(بمثابة تقديم ديوان «ليه يا بنفسج» لوليد الزريبي) (الكاتب الحرّ سليم دولة) 1 لم أرتبك. ... قدّمت، من قدّمت من الشعراء الملفوظين باللغة العربية، ينتسبون إلى جغرافيا الوطن، الوطن المجروح من الوريد إلى المجازات. قدّمت العراقي الجميل والنبيل علي حبش في ديوانه: «سنوات بلا سبب» وهو أمر قد شرّفني به، ذلك العراقي النبيل ولم أرتبك مثل ارتباكي حين لحظتي هذه. ... تماما... كما سبق لي أن قدمت من أجمل الدواوين الصادرة في الجغرافيا الحبرية العربية، ديوان السوري الجميل حبريا: «حكاية صوفي» للشاعر الناعم نديم الوزّة، الذي لم يسبق لي أن التقيته رأسا إلى حدّ الآن. تماما... كما كنت قد قدّمت الراحل الجميل «جمال الدين حشاد» في كتابه «أشياء ضدّ بياض الحرف» أيضا، وأيضا كنت قدّمتُ «مدوّنة الملاعين الطيبين» لمجموعة من الشعراء التونسيين الذين التمستُ فيهم طاقة جمالية ممكنة لتأسيس بناء، لاجتراح قول شعري مختلف «عبد الحفيظ المختومي منتصر الحملي المنجي الطيب الوسلاتي حامد المرايحي عياض الشابي صلاح الدين الحمادي». تماما... كما كنت قد قدّمت ديوان «معزوفة الغيم» وديوان «القطار» لبوبكر العموري، وديوان «الكنعاني المغدور» لأبي غسان عبدالحفيظ المختومي. قلت لم أرتبك مثلما أرتبك الآن. أمام نصّ جميل ومربك وأنيق: «ليه يا بنفسج»؟؟ للشاعر الشاب الذي يحلو لي دائما ان أسمّيه في غيابه الشاعر الكاميكازي! أما من حيث أنه جميل فهو يؤذيني، بمعنى يؤلمني بحدسه الأنيق الجميل والجليل! ... أنا الذي كنت قد تعلّمت من الألماني كانط أن: «النهار جميل والليل جليل».. احتراماتي للأمّة الألمانية على تصوّرها للجليل والجميل! 2 إن شاعري، حين هذا الحين: «ليه يا بنفسج»، يؤثّث بلذة استثنائية حزني الاستثنائي، حين يقول مثلا، مثلا... عند المشرع الشعري السادس عشر. 3 لا أظنّ أن ابن حورية حين كتب في قصيدته: «لا أريد لهذه القصيدة أن تنتهي»، إني على يقين أنه كان يقصدك: «لا تُصدّق خلاصتنا وأنسها وابتدئ من كلامك أنت. كأنك أول من يكتب الشعر، أو آخر الشعراء. إن قرأت لنا، فكي لا تكون امتدادا لأهوائنا بل لتصحيح أخطائنا في كتاب الشقاء! لا تسل أحدا. من أنا؟ أنت تعرف أمك أما أبوك.. فأنت! كم ساتلفني مع الشاعر وكم ساتلفني مع حفيدي، هكذا هو الأول يتيم عاطفي، وهكذا هو الثاني وليد الزريبي. لن أجدني إلا في أجمل الخسارات الحبرية، أحبّ هذا، والآخر أحبّني وأحبّه. 4 كم عشنا طويلا على أسطورة «ترنسيس الماء» لم نفكّر بما يليق نحن العرب بحجم حضارتنا أنه ثمة أكثر من نرسيس للصحراء. الشعر ظاهرة لا تنبع إلا في التصحّر.. نُسمّي تصحّرا حين نرى ذواتنا في مرآتنا فلا نرى غير سوانا. أليس الشعر كما الفتوّة يستلزم التدريب والتدرّب على الخطو مع الجياد؟ «الحرّاس على الباب نحن طرنا بأحلامنا وسكنّا الغياب» وأكثر... «في الطريق إلى البيت كلاب وأحزان سائبة، البيت الذي لم يضق يوما بغريب صار ينبحُ» هذا ما يفسّر جغرافيا حزني الشخصي! لا أحد يصدق من الخلق حين هذا الحين أن رغبة بالعواء تسكنني، أستحضر: «فضل الكلاب على الكثير من وضع الثياب» كم وددت أن أقبّل المرزبان صاحب هذا الكتاب. صاحب المكتوب الذي أقدّم: «ليه يا بنفسج» بنرجسية فائقة دون وصاية أبوية يمكن أن يكون حفيدي الحبري الذي به أثقُ. لو كنت قد تزوجتُ صغيرا لكان هو أخري الحبريّ. لكن ماذا سأفعل بي هذا النصّ الفاحش؟ جمالا.. لذّة.. استعارة.. وإحالة طفولية خاصّة؟؟ حين قرأته، أول مرّة، ابتهجتُ وتأمّلت ورقصت في سرّي بلا أسف منّي عليّ. قلتُ لي: درويش يا توأمي الميلادي يا ابن حورية، لم تمت كمدا إن خان بعض السلالة، الجميل في السلالة... ثق أن في السلالة من يحبّك ويكايدك.