إليهما: الأول حاضر أكتب له... والثاني غائب أحلم أن أجده لأكتب معه »الريح الباردة تتسرّب إلى الغرفة الصغيرة، يدخلان محمّلين بالحب والفرح، يغلق النافذة. تزيح السّتار كي أرى السماء. السماءُ تأخذ شكل المربّع، هي من تقول إنّها مربّع. تقول في سرّها: ما أجمل الأزرق وتتساءل عن سرّ وجوده في السّماء؟ ولأنّها العارفة بسرّ الألوان، ترى غيمة بيضاء تمرّ من مربعها الأزرق، فتعرف أنّ اللّه قد انتصر كالعادة. تستلقي على ظهرها وترفع رأسها باتجاه الغيمة البيضاء التي لن تستطيع تحديد شكلها، ممتثلئة بالمجاز تفكّر في أوّل من جعل منها مشبّهًا به وهي المشبه والمشبه به وأداة التشبيه حاضرة وغائبة... طبعا لا تفتح معكم اللّغة كي تفهم فكل اللغة صارت ممْلكتها. يمرّر سبابته بين نهدي الفتاة العارية في اللوحة الزيتية، تغمض عينيها كي تفسّر غموض المساء. النخيل الممتد بين الوجود والعدم يتعانق ويتباعد ليسمح لعاشقة أن تطير، وتحط بين ذراعي حبيبها. حبيبها الذي يعرّف بها الجنون، فلا جنون سوى شهوته لها ولا شهوة في العالم خارج جفونها. هي الآن بين وجوديّة النخل ومعجم الألوان: غزالة وفراشة وطفلة صغيرة ترسم بالطبشور حدود ظلّها. تقرأ مذكرات شعر يعترف أنّه قد عاش وتفكّر بكتابة نصّ عن جنون الحياة بين الصّمت والكلام. وراء الدّهشة يراقب البُوم يحطّ فوق شجرة لا يعرف اسمها ولا يسعفه معجم الألوان في معرفة إنْ كانت شجرة رمان أو تفاح أو برتقال أو غابة لوزٍ. وهي معلقة مع غيمتها البيضاء تتذكّر حديث أحدهم عن سرّ عود النوّار في ممارسة الحبّ وتتنهّد لأنّها لم تعرف سرّه بعد، بينما هو يشمّ رائحة الحليب تفوح من إبط الجسد البرونزي المستلقي بين سرير وريشة رسّام ويصرخ: »«. هي المسكونة بحدس نبويّ وبفكرة الحياة السابقة تجمع حبّات الرّمان في حقيبة ذكريات وتنتظر حافلة تأخذها إلى الحياة اللاّحقة وهو لا يجرب أكثر من الصّمت لغة للجنون ولا يفهم سرّ عشقها لشجرة الرمان واللّغة... الرياح خارج الغرفة لا تهدأ. العاشقان يختلفان، تفتح النافذة، يعيد هو الستار كي يحجب السماء... المشهد لا يكتمل في ذهن »فائقة« وهي تجلس في المحطة تحاول أن تجد نهاية أفضل لبطليها مع عسر المخاض ينبهها صوت تعرفه جيّداو لا تعرف صاحبه إلى أنّ الحافلة وصلت... هل هو حيببها في حياة سابقة. تسال وهي تصرخ في سرّها: »لماذا لا تتأخر الحافلة أكثر؟«