ايناس بن عثمان خريجة معهد الفنون والحرف بالدندان اختصاص سينوغرافيا، قضت أربع سنوات في دراسة فن الممثل في فضاء التياترو مع المخرج توفيق الجبالي، ثم درست لمدة سنة واحدة سينما في قمرت غير أنها طُردت لرفضها الانضمام إلى خلية التجمع. انتجت فيلمين قصيرين الأول سنة 2008 والثاني 2011 وهو الفيلم الذي سيعرض في الدورة 64 لمهرجان كان السينمائي الاسبوع المقبل. عن تجربتها ومشاركتها في مهرجان كان لنا هذا الحوار معها: ❊ من السينوغرافيا وفن الممثل إلى السينما... كنت مهتمة منذ دراستي في المعهد بفن الديكور المسرحي وعندما درست السينوغرافيا وجدت نفسي مهتمة بدراسة المسرح وعندما مارست التمثيل كان هاجس الاخراج يتنامى في داخلي وهو ما شجعني على خوض مغامرة الاخراج المسرحي من خلال عملين مع توفيق الجبالي في فضاء التياترو حيث أخرجت مسرحية »صمت« سنة 2007 ثم مسرحية »وبعد« سنة 2008. ❊ ثم انتقلت إلى عالم السينما؟ صداقتي الوطيدة بالمخرج الفاضل الجعايبي وعودتي إليه دائما للاستشارة شجعني على دراسة السينما وتحديدا الاخراج حيث قضيت سنة واحدة في المدرسة العليا للسمعي البصري والسينما بقمرت غير أني لم أتمكن من مواصلة الدراسة بعد ان اطردت آخر السنة بسبب رفضي لطلب مدير المدرس آنذاك بالانضمام إلى خلية طلبة التجمّع الموجودة في وسط المدرسة. هذه الخلية كانت تمثل جسرًا للنجاح والتفوق فمن ينتمي إليها يُمنح الحظوة والرضاء. ❊ أول فيلم لك كان من النوع القصير وعالجت فيه ما يُعرف بالتخيّل الجنسي؟ اخرجت فيلم سنة 2008 بعنوان Fantasme ، مدّته ثلاث دقائق من انتاج »أوليسون« وكان من بطولة الممثل جمال المداني وعالجت فيه مسألة التخيلات الجنسيّة الكامنة في باطن شخصية الانسان لاني أعتقد ان الوجاهة الاجتماعية التي يخلقها الانسان ليؤمّن نمطًا معيّنا من العيش والتعايش مع الاخر هي في الاخير لا تستطيع أن تتستّر على مختلف النزعات والرغبات الكامنة في دواخلنا. ❊ ثم كان الفيلم الثاني بعنوان »عن الحب والماء المنعش« والذي اختير للمشاركة في مهرجان »كان«... مشاركتي في مهرجان »كان «كانت بمبادرة شخصية حيث أرسلت نسخة من الفيلم إلى ادارة المهرجان، ورغم انّ النسخة التي أرسلتها كانت نسخة عمليّة غير مكتملة وحتى الجينيريك لم يكن جاهزا فقد قبلت ادارة المهرجان بادراج الفيلم ضمن ركن الافلام القصيرة. وللتوضيح فإن الفيلم لم يكن مستوحًى من ثورة 14 جانفي ذلك أنّ السيناريو كان جاهزا منذ أكتوبر 2010 ولكن التصوير انطلق يوم 23 جانفي 2011 ولم أقم باضافة أي تعديلات او تحويرات على المضمون فيما جدّ من أحداث ثورة 14 جانفي 2011. »عن الحب والماء المنعش« هو فيلم من انتاج شركة »تريتون للانتاج« لصاحبها غانم غوّار، وهو فيلم يدوم ستة دقائق يحكي عن قصة حبيبين ينتميان إلى البورجوازية الصغيرة، يصيبهما »الافلاس« المادي ولكن مع ذلك يحافظان على »رأس مالهما الرمزي«: الحبّ، متحدّيان كل المصاعب المادية، ولكن »نضالهما« يتهاوى بمرور الزمن وقسوة الظروف المادية. وقد حاولت في هذا الفيلم، رغم نهايته المأساوية ان اشير الى أن اصرار الانسان وايمانه برمزية الوجود وقدرته على الاستماتة في اعلاء القيم من شأنها ان تعجل بسقوط وانهيار الرأسمالية المجحفة. ❊ دورة »كان« لهذه السنة وفي علاقة بالمشاركة التونسية ستكون استثنائية حتما من خلال حجم المشاركة ونوعيتها؟ شكرًا لثورة 14 جانفي، ثورة المعطّلين عن العمل والمفقّرين والمهمّشين التي منحت الفرصة التاريخية لمن يستلذ الركوب على الثورة، اتمنى ان ينتهي زمن المشاركة الشكليّة في المهرجانات السينمائية الدولية، ومثلما قام المعطّلون والمفقّرون في تونس بثورة الحرية والكرامة يجب ان يصنع السينمائيون ثورة حقيقية تقطع نهائيًّا مع منطق »العصابات« و»التكتلات الانتهازية« والاستهزاء بأموال المجموعة الوطنية وبأفق الثقافة التقدميّة، خاصة ان جيوب الرّدة والجذب الى الوراء تناسلت اليوم بشكل مخيف ومن شأنها ان تنمّط الابداع السينمائي ان لم نقل تقتله.