ككل صباح ومثلما أفعل كل يوم وقبل ان التحق بمقر عملي هاتفت والدي في تونس لأسأل عنه وعن صحته خاصة بعد المرض الذي ألَمّ به في المدة الفائتة، وكعادته التي أعرفها عنه أعلمني انه بخير وانه يتمتع بصحة جيدة وانها في تحسن، الا انني بعد ان لاحظت ان صوته غير طبيعي ألححت عليه بالسؤال فاضطر اضطرارا الى اعلامي ان الاطباء قرروا اجراء عملية جراحية عاجلة. وأسرعت بالسؤال: وهل قبله ذلك؟ قال: طبعا ولِمَ لا؟ فطلبت من والدي بكل الحاح ان يعجّل بالمجيء الى ايطاليا حيث أقيم وانني سأرسل له تذكرة السفر في انتظار ترتيب الأمور حتى تتم العملية الجراجية هنا في ايطاليا... واذا به يفاجئني بالقول ان الأمور وقع ترتيبها وان الاطباء قرروا بعد موعد اجراء العملية باحدى المصحات وان ثقته كبيرة في مهارة الاطباء التونسيين مضيفا القول ان الطب في تونس متقدم وان بلادنا تتوفر بها الكفاءات العالية في مختلف المؤسسات الصحية سواء كان ذلك بالمستشفيات او المصحات الخاصة حيث التجيهزات المتطورة... وان الكفاءات الطبية معترف بها في كل انحاء العالم والدليل وغيرها من المدن تعج بالمرضى المقيمين الأجانب وخاصة من الدول المجاورة. قلت : كيف ذلك يا أبي... هل تذكر عندما مرض ابني (حفيدك) في احدى زياراتنا الى تونس : »وهربت« به من مستشفى الاطفال بعد ان قضى ليلة واحدة رغم انه من المفروض ان يقيم عدة ايام هناك؟ قالي لي أبي: نعم أذكر ذلك لأن القطاع العمومي الصحي تنقصه العناية وحسن المعاملة والنظافة والتنظيم والضمير المهني، وتطبيق المبادئ التي تأسست عليها مهنة الطب و... قلت: ورغم ذلك ستجري العملية في تونس؟ حسنا سأحجز مقعدا بالطائرة لأكون الى جانبك... قال أبي : لا فائدة في الازعاج لأنني الآن في المصحة، وها هو الطبيب المبنج الى جانبي ليدخلني في غيبوبة... وفعلا، لم تنقطع اتصالاتي الهاتفية بالمصحة، لأعلم في النهاية بنجاح العملية الجراحية التي تمت في أسرع وقت وبكامل الاتقان والمهارة... والحمد لله... وحمدا على السلامة يا أبي عثمان.