أصدرت مؤسسة أحمد التليلي من أجل الثقافة والديمقراطية كتابًا جيددًا حول الزعيم النقابي والوطني أحمد التليلي بعنوان «أحمد التليلي من أجل الديمقراطية» أعدّه نجل الزعيم الراحل الأستاذ رضا التليلي وقدم له الدكتور الحبيب بولعراس. الكتاب يعرض فترات مفصلية في حياة أحمد التليلي ليربطها بالمسألة الديمقراطية التي حرص عليها التليلي حتى آخر أنفاسه وأبى أن يموت دون أن يترك أثرًا خالدًا عبر رسالة بعث بها للحبيب بورڤيبة، التليلي اختار عن قصد بحمل موقفه الخاص من بورڤيبة حيث قال سيدي الرئيس بل »سي الحبيب« وكأنّه فضّل مخاطبة بورڤيبة الزعيم والشخصية الكاريزماتية لا رجل الدولة أو رئيسها لأنّ الرئيس في البلاد العربية لا يسمع. لم يسمع بورڤيبة ولا بن علي من بعده لتبقى رسالة التليلي تشخيصا استشرافيًا بقي محافظا على راهنيته رغم مرور 55 سنة على كتابة هذه الرسالة. التليلي تحدّث عن النظام الذي يفرض نفسه على الشعب بالقوّة ووصفه بالمحكوم حتمًا بالفشل الذريع تحدّث عن دكتاتورية الدولة في التعامل مع معارضيها بمراقبتهم وسجنهم وتعذيبهم ونفيهم وأشار أيضا إلى تضخّم الجهاز البوليسي والتشجيع على الوشاية وكتابة التقارير والتضييق على الحريّات العامة والفردية وضرب حقوق الانسان. الرسالة تضمّنت موقفًا واضحًا من وضع حزب الدستور في تلك الفترة واتجاهه نحو الإقصاء والسيطرة حتى أصبح الجسم السياسي والوحيد في البلاد والفاعل الأوحد في الملفات السياسية حيث أبرز أحمد التليلي في هذا الاطار قصر نظر الحزب الذي همّش دور الجمعيات والمنظمات المهنية كالاتحاد العام التونسي للشغل والاتحاد العام لطلبة تونس والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والاتحاد القومي للفلاحين التونسيين هذا التهميش أدّى إلى إعاقة النسيج الجمعياتي واضطراب في السياسة العامة للبلاد. رسالة أحمد التليلي جاءت على محاور وأبواب عديدة تخصّ تسيير وادارة شؤون الدولة على أساس الديمقراطية والمواطنة، شخصت عوارض أمراض وتعقبات سياسية لم تعالج طوال 55 سنة فكانت ثورة 14 جانفي بلسمًا لشعب أنهكه صمم الرؤساء وأرهقه الأمل في غد أفضل وأتعبه حفيف خطى الرقيب والبوليس خلفه. جاءت ثورة 14 جانفي لنفس الأسباب التي عددها التليلي في رسالته في نفس الشهر منذ 55 عاما.