وتسخير وسائل الاتصال الحديثة لتحقيق هذا الهدف والدعوة الى اعتماد بطاقات التعريف في عملية التصويت والقطع مع الاسلوب البائد الذي يعتمد البطاقات الانتخابية التي لا تصل الى من يحق له التصويت طبقا للقانون. هذه بعض الافكار سقتها مساهمة مني في بلورة الافكار لما فيه مصلحة تونس عامة والاتحاد والشغالين خاصة واللّه يحمي تونس وشعبها من كل مكروه.