تونس تحتفل بعيد الشغل العالمي وسط آمال عمالية بإصلاحات تشريعية جذرية    دوري ابطال اوروبا.. التعادل يحسم مباراة مجنونة بين البرسا وانتر    شهر مارس 2025 يُصنف ثاني الأشد حرارة منذ سنة 1950    يظلُّ «عليًّا» وإن لم ينجُ، فقد كان «حنظلة»...    الاتحاد يتلقى دعوة للمفاوضات    تُوّج بالبطولة عدد 37 في تاريخه: الترجي بطل تونس في كرة اليد    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    قضية مقتل منجية المناعي: إيداع ابن المحامية وطليقها والطرف الثالث السجن    رحل رائد المسرح التجريبي: وداعا أنور الشعافي    القيروان: مهرجان ربيع الفنون الدولي.. ندوة صحفية لتسليط الضوء على برنامج الدورة 27    الحرائق تزحف بسرعة على الكيان المحتل و تقترب من تل أبيب    منير بن صالحة حول جريمة قتل المحامية بمنوبة: الملف كبير ومعقد والمطلوب من عائلة الضحية يرزنو ويتجنبو التصريحات الجزافية    الليلة: سحب مع أمطار متفرقة والحرارة تتراوح بين 15 و28 درجة    عاجل/ الإفراج عن 714 سجينا    عاجل/ جريمة قتل المحامية منجية المناعي: تفاصيل جديدة وصادمة تُكشف لأول مرة    ترامب: نأمل أن نتوصل إلى اتفاق مع الصين    عاجل/ حرائق القدس: الاحتلال يعلن حالة الطوارئ    الدورة 39 من معرض الكتاب: تدعيم النقل في اتجاه قصر المعارض بالكرم    قريبا.. إطلاق البوابة الموحدة للخدمات الإدارية    وزير الإقتصاد يكشف عن عراقيل تُعيق الإستثمار في تونس.. #خبر_عاجل    المنستير: إجماع خلال ورشة تكوينية على أهمية دور الذكاء الاصطناعي في تطوير قطاع الصناعات التقليدية وديمومته    عاجل-الهند : حريق هائل في فندق يودي بحياة 14 شخصا    الكاف... اليوم افتتاح فعاليات الدورة العاشرة لمهرجان سيكا جاز    السبت القادم بقصر المعارض بالكرم: ندوة حوارية حول دور وكالة تونس إفريقيا للأنباء في نشر ثقافة الكتاب    عاجل/ سوريا: اشتباكات داخلية وغارات اسرائيلية وموجة نزوح..    وفاة فنانة سورية رغم انتصارها على مرض السرطان    بمناسبة عيد الإضحى: وصول شحنة أغنام من رومانيا إلى الجزائر    أبرز مباريات اليوم الإربعاء.    عملية تحيّل كبيرة في منوبة: سلب 500 ألف دينار عبر السحر والشعوذة    تفاديا لتسجيل حالات ضياع: وزير الشؤون الدينية يُطمئن الحجيج.. #خبر_عاجل    الجلسة العامة للشركة التونسية للبنك: المسيّرون يقترحون عدم توزيع حقوق المساهمين    قابس: انتعاشة ملحوظة للقطاع السياحي واستثمارات جديدة في القطاع    نقابة الفنانين تكرّم لطيفة العرفاوي تقديرًا لمسيرتها الفنية    زيارات وهمية وتعليمات زائفة: إيقاف شخص انتحل صفة مدير ديوان رئاسة الحكومة    إيكونوميست": زيلينسكي توسل إلى ترامب أن لا ينسحب من عملية التسوية الأوكرانية    رئيس الوزراء الباكستاني يحذر الهند ويحث الأمم المتحدة على التدخل    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    ابراهيم النّفزاوي: 'الإستقرار الحالي في قطاع الدواجن تام لكنّه مبطّن'    القيّمون والقيّمون العامّون يحتجون لهذه الأسباب    بطولة إفريقيا للمصارعة – تونس تحصد 9 ميداليات في اليوم الأول منها ذهبيتان    تامر حسني يكشف الوجه الآخر ل ''التيك توك''    معرض تكريمي للرسام والنحات، جابر المحجوب، بدار الفنون بالبلفيدير    أمطار بكميات ضعيفة اليوم بهذه المناطق..    علم النفس: خلال المآزق.. 5 ردود فعل أساسية للسيطرة على زمام الأمور    بشراكة بين تونس و جمهورية كوريا: تدشين وحدة متخصصة للأطفال المصابين بالثلاسيميا في صفاقس    اغتال ضابطا بالحرس الثوري.. إيران تعدم جاسوسا كبيرا للموساد الإسرائيلي    نهائي البطولة الوطنية بين النجم و الترجي : التوقيت    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    في جلسة ماراتونية دامت أكثر من 15 ساعة... هذا ما تقرر في ملف التسفير    ديوكوفيتش ينسحب من بطولة إيطاليا المفتوحة للتنس    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    شحنة الدواء العراقي لعلاج السرطان تواصل إثارة الجدل في ليبيا    الميكروبات في ''ديارنا''... أماكن غير متوقعة وخطر غير مرئي    غرة ذي القعدة تُطلق العد التنازلي لعيد الأضحى: 39 يومًا فقط    تونس والدنمارك تبحثان سبل تعزيز التعاون في الصحة والصناعات الدوائية    اليوم يبدأ: تعرف على فضائل شهر ذي القعدة لعام 1446ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إلى صغار المستبدّين في الإدارات التونسية
نشر في الشعب يوم 12 - 03 - 2011

الإهداء: إلى روح أبي صالح ساسي المناضل النقابي الذي اختطفته يد المنون يوم 5 أوت 2010 وطورد أيام 26 جانفي 1978 وبقي سنة كاملة دون مورد رزق... الى روح أخي النبيل فاضل ساسي الذي استشهد يوم 3 جانفي 84.
أنا حكاية نساوْها الغزلان في الصحراء. وأنا الفجر يخبّي دموعو عند الورد... وشوشت للقمره وقلتلها أعطيني شويه نجوم وبديت نسمّي هذي نجمة باسم أول مواطن أو مواطنة طبعا عذّب من أجل أفكاره أو استشهد برصاص غادر أثناء إحدى المظاهرات وهذه نجمة باسم شهيد آخر... الى اخر فرد استشهد هذه الأيام.
كإني جوّه المظاهره طالب
هتف بإسمك ومات معبّد (1)
أو أظنها طلقات الغدر حين هوت
تكاد لو أبصرت عيناك تعتذر
كأنما أمة في شخصك اجتمعت
وأنت وحدك في صحرائها المطر (2)
... غمّست بلومتي في قوس قزح وبديت نكتب... وللتوضيح أقول.
❊ لا أتصوّر إنسانا سويا وعاقلا وناضجا ويكون جديرا بلقب إنسان يتحامل مجانيا ودون موجب على أشخاص.
❊ الانتماء المذهبي أو الجهوي أو العشائري أو العائلي أو الثقافي أو السياسي لا يمنح بالضرورة حصانة ضد القذارة أو التجاوزات أو استغلال النفوذ أو استعباد الناس أو الظلم... في نفس العائلة قد نجد النظيف ونجد المرتشي... ولنأخذ مثلا ولاية »سيدي بوزيد«... فكما أنجبت شهداء دفعوا دماءهم ثمنا غاليا للحرية أنجبت أشخاصا موالين للسلطة البائدة كانوا يرتكبون مختلف أنواع المظالم والحماقات...
❊ المسألة التي أطرحها من خلال هذه الكلمات التي أتمناها خفيفة كنسائم الحرية ولا أتمناها ثقيلة مثل الظلم والفساد والاستبداد بالرأي ومعاملة الأشخاص حسب الأهواء لا حسب القوانين وأنا أعجب لشخص يأتي عملا ضدّ المبادئ والأخلاق فلا يخجل أما حين يعدّد طرف مقابل تلك الأعمال يغضب ألم يشعر بالحرج حين قام بها؟ ولماذا يتململ حين نذكرها؟ أيهما أعظم إتيانها أم ذكرها؟ ذلك النوع من الناس لا يتحمل وزر ما يقوم به.
❊ لا أعتبر المسألة شخصية بل هي من صميم الاصلاح الاداري الذي لن يكون فوريا طبعا بل سيأتي على مراحل لأن المستفيدين لن يفرطوا بسهولة في امتيازاتهم... فدون القضاء على هؤلاء مسؤولين وموظفين وأعوانا لن تستقيم الأمور بل سيكون الاصلاح أعرج. فالخورُ والتسيّب والتجاوزات ومعاملة الموظفين بميزانين مختلفين حسب درجة الولاء والذل وكل تلك الاشياء تقضي على كل حماس قد يتحلى به الموظف الجدي وتجعله يصاب بالاحباط ويعمل في ظروف سيئة يسودها عدم الطمأنينة والتهديد... وأنا متأكدة أن ناسًا كثيرين سيجدون ضالّتهم في هذه الأسطر لتشابه ما سأوريه مع ما عاشوه في ادارات أخرى بتراب الجمهورية ورغم حزني العميق على أرواح الشهداء وضياع ممتلكات بعض الابرياء فإنني تنفست الصعداء بعد انتصار الثورة التي رفض وزير الخارجية الموقر نعتها بذلك لأنني ظلمت عدة مرات وأنا متأكدة أن العديد في وضعي وقد عجبت لأمري كيف تماسكت ولم أشهر سكينا في وجه ظالميَّ الذين جعلوا أعصابي دائما مشدودة رغم ما كنت أبذله من جهد بشهادة الجميع من ذلك أنني تطوعت للقيام بعمل شاق ليس من مشمولاتي لأعوام متتالية وبدل ان تقع مكافأتي بالكلمة الطيبة كنت في كل مرة أُفاجَأ بطلب غريب وعبثي يقتضي نقلي من المصلحة التي أنتمي اليها حتى أنني ظلت أنني خِلْتُ في المرة القادمة الى خيمة في سطح الادارة أو يقع إلحاقي بعطار الحومة...
... في تلك الايام القريبة البعيدة التي كنا نستمتع فيها بثمانية حصص رياضية في الاسبوع... كنت أعدّد المحللين الرياضيين فأجدهم 11 مليونا أما اليوم فقد أصبحنا نعني بذلك العدد المحللين السياسيين...
... لا أحد بإمكانه مصادرة حرية الآخر في التعبير عن رأيه... ولكن... القليل من التواضع من فضلكم فهناك فرق بين إبداء الرأي وبين استعراض العضلات والادعاء بأحقية النضال والوطنية... العديد من الاكفاء وأقصد بذلك من يملكون خلفية معرفية ثرية وعميقة وخبروا الحياة والناس ولهم باع في إعمال الفكر محققين الاضافة حائزين على نظرة استشرافية تأخذ بعين الاعتبار عدة عوامل كالوقت والأولويات ونوعية الطرح والخطاب وخاصة حرص شديد وصادق على مصلحة البلاد والعباد... اكتفوا بالصمت... فحين أرى بعض الفنانين أو غيرهم الذين وردت أسماؤهم في القائمة المساندة لترشح الرئيس المخلوع لسنة 2010 يجلسون الى منابر القنوات التلفزية ويتكلمون باسم الثورة يتملكني الغضب وأتساءل ألم يكن من الافضل ان يصمتوا احتراما لدماء الشهداء وهؤلاء الجنود الذين عرّضوا صدورهم مكاننا أو لجان الاحياء الذين خاصموا النوم واستأنسوا بالبرد والظلام عدة ليال... والأكيد الأكيد ان أشخاصا عديديين بحكم مواقعهم يضطرون الى تنفيذ أوامر تتعارض مع قناعاتهم ومبادئهم دفاعا عن قوت يومهم وعن عائلاتهم... ولو ان الاستثناءات المشرّفة التي تشمل أحرار البلاد ستظل دائما موجودة من ذلك الجنرال الذي رفض توجيه الرصاص الى صدور المواطنين...
... ولكن وبعيدا عن التعميم وإلصاق التهم جزافا ولغة التشفّي والانتقام، فإنه من السهل اتهام جميع التجمعيين بالخيانة والتملّق والفساد والرشوة و »التثقيف والتبندير« واعتبار جميع المعارضين ومن يخالفهم الرأي طيبون نبلاء وصادقين مع العلم ان عددا لا بأس به من الاشخاص العاديين صنع منهم النظام السابق أبطالا في حين أنهم ليسوا كذلك وطرحُهم تجاورته الاحداث والمعطيات الجديدة وخلاصة القول إن هناك نماذج بشرية تتكرر في كل الفترات وفي كل المجتمعات والآن وهنا فالنذل والفاسد والساقط والمنافق والشريف والحرّ والمسؤول والشجاع والنبيل والحريص على كرامته وعلى حقوقه سيتجاوزُون دائما مادامت هناك حياة فالشعب التونسي أو غيره من الشعوب ليس كتلة متجانسة لا تضمّ سوى الخيّرين والطيبين فبن علي وعائلته الموسعة وأصهاره وزوجته لم يأتوا من زنجبار وسآخذ مثالا على ذلك الادارة التي أعمل بها المندوبية الجهوية للتربية تونس (1) ولا أتشرف بالانتماء اليها اذا بقيت على ما هي عليه الآن... فعديدُ من المسؤولين بها وأؤكد على أنني لا أستغل الظرف للتنكيل بهم قد فضحتُ عوراتهم منذ نوفمبر الماضي وذلك عند مقابلتي للسيد رئيس ديوان وزير التربية الذي أحسن وفادتي وأنصت إليّ باهتمام بالغ واستغل هذه الفرصة لأشكره اذا هؤلاء المسؤولين لم يطلب منهم النظام أو التجمع بأن يكونوا قذرين أو مرتشين أؤ مستبدين أو ظالمين لكن أظن أن لهم استعداد فطري أو غريزي لذلك الكم من سوء التصرف والاستبداد بالرأي ولعل اكثر من يرمز الى ذلك أحد المسؤولين هناك وهو مواطن على ابواب التقاعد متصابٍ ومكبوت يفكر بنصفه الأسفل ولا يستعمل الا كلاما فيه الكثير من الإيحاء الجنسي ويسمح لنفسه بلمس بعض الموظفات اللواتي لا يرين مانعا... وفي المقابل تصبح الاجازات السنوية بدل الشهر شهورا... وهذه موظفة مقرّبة أمكن لها بفضل تملقها الدائم من تشغيل العديد من أقاربها والاستمتاع باجازات مفتوحة ودائمة والامر لا يتعلق بالموظفات فقط اذ لا ننسى نصيب بعض الموظفين من الامتيازات فهناك أشخاص يطبق عليهم القانون بصرامة وحسب فهمهم له إن لم نقل بطريقة تعسفية أما المرضي عنهم فبإمكانهم طلب رخص طويلة الأمد ولا تشملهم المراقبة وتوافق اللجنة الطبية مع العلم أنني أرغب في التعرف على تركيبتها ومدى نزاهة أعضائها على رخصهم دون نقاش وآليا حتى وإن كان وضعهم المرضي مريب ومثير للشكوك فهذه موظفة تمارس »العُهْرَ الاداري« وافقت اللجنة على رخصة مرضها أمدا طويلا وهي ما تنفك تزور الادارة وهي في أحسن مظاهر الزينة مواد تجميل تلطخ وجهها ولباس مثير... الخ. لمقابلة موظّف تعشقه... ولا أحد من المسؤولين استغرب الامر بل إن المسؤول الاول في الادارة قابلها وهو فرح مسرور واذا كانت في صحة جيدة فكيف وافقت اللجنة على رخصتها ولماذا لا تلتحق بعملها او تعاقب... وهذا موظف اخر كان يجمع بين عملين وهو في صحة جيدة متغيب بموافقة تلك اللجنة العجيبة التي تمنح الرخص لمن تشاء.
الادارة عبارة عن فندق دون رقيب فهذه موظفة يزورها جميع أفراد عائلتها في كل وقت والموظفة الاخرى تحضر يوما أو يومين في الاسبوع وترسل رخص المرض دون حساب ولا أحد يوقف ذلك التيار... وأنا متأكدة ان عددا من الموظفين يعملون بصدق وجدّ ويلازمون مكاتبهم وفي المقابل هناك اخرون لا يبذلون اي جهد وذلك لمدة سنوات متتالية همهم تسجيل الحضور وإن كانت إمرأة فهي تلجأ الى طرق مشبوهة مع رئيسها المباشر لتنال مثلا ودون وجه حق خمسة أشهر إجازة مدفوعة الأجر لقضاء بعض شؤونها وهذه موظفة تطلب شأنا أكيدا فيقول لها المدير المساعد وهو لا يفقه من عمله شيئا ولا أدري كيف عيّن من سيعوضك وهو أمر مخالف للقانون في حين أنه وافق على رخصة موظفة أخرى لمدة شهر كامل تسبقة دون تعويض... إذا هذه أخطاء بالجملة، وقد عانيت شخصيا الامرّين من هؤلاء فلأسباب اعتباطية وعبثية يأتونني لمطالبتي بتغيير موقع عملي من مصلحة الى اخرى وذلك اكثر من مرة وحين أواجههم يهددني مسؤول وهو في الاصل معلم بإعادتي الى القسم تصوروا يعتبر أنبل مهنة عقابا وصحيح انه مُربّ ولكنه مع الأسف في حاجة الى التربية فآخر مرة أردت محادثته لمناقشة تعسفه وتعسف أشباه المسؤولين علق السماعة في وجهي ما شاء الله على الاخلاق!... إذا، هؤلاء مسؤولون لا همّ لهم سوى امتيازاتهم و »بونوات« البنزين والمسكن الاداري والارتقاء الى خطة أعلى مشكلتهم مظاهر العمل والشكليات وورقة الحضور ولعلها ورقة الغياب! فالعمل آخر اهتماماتهم فلا انضباط ولا هم يحزنون بل السمة المميزة هي التسيب فالتجاوزات بالجملة وكم مرة لفتنا الانتباه أنا وبعض الزملاء الى بعض الخور ولكن لا أحد يهتم المهم ان يحيطوا أنفسهم بقطيع من الاغنام مطبعين وأذلاء ومطبلين لهم ولتفاهتهم وسطحيتهم وضيق أفقهم وعدم تمكنهم من أبجديات عملهم...
الاحترام جدارة وليس مسألة منصب لذلك لا احترمكم، ولذلك المسؤول المتصابي الذي يحسب نفسه خفيف الظل وتعوّد على هؤلاء الذين يمجدونه كذبا ونفاقا ليحصلوا على مبتغاهم من بعض الامتيازات على حساب زملائهم... وللزملاء الأنانين وشاهدي الزور أقول لهم ان الزمالة تتطلب شروطا نبيلة يجب ان يتحلى بها الانسان منها التضامن ووحدة الصف ومواجهة جماعية لانحرافات المسؤول او تقاعس الموظف أما الموظف الأناني الذي لا يهتم الا بشخصه فيبرر كل الوسائل لتحقيق أغراضه فلا خير فيه وأنا أقترح عدم ترك كل ما يتعلق بإجازات الموظفين السنوية والمرضية من مشمولات موظفين في نفس الادارة فم يضمن لنا العدل والشفافية والنزاهة إذ يمكن شراء ذمة اي موظف أو مسؤول فالحياد غير ممكن... ورغم أنني لست من عشاق شرط المستوى التعليمي الذي لا اعتبره مقياسا ولكن أثبتت التجربة والواقع ان المستوى التعليمي مع حصانة المبادئ والاخلاق عامل مهم لأن أنصاف المتعلمين ومع غياب الوعي والادراك علاقة لهم مع الأسف بالعصامية وبالمعرفة طبعا نقصد المعرفة الحقيقية والعميقة الملتصقة بالمعاناة وتفعيل قيمة الجهد لا جملة من الكليشيات التي نقطفها من هنا وهناك ونردّدها كالببغاء دون استيعاب أو فهم ودون موقف شخصي نتحمل تبعاته إذا هؤلاء لا أظنهم يؤمنون بأهمية المعرفة في تقدم الشعوب. هذا العدد من الموظفين المطرودين من المعاهد الذين اكتفوا بالقليل من العلم واشتروا شهادات مدرسية من بعض المعاهد الحرة ذات الشهادات المشبوهة أو الذين تتم ترقيتهم دون ان يجروا مناظرات الترقية او يجرونها شكليا هؤلاء المحظوظون الذين وجدوا عملا عن طريق التدخلات في حين يبقى بعض المجازين أعواما دون شغل... وبدل ان يعملوا فهم لا يعملون بكل وقاحة وأنا أعرف موظفة لا تعمل بالمرة وذلك منذ أعوام... وهنا أسوق مبررا يلوكه هؤلاء بدعوى أنه ليس هناك عمل يقومون به وهم بذلك يعترفون ضمنيا انهم زائدون عن النصاب... ولأعود الى تلك الموظفة فقد »قتلت« مائة شخص تقريبا من عائلتها لتتمكن من الغياب لذا وجب إعطاء هؤلاء المتقاعدسين الحاضرين بالغياب مهلة لتدارك تقصيرهم او إحالتهم على مجلس التأديب ثم المرور الى مرحلة حرمانهم من أجرة الايام التي لا يعملون فيها دون اي موجب شرعي. ومن المفارقات المضحكة المبكية ان يعتصم هؤلاء مطالبين بحقوقهم فعن اي حق يتحدثون ألا يعلمون ان الحق توأم للقيام بالواجب وان العمل الجدي والفعلي من اساسيات الوطنية فكيف سينهض اقتصاد البلاد إذا لم نستمت في خدمتها...
لذا كفانا تسيّبا... وأنا متأكدة ان هؤلاء مزدوجو الخطاب لا ينفكون يتحدثون عن النظام السابق وهم لا يختلفون عنه فهم سوس ينخر الأسس السليمة وهم طفيليات وجب اقتلاعها من جذورها فلا عاش في تونس من خانها لأن التقاعس و »التّكركيرْ« أحد أنواع الخيانة »وبربّي نحيوْ لغة على قدّ فلوسهم كيف العلماء إللّي الدولة ظالمتهم« ولكن صدق من قال: إن لم تستح فافعل ما شئت.
... ولذلك المسؤول الذي ذكرته آنفا وكان يقول »تحكمنا حلاّقه« أقول إذا كانت هي حلاّقة فأنتَ حنّانة مع احترامنا للمهنتين إذ لا مكان للتعميم في تفكيرنا ولم تعيّن لأنك الأجدر بذلك المنصب أو لكفاءتك بل لولائك بما أنك تتحدث عن »النّقاء« مع موظفاتك...
لم أذكر الا اليسير... وهي اشياء ووقائع يندى لها الجبين ويتقزّز... الى هؤلاء... أشباه المسؤولين الذين عيّنوا عن طريق الولاء وإني لأعجب لمسؤول يعيّن على رأس مصلحة تهتم بالتنشيط الثقافي ولا أظنه دخل يوما الى أحد المسارح أو يملك حسّا فنيا في حين ان البلاد تعجّ بأساتذة مبدعين مهووسين بالشأن الثقافي يملكون زخما لا حد له من المبادرات والاضافات التي »تزعزع« المألوف والجامد والثابت والعقيم...
إذا، أكرر ولا أملّ: لم تعيّنوا لكفاءتكم بل لولائكم والفرق شاسع بين الاثنين كما تعلمون وقد كان بإمكانكم وبحكم نفوذكم توظيف معارفكم وخدماتكم لخدمة بلادكم واحترام موظّفيكم وعدم استعبادهم وذلك واجبكم وتأخذون مقابلا له... ولكن فضّلتم الظلم والقهر واستغلال النفوذ والاستبداد بالرأي والتعامل بمكيالين... ماذا أضفتم للادارة؟ ما هي الافكار الجديدة التي اقترحتموها؟ هل اعترضتم يوما على قرارات خاطئة تخص المنظومة التربوية؟ الأمر ليس شخصيا ولا علاقة له بالشماتة أو التشفي لكن الادارة التونسية بصفة عامة والغارقة في الرداءة بجميع أنواعها ومظاهرها إذا بقيت على حالها تلك فإن الامور لن تستقيم فالادارة السليمة هي من أسس البناء الجديد الذي نطمح إليه فلا مكان لمسؤول غير كفء وغير جدير بمركزه ولا مكان لموظّف متقاعس يوظّف خبثه البدائي للتغيب و »التكركير«... لا مكان للإهانة نعم للاحترام المتبادل والتعامل الحضاري نعم للاجراءات الادارية القانونية العادلة التي تطبّق على الجميع دون استثناءات غير بريئة واذا أهملت أو غيّبت مسألة الاصلاح الاداري فإن الاصلاح سيكون منقوصا وأعرف وأنا مؤمنة أشد الايمان ان الواعين والصادقين سيتمسكون بثنائية الأمل والعمل فالثورة ثورة على الديمومة العقيمة بما ان أغلب المسؤولين يبقون أعواما في مناصبهم دون تغيير »حتى يخزّزوا« فلا نضارة ولا أوكسيجين ولا هواء نظيف متجدد وهي ثورة على القبح والرداءة والجمود وستنتصر للعدل والحرية والجمال...
ولا يسعني الا ان أحيي جميع من ساهم فيما وصلنا إليه وذلك منذ أعوام فشكرا لكل من رفع رأسه وقال لا وتعرض للتعذيب والضرب في سراديب وزارة الداخلية بمساعدة زبانية النظام فإذا اكتفينا بذكر بوعزيزي مع ما يستحقه من تقدير لا شك فيه مع العلم ان هناك من سبقه في ولاية المنستير ولا أحد اهتم به... فإننا نعادي التاريخ والذاكرة فهذه الولادة المباركة سبقها زخم خصب على مدى سنوات ومخاض عسير وطويل وموجع... غزله جميع المناضلين الأحرار الشرفاء فقد كان هناك سجن وتعذيب ونفي ومطاردة وتعديد وقتل تحت التعذيب او في ظروف مشبوهة او برصاص غادر ولنتصالح مع أنفسنا وتاريخنا وذاكرتنا المرجع انجاز كتاب قيم يعرّف بجميع المناضلين والشهداء الذين عبّدوا بنضالهم ودمائهم طريق الثورة والنصر.
تحيا الثورة... والنصر والخلود للشهداء.
هذه مقالة أردتها قصيرة لكنني وقعت أسيرة الطّول نظرا الى كثرة المسائل المتداخلة التي خامرت ذهني... فمعذرة إن أطلت وشكرا لرحابة صدركم...
أناديكم أشدّ على أياديكم وأبوس الأرض تحت نعالكم وأقول أفديكم (3).
(1) من أغنية الشيخ إمام وكلمات أحمد فؤاد نجم »يا اسكندرية«.
(2) من أغنية لمرسال خليفة وهي تتحدث عن الزعيم الراحل كمال جنبلاط.
(3) من أغنية يردّدها الشيخ إمام وأحمد ڤعبور.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.