إصلاح الاعلام والاتصال يافطة وواجهة اختارت الحكومة المؤقتة التركيز عليها لوعيها أو لوعي بعض أعضائها بأهميّة الاعلام والاتصال في السياق الجديد لما بعد الثّورة وعي ترجمة قرار بعث الهيئة الوطنية لإصلاح االاعلام والاتصال مع باقي الهيئات التي انبعثت بعد الثّورة. بعث الهيئة الوطنية لإصلاح الاعلام والاتصال طرح عديد الأسئلة ونقاط استفهام حول تركيبة هذه الهيئة وعدد أعضائها وقدرتها الحقيقيّة على الاصلاح ثمّ ما معنى اصلاح الاعلام والاتصال هل هو تحسين وتنميق للمضامين الاعلامية أو مراجعة لمجلّة الصحافة فقط؟ أعتقد أنّ اصلاح الاعلام والاتصال هو بداية اصلاح لأوضاع العاملين بالقطاعين قبل كلّ شيء لأنّه لا يمكننا المطالبة بمنتوج اعلامي واتصالي راقٍ بصحافيين عرضيين يشتغلون في ظروف هشّة وبمؤسسات لا تطبهق الاتفاقيات المشتركة وبصورة مهزوزة للصّحافي التونسي جرّاء عديد التجاوزات والممارسات البائدة التي قد يضيق المجال عن ذكرها وتحليل أسبابها وأطرافها. فالإصلاح من هذا المنطق لا يتوقّف على المضامين الاعلاميّة والجوانب القانونيّة بل يتعدّاها إلى نظرة أشمل تتعرّض بالدّرس والتمحيص لأوضاع الصحافيين والمؤسسات الصحافيّة التي يشتغلون بها كذلك بقيّة الهياكل الفاعلة في القطاع كوكالة تونس افريقيا للأنباء والوكالة التونسيّة للاتصال الخارجي وملف الاشهار العمومي ومقاييس اسناده كذلك التكوين بمعاهد الصحافة وشروط الانتداب واسناد البطاقات المهنيّة والأجور وغيرها من الملفات الشائكة التي تفرض على الهيئة توسيع تركيبتها وبعث لجان فرعيّة وخلايا للإنصات لمشاغل الصحافيين ومطالبهم والاستماع إلى وجهة نظرهم ومقترحاتهم بإعتبارهم معنيّين مباشرة بهذه التنقيحات القانونيّة ان كانت ضروريّة. ❊ مداولات سريّة مفارقة عجيبة ترافق مداولات وأشغال الهيئة الوطنية لاصلاح الاعلام والاتصال وتتمثّل في اصرارها على العمل في كنف السرية فهي تجتمع وتقترح دون الرجوع إلى أهل المهنة سواء بالاعلام أو الاستشارة ولعلّها قد تفاجئنا بعد أشهر بمشروع جاهز تفرضه على القطاع، هذا زيادة على اطلاعها على مشروع أعدّته لجنة الاعلام بالهيئة العليا لتحقيق أهداف الثّورة دون أن نعرف محتوى هذا المشروع الذي تمّت الاشارة إليه وإلى فصوله الزجريّة في حصّة تلفزيّة دون أن يعرض على الصحافيين وحتى إن عرض فقد تمّ ذلك بحضور أقليّة وبدعوات شخصيّة؟ فهل هذا هو الاصلاح أم أنّ الاصلاح يكون بالضرورة سرّيا في فضاءات مغلقة بحضور أهل القانون دون أهل الصحافة؟ هل الإصلاح يقتضي عدم اعلام وتشريك خبرات القطاع ومختصّيه ولن أذكر الأسماء ههنا حتى لا أحرج أحدًا لأنّه من العيب أن لا يشارك الصحافيون في موضوعات تتعلّق بمهنتهم؟ ❊ بين المراجعة والإلغاء من بين النقاط المهمّة المطروحة على الهيئة هي مراجعة مجلّة الصحافة وهذه المراجعة ليست ضروريّة إذ يكفي إلغاؤها لتلغى كلّ الفصول الزجريّة والسالبة للحريّة مع تغييرها بمجلة اجراءات خاصّة بالقطاع أو إصدار أوامر ترتيبية خصوصيّة أو ميثاق شرف المهنة هذا فضلا عن مجلّة الشغل فالحلول البديلة للزجر موجودة بل هي ضروريّة فيكفينا اليوم من هذه السيوف المسلّطة على أقلام الصحافيين وعلى رقابهم وليكن اصلاحا حقيقيًا لا افتراضيّا وليكن اصلاحا علنيا واضحا بمشاركة الجميع لا إصلاحا سرّيًا فرديا حتى لا تعود بنا الذاكرة إلى ممارسات ما قبل الرابع عشر. ❊ مواقف متأرجحة أكثر ما أثار استغرابي خلال متابعتي للبرنامج التلفزي الذي أشرت إليه آنفا، هي مواقف الأخ رئيس النقابة المتأرجحة بين تنقيح القوانين أو إلغائها فلم نفهم موقفه صراحة ان كانت مع التنقيح أو الإلغاء رغم أنّه كان قد أكّد في العديد من الحوارات السابقة أهميّة وضرورة تنقيح المجلة غير أنّه خلال هذا البرنامج طرح الإلغاء وبيّن هذا وذاك للأخ النقيب حريّة تعديل مواقفه، لكن عندما يتعلّق الأمر بالقطاع فإنّنا ندعوه إلى عقد جلسة عامة واتخاذ موقف قطاعي موحّد بشأن هذه المسألة، إمّا إذا كان حضوره كشخصيّة اعلاميّة فإنّنا سندعوه أيضا إلى عقد جلسة عامة لتوضيح أسباب تغييب الصحافيين. ❊ هل تكفي الهيئة للإصلاح؟ أعتقد أنّ عمل الهيئة اصلاح الاعلام بتركيبتها الراهنة سيبقى منقوصًا فلإصلاح الاعلام والاتصال فلا مفر اليوم من توسّعها لتكون في شكل مجلس يضمّ ممثّلين عن النقابة الوطنية للصحافيين وممثّلين عن النقابة العامة للثقافة والاعلام بالاتحاد العام التونسي للشغل والتي قادت آخر مفاوضات قطاعيّة في جانبيها المالي والترتيبي وكذلك صحفي من كلّ مؤسسة اعلاميّة وبهذا نكون قد فتحنا المجال أمام تعدّد الآراء والمقترحات ووسعنا دائرة التشاورلما فيه صالح القطاع وصالح العاملين به وصالح المواطن التونسي هذه في اعتقادي غاية كلّ اصلاح فإمّا اصلاح وإمّا فلا.