عاشت مدينة المتلوي على امتداد الايام القليلة المنقضية أسوأ أيام تاريخها باعتبار نقاوة ما اتسمت به سريرتها من تراحم وتآزر بين كل فئات مجتمع هذه المدينة المناظلة والشامخة على امتداد تاريخها الذي يقف شاهدا أمام ما حملته في رحمها من الاجناس والقبائل والعروش من أولاد بويحيى والجريدية وأولاد سلامة وأولاد معمر والهمامة بكل أطيافهم حيث يتكامل هذا النسيج مع ما عرفت به هذه المنطقة من أرقى أنواع التعايش بين الشعوب من مغاربة وجزائريين وليبيين ومالطيين وإيطاليين وفرنسيين وغيرهم. وباعتبار هذا النموذج الاستثنائي في التعايش بين كل هذه الاطياف كان لزاما على أصحاب النفوس المريضة والصائدين في الماء العكر أن يوقفوا نار الفتنة ونسوا قول الرسول الكريم »الفتنة نائمة لعز الله من أيقضها« وذلك باللعب على وتر العروشية.. حيث استغل هؤلاء المنافقون ما أفرزته مفاوضات شركة الفسفاط مع المعنيين بالشّغل ليشعلوا فتيل فتنة كانت مدينة المتلوي في غنى عنها وأبعد عن تطلعاتهم فكان لها الوقع لدى بعض الشباب الذين لا يحسنون لعب السياسة ووقعوا في فخّ التحريض هذا التحريض الذي ظل يصاحب هذه المنارة الساطعة في سماء تونس العزيزة حتى نهاية النظام البائد وباعبتار من له مصلحة في كل ما حصل من مواجهات بين العروش المتناحرة رافقتها تراشق بالحجارة وصدامات مباشرة أوقعت قتلى وجرحى في صفوف فريقي أولاد بويحى على امتداد أربعة أيام متتالية تدخل خلالها الجيش الوطني دون فائدة نظرا إلى حساسية الموضوع وبين كل وفد تفاقمت الازمة لتأخذ الامور منحًا خطيرا أدى بنقابة التعليم الثانوي الى الاتفاق مع مديري المعاهد بتعليق التدريس وفسح المجال للمصالحة لتفادي ماهو أسوأ.. هذه المصالحة سعى إليها الخيرون من مدينة أم العرائس للمّ شمل الجميع والتي أسست لأرضية صلح جيدة رافقها اعلان لحالة الطوارئ واتخاذ اجراءات قانونية في حق بعض المتهمين في قضية الحال فتوالت الاجتماعات الصلحية وتكونت اللجان والمجالس لدعم هذه المصالحة فجمعت التبرعات فكان التوافق على أمل أن يتدعم ويرتقي بأهالي وعروش مدينة المتلوي الى الافضل رغم ما تركته هذه الحادثة من خدش لدى الجميع باستثناء من حبك أوراق هذه اللعبة القذرة لكن تجري الرياح بما لا يشتهي اصحاب الفتن ليقف الجميع على حقيقة أن التصالح والوفاق أساس العيش المشترك وأن مواطن مدينة المتلوي له من الوعي ما يجعله ينتفض على واقع لطالما أدار أوراقه زمرة من النظام البائد وأن اليقظة تبقى صمام الامان لافشال كل المخططات التي تحاك ضد ثورة الحرية والكرامة.