كما اوردنا الاسبوع الماضي تتعدّد مشاغل التونسيين في أوروبا عامّة وفي البنلوكس Benelux (بلجيكا، هولندا، اللكسمبورغ) خاصة في ظلّ ما يحدث هناك وهنا.. وفي ظلّ النعرات التي »تفْقَعُ« بين الفينة والاخرى في مثل هذه الفترة التي تمتزج فيها المخاوف من العرب وعلى العرب »مخاوف من العدوى« التي بدأت تتحسّس طريقها وتتسلّل الى »العالم الأول« عبر اسبانيا واليونان وقد تكون لهذه المقدمة جواهر وخواتم... بلجيكا قد تكون الوحيدة المؤمّنة نسبيا بحكم هدوء شعبها المتعدد الاعراق واعتدال ساستها الموزّعين على أحزاب معدّة وخمس برلمانات (فلامان، فرنكفون، والون، وجرمان والبروكسالوا) وجميعها احزاب وبرلمانات تنظر بالعين الكبيرة الى مختلف الجاليات وخاصة التونسية التي تحظى باحترام زادت اسهمه بعد الثورة.. التي اعتبرها عديد الاصدقاء من البلجيكيين عروس الثورات العربية بل المتميزة على حدّ تعبير الدكتور إيف لويس Yves.Louis دكتور وناشط حقوقي الذي عبّر باختصار عن ثورتنا قائلا La laureat de Revalutions هذا الموقف ينسحب على أغلبية منتديات الغرب وما يزيده توهجا هذه الوجوه والكفاءات الوطنية العلمي منها والسياسي والحقوقي والثقافي سواء من خلال المساهمات الفكرية او الطّروحات الاقتصادية او التصورات السياسية بل المساهمة في صنعها وصياغتها على غرار مراكز البحوث الاستراتيجية في سائر العواصم الاوروبية او تلك المنارة الشامخة شموخ برج إيفل واعني المعهد العربي لحقوق الانسان الذي قد تكون لنا عودة اليه بشكل خاص في ظلّ ما يعيشه العالم العربي هذه الايام.. وقبل هذه المؤسسات والهياكل الاكاديمية بل مثلها يتألق بعض الافراد على غرار هذه الشابة التي عثرنا عليها ودرع المملكة البلجيكية يطوق منها الصدر والخصْر انها الشابة المتألقة نادية القماطي الطرابلسي نائب رئيس بلدية روني مسؤولة عن الشباب والتربية والعدالة الاجتماعية او ما يسمّى عندها Egalitژ de chances... معها كان لنا لقاء مطول وفي موقعين مختلفين الاول بمكتبها والثاني بمنزل مغربي / تونسي (زواج مختلط). لقاء هذه خلاصته.. ❊ قدمي نفسك لقرائنا؟ انا نادية الطرابلسي القماطي اصيلةمنزل الحياة من ولاية المنستير مولودة ببلجيكا من أبوين تونسيين (حبيب وفاطمة) عمري 26 سنة مجازة في الحقوق وحاصلة على ماجستير تجارة وعلاقات دولية... ❊ هل هذه المؤهلات وحدها من جعلك في هذا الموقع البلدي؟ En quelques sortes ولكن هناك امر آخر مهمّ يؤخذ بعين الاعتبار الا وهو الانتماء السياسي. ❊ إذن أنت بنت سياسة في الأصل؟ وهو كذلك فأنا سليلة الحزب الاشتراكي وهو ثالث العائلات السياسية في المملكة بعد الكاتوليك والليبرالي وإذا اخترت الاشتراكي فليس بالصدفة حيث اني تأثرت بأحد اساتذتي في الجامعة من أبناء هذا الحزب وهو نائب رئيس الوزراء البلجيكي الى جانب كون الحزب اصلا فلاماني وأنا ابنة هذه المقاطعة اي الفلامانية التي تمثل الاغلبية بالنسبة إلى السكان البلجيكيين الى جانب الرالون والجرمان... ❊ أصولك التونسية ألم تكن حائلا دون الوصول إلى هذا الموقع »القومي«؟ صحيح ان اصولي تونسية والجميع يعرف ذلك وصحيح ايضا أنّني بلجيكية الهوية والميلاد وهو ما لم ينكره عليّ »البالج« ودعمته الجاليه العربية وخاصة المغربية الى جانب التونسية طبعا ممّا وفر لي فرصة الفوز والنجاح في الانتخابات رغم حدة المنافسة السياسية وهي مناسبة عبر صحيفتكم لاثمن عاليا الهبّة التونسية المغربية لنصرتي ونجاحي... وكذلك لابدّ للموضوعية والصدق أن احيي الشرائح الواسعة من المجتمع البلجيكي وخاصة الشباب الذين هتفوا لي مرارا عديدة وأكدوا ذلك عبر صناديق الاقتراع وقبل هؤلاء جميعا التحيّة والشكر موصولان إلى الوالدين اللّذين ذللا كل الصعاب وانا مدينة لهما بنجاحي العلمي والسياسي وهذه فرصة لاقبل اليدين والجبين. ❊ أراك واثقة من راهِنك فماذا في الأفق؟ الخير ان شاء اللّه فأنا متفائلة لاسباب عدّة اولها زادي المعرفي ولله الحمد حيث والى جانب الشهائد العلمية عندي ديبلوم لغات (الانقليزية، الفرنسية، الهونلدية وطبعا وبكل فخر العربية) ممّا سهّل عليّ عمليات التواصل مع مختلف الاعراق البلجيكية وكذلك الجاليات العربية منها بالخصوص مع الملاحظ اني الوحيدة في المجلس البلدي الى جانب الرئيس التي تتوفّر على المؤهلات المذكورة آنفا... وهي جميعها مواصفات تجعلني احلم بل تشرع احلامي على الافضل والاسمى خاصة ان هذا الشعور الذي ينتابني اللحظة هو ذاته الذي انتباني وانا في الثانية عشرة ن عمري عندما استقبلتني »ميشال اليوماري« عندما كانت وزيرة زمن ميتران... وهاهي الايام تحقق البعض من أحلامي في انتظار الباقي.. ❊ هذا التفوق العلمي ألا يخلق لك بعض »الهرج« مع باقي أعضاء المجلس البلدي؟ أحيانا احسّّ بل أقرؤه في أعينهم ولكنه دون مفعول!! ❊ ماذا تفعلين صلب هذا المجلس بالضبط؟ أنا رئيس مساعد Echevin مكلف بالشباب والتربية والعدالة الاجتماعية الى جانب ملفات الحالة المدنية (عقود زواج وغيرها). ❊ وماذا عن الاعتمادات؟ هناك استقلالية مالية وميزانية لكل قسم أو مسؤولية وفيما يخصني فإن حصتي تتجاوز 180 الف يورو (350 ألف دينار تونسي) منها 90 الف يورو لما يسمّى تساوي الخطوط و80 ألف يورو للشباب والبقية للحالة المدنية (وثائق وهدايا زواج ومواليد...) ❊ هل هناك صعوبات ما تواجهينها؟ امر واحد يضايقني قليلا وهو وقت العمل حيث يتحتم علي التنقل يوميا الى بروكسال لممارسة شغلي (قسم القانون في احدى الشركات) والعودة إلى برونست (60كم) لممارسة الواجب البلدي الذي تستدعي الضرورة أحيانا لمعالجة الملفات البلدية الى ساعات المساء. ❊ إذن متى وكيف تتابعين أخبار الوطن؟ آه... هذا موضوع مهمّ اريد التحدث فيه »فالبلاد« تسكن وجداني بثورتها وأرضها وبحرها... يا سيدي إنّ اشياء كثيرة تتنازعني بين الخوف على بلدي واهلي وخوفي على الثورة ومنها.. ولكنها مخاوف لا تبدّد أملي أبدا في القادم الاجمل رغم احترازي على غرار أغلب التونسيين هنا من هذا الطوفان الحزبي الذي غمر الوطن وامتعاضي من هذه الاحداث التي تتناهى لنا اخبارها بين الفينة والاخرى... ❊ هذه مخاوف عامة عند أغلب التونسيين في الداخل والخارج فهل عندك قول آخر؟ بصراحة... نعم... قلبي على المرأة ومكتسباتها.