خانني حدسي يا «حفّة» ومتّ فعلا... خانتني نرجسيتي حين أردتك ان تعيش رغم كلّ الظروف فمتّ رغم ذلك يا «حفّة»... لا مانع عندي ان تموت الآن.. فتلك مشكلة أخرى... ولكنّك غدرت بي يا حفّة... أتدري لماذا...؟ أيام زمان حين تعترضنا كلمة »موت« أثناء جلساتنا الجميلة، كنت تزيحني عن الجماعة جانبا بنكتتك الجذّابة وفذلكتك المعهودة وتقول لي بكلّ جدّية: »اختار يا حامد« من سيموت منّا الأوّل؟ فأجيبك ببلاهة، لماذا هذا السؤال يا حفّة ونحن في أحلى لحظاتنا؟ فكنت تردّ عليّ امنيتي يا حامد ان أرثيك عند وفاتك بأروع ممّا لم تَجُدْ به قريحتي أبدا.. فمُت يا »سخطة« فهل انت فاعل مثلي ان مت قبلك؟ أجبتك حينها صراحة لست مستعدّا للاجابة الآن ومع ذلك فسأفعل أو سأحاول ذلك.. ثق يا حفّة... ومرّت الأيام.. بل هي لم تمرّ أصلا.. لم ولن ينتهي زمن حفّة... ومن يحبّ حفّة فليبكه طويلا... وطويلا.. ويؤجل بقية بكائه الى تواريخ لاحقة.. لمْ ولن ينتهي زمن حفّة لأن كلمة »حفّة« لن تمّحي بسهولة من جميع مناجد العالم فكلمة حفّة تعني: عبد الحفيظ المختومي استاذ عربية وكنيته الكنعاني المغدور... مناضل يساري... نقابي، ثوري، حقوقي، أحبّ السلام... أحبّ غيفارا... احبّ جورج حبش وغسان كنفاني... أحبّ اليمن والجزائر وبيروت والعراق وتونس... أحبّ الجميع... والجميع يحبّه. 2 أختي العزيزة وسيلة: يا طيبة القلب يا مناضلة... حين قبّلتك ذاك الصباح الأليم واحتضنتني يداك وبكيت طويلا بين احضاني... ذكرت لي فيما ذكرت بأنّ »حفّة« كان يضع أمامه آخر نصّ كتبته عنه ويقرأه المرّات العديدة في اليوم... فتارة يضحك حدّ البكاء وأخرى يتنهّد طويلا... ويرتمي على فراش الألم... انتفضت حينها فجأة لأن النص كان مغلقا ببهو دار الصحافي... جريت طويلا ولكنّني لم أجده فقد أضحى ذلك النص شبه »بورتريه« أو لوحة زيتية لما تضمّنه من ملاحظات مختلفة من قبل الاصدقاء على كامل جوانب النص. 3 ابني العزيز: غسّان... حفّة الصغير... تماسك... ولو انّك كنت دائما متماسكا حدّ العجب... فقد رحل حفّة الكبر... والتهمة »أتربة« »ماسوج« المباركة... وسيغيب عنّا الى الابد صاحب »الدنڤري والمظلّة«، سيغيب عنّا الى الابد صاحب كلمة »وَرْوَرْ«. سيغيب عنا إلى الأبد وكيل عصافير باب البحر... ووكيل ذلك الشارع الطويل »وَرْوَرْ« يا حفّة... 4 وداعا حفّة... لم أفِ بوعدي تجاهك مثلما تعاهدنا... ثق انّني سأحاول... حتّى أعترف انّني انتصرت عنك... أكيد...