قال الأول للثاني : تراك سرقت الخزينة العامة ؟ فأجابه الثاني : لا . أبدا. فقال الأول : تراك سرقت البنك المركزي ؟ فقال الثاني : لا. أبدا. فقال الأول : تراك زرت البنك المركزي ؟ فقال الثاني: زرته. ولكني لم أسرق منه شيئا. فقال الأول: إذن أذهبت للتبييض؟ فقال الثاني: وما تبييض ؟ فقال الأول : الطلي بالجير. فقال الثاني: لا. أنا لا أطلي بالجير بل بالسورفاسير. فقال الأول: تراك سرقت بقرا أو غنما أو إبلا أو بيضا أو دجاجا أو أعلافا أو غيرها ؟ فقال الثاني: لا . أبدا. فقال الأول: ولا بيضة واحدة ؟ فقال الثاني : ولا بيضة واحدة. فقال الأول : اذهب . فأنت رجل أمين. ولما أن أدبر منصرفا صاح به الأول: قف عندك ! الريش على رأسك. فما كان من الثاني إلا أن وضع يده على رأسه. فصاح به الأول : وقعت متلبسا أي أنت سارق الدجاج. ولم ينكر الثاني التهمة. بل أكدها أي تأكيد. فسأله الأول : والغنم والبقر والإبل والبنك المركزي والخزينة العامة أسرقتها؟ فأضاف عليه الثاني : والخزينة العامة والخزينة الخاصة والقمارق ووزارة المالية ووزارة التجهيز ووزارة أملاك الدولة. وسرقت العاطلين عن العمل والمعاقين والمرضى والمعوزين والغنم والبقر والإبل والحمام والبيض والدجاج وبطاقات شحن الهاتف الجوال وغير الجوال.. والكفاءات والديبلومات سرقتها.. والأحزاب والجمعيات سرقتها.. وإرادة الشعب سرقتها.. والمجلس التأسيسي سارقه لا محالة. فعلق الأول ببيت للمتنبي يقول: نامت نواطيرُ مصرَ عن ثعالبها فما بَشمْنَ وما تفنَى العناقيدُ فصاح صوت تردّد صداه في السهوب والوهاد وفي الوديان والجبال: أمّا ناطورُ تونسَ فلم ينمْ. ولكنه واقع في سِنَةٍ من نوْمٍ!