الانتماء هل هو ذاك الشيء المتوارث الذي ينغرس فينا بفعل الغريزة والمعتقدات الاجتماعية التي تُلزم الواحد منّا بالانتماء الى بيئة معيّنة وأسرة وأبوين تثبت وثائق الحالة المدنية والوثائق القانونيّة بأنّّ منتسب حسب علوم الوراثة وعلوم الشريعة والدين الى ذلك الكيان الذي لم تكن له أحقيّة الاختيار فيه. أم هو ذاك الإحساس الغامض والمجهول الذي يفتض حرمة المشرعات وينساب في المطلق دافعًا إيّانا بجنون الحكي الذي يرفض القيود كلّما عانقت خياشيمنا رائحة الأرض في لحظة احساس بالأمان والسكينة، فنلحظ نبض القلب كسّر قيوده ومارس فعل الحب مع الأرض، وخلايا المخ خاضت عمليّة انقلاب على هرمونات الوراثة لديها وحقنت نفسها بهرمون الانتماء المكتسب للوطن، وأجد الدم يكرّر نفسه بحماسة من يرغب في تغيير فصيلته لينتمي الى فصيلة الكيان الذي اختار. أشعر بعمق ان مسألة الانتماء هي تلك الأحاسيس التي تربطنا شعبا واحدا بمن نحب وما نُحب ونحس بنبضهم في نبضنا وبعلمهم في حلمنا ونحس بكل حواسنا بأنّ ذلك الكيان الجديد / القديم المكتسب هو الوطن الذي من أجله نستلذ الموت كي يبقى ونعتنق التضحية سبيلا للذود عنه. انّ الاحساس بالانتماء مجموعة انفعالات ثائرة تؤسس نفسها ويحكمها قانون العاطفة لا قانون المشرعات والأحزاب وأحكام الحالة المدنية. إنّه انتماء أبوه الحنان وأمّه الأمان والاستقرار. فالقوانين والمجتمع يمكنهم أن يفرضوا على الانسان الانتماء الكلاسيكي المكتوب لكنّهم لن يستطيعوا أن يفرضوا عليه ممارسة الاحساس بالانتماء الذي يفرضه حبّ الأرض فالإحساس شيء روحاني يملكُنا ولا نملكه لذلك سيبقى سيد القرار أبدا.