أهنئكم من كل قلبي بتعيينكم وزيرًا مكلّفًا بالإصلاح بوزارة الداخلية متمنيا لكم التوفيق في مهامكم الجديدة لأن اختياركم لهذا المنصب له دلالاته السياسية والمعنوية وينتظر منها المواطن التونسي الشيء الكثير لتحسين العلاقة بينه وبين الساهرين على أمنه وسلامته . إن ما جرني إلى كتابه هذا المقال في شكل رسالة مفتوحة لأهمية الوزارة المكلفة بالإصلاح في صلب وزارة سيادية مرتبطة بحياة الناس في جميع المجالات إن لم نقل كل المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية باعتبارها الضامنة للأمن الداخلي والمتصرفة في شؤون الناس الخاصة منها والعامة والمؤهلة قانونا بإسناد تأشيرات عمل الأحزاب والجمعيات الحقوقية والمدنية وغيرها إضافة إلى دورها التقليدي بإشرافها المباشر على الجماعات المحلية (البلديات) التي تعمل بالتصاق مع السكان لتيسير حياتهم. ونظرا إلى لما لدور وزارة الداخلية من أهمية كبرى في تحقيق الاستقرار والأمن وضمان الحرية والكرامة الوطنية تماشيا مع الشعارات التي رفعت في ثورة الشعب التونسي على رموز الفساد في العهد البائد الذي اتسم بالمحسوبية واستغلال النفوذ وتحقيق المآرب الشخصية على حساب المجموعة الوطنية وغيرها من السلوكيات المنافية للأخلاق والدين وما ينتظرها من إصلاح لخلق المصالحة بينها وبين المواطن باعتبارها وزارة سيادية من الدرجة الأولى فقد توفقت الحكومة المؤقتة في بعث هذه الوزارة المكلفة بالإصلاح وتعيين شخصية مثل السيد الأزهر العكرمي الذي برز إثر الثورة في الحوارات التلفزية والإذاعية التي شارك فيها كرجل مصالحة يتميّز ببعد النظر، وسطيّ، معتدل متفائل ساهم كلامه في إعادة الأمل وتهدئة الخواطر في وقت ظهرت فيه عناصر المزايدة والتطرف التي تبحث عن الركوب على الثورة لتحقيق المآرب السياسية عن حساب الشعب التونسي الطيب . وتماشيا مع هذا الحراك أقدم إلى الوزارة المكلفة بالإصلاح المقترحات التالية: أ) علاقة المواطن بالشرطة 1) إيجاد مصالحة حقيقية بين أعوان الشرطة والمواطنين على أن يفهم كل طرف علاقاته بالآخر باعتبار أعوان الأمن في خدمة المواطن بتطبيق القانون بما يتماشى وحقوق الإنسان وضمان الحرمة الجسدية للمواطنين ولا ولاء لهم إلا للقانون والمواطن مطالب باحترام القانون وعدم ارتكاب المخالفات والجرائم والتعامل مع الشرطة باحترام والامتثال لهم بصفتهم موظفون يسهرون على تطبيق القانون لمقاومة الجريمة والسهر على ضمان أمن المواطنين وسلامتهم . 2) تغيير اسم مركز الشرطة ب مركز حماية أمن المواطنين ليشعر المواطن أن المركز ملك له وجب حمايته والتصدي لكل من يحاول المساس به. 3) تنظيم يوم المصالحة بين المواطنين والشرطة بالقيام بحملات توعية واحتفالات مشتركة تقرب الهوة بين عون الأمن والمواطن . ب) التنظيم الإداري والجهوي والمحلي 1) اعتماد الانتخاب في تعيين المعتمدين من سكان المناطق المعنية من حاملي الشهادات العليا على أن يكونوا مستقلين عن جميع الأحزاب السياسية في إطار فصل الدولة عن الأحزاب. 2) تعيين الولاة من أبناء الجهة المشهود لهم بالنزاهة والكفاءة 3) بعث لجان محلية للشباب العاطل عن العمل في صلب المعتمديات يوكل إليهم مهمة إحصاء ومتابعة تشغيل العاطلين وتقديم الحلول والبدائل حسب الإمكانيات المتوفرة بالجهة على أن تعتمد الكفاءة مقياسًا أساسيًّا في عملية الانتداب والقطع مع المحاصصة القبلية والعروشية . ج ) البلديات 1) اعتبار البلدية الحجر الأساس للحياة المدنية في كل منطقة سكنية ومدها بكل الإمكانيات المادية واللوجستية و دعمها بالموارد البشرية المختصة اللازمة لتسيير شؤون المواطنين . 2) اعتماد التقنيات الحديثة لمتابعة السكان وتحديد مواقع إقامتهم والاستئناس بتجارب الدول المتقدمة في هذا المجال . 3) مقاومة الانتصاب الفوضوي بتخصيص محلات ومساحات يمارس فيها أصحاب البضائع والسلع المراد بيعها بعيدة عن المحلات التجارية والطرقات العامة . 4) بعث هيئة في صلب كل بلدية بالتعاون مع الصحة العمومية تعنى بحفظ الصحة والسلامة ومراقبة المبيعات المتصلة بالغذاء ومواد التنظيف وكل ما يهم صحة الإنسان . 5) تدعيم البلديات بكفاءات في المجال الهندسي والفني لتقديم المقترحات والبدائل لتحسين ظروف عيش المواطنين وبعث لجان تفكير مفتوحة للعموم تتولى رصد الإخلالات وتقديم المقترحات إلى المجلس البلدي والجهوي ومصارحة المواطنين بعملها ودعوتهم إلى المشاركة في أعمالها من أجل مدينة نظيفة وآمنة. 6) القيام بحملات توعية ودعاية باستغلال وسائل الإعلام المحلي والجهوي وخاصة الإذاعات الجهوية بتخصيص نصف وقت البث في التوعية والإرشاد والتوجيه للسلوك الحضاري والتعايش السلمي بالتنسيق مع المجالس الجهوية للبلديات. 7) تطهير البلديات من بعض العناصر التي استغلت مهامها للانتفاع الشخصي وحامت حولها شبهة الارتشاء والفساد. هذه بعض الأفكار رأيتها ضرورية على أن تبقى المجالات الأخرى للمختصين وأصحاب الرأي الآخر.