رغم ما شاب الجلسة الاولى للمجلس الوطني التأسيسي من نقائص فاننا نسجّل نجاح الجلسة الاولى في عكس نمط ديمقراطي يبشر بأفق واعد واذا ما حسُنَت النوايا وصدُقت الاقوال خاصة اذا ما اضفنا الى الحدث الرئيسي المتمثل في اجتماع الاعضاء المنتخبين ذلك الحدث الكرنفالي او ما سمّاه البعض «زفّة التأسيسي» التي حفت بالاجتماع بل سبقته ومهدت له والمقصود به التجمع الجماهيير الحاشد امام مجلس النواب والذي ضمّ آلاف المواطنين جاؤوا لاسماع صوتهم لنواب الشعب وليؤكدوا لهم ان عيّن المجتمع المدني والهيئات والجمعيات والقوى الشبابية لن تنفك عن مراقبتهم ولن تسهو عن تذكيرهم بمبادئ الثورة والشعارات نادى به الشعب التونسي في وجه الطاغية ونظامه الدكاتوري الاستبدادي ودفع ثمنها قرابين بالمئات من فلذات اكباده الذين كانت ارواحهم حاضرة من خلال مئات الحناجر التي طالبت بالقصاص العادل من قتلتهم. غير ان كل هذه الاحتفالية لم تنس المراقبين الصادقين التنبّه إلى غياب بارز خيّم على المجلس الوطني التأسيسي ولم تلفح رطانة السيد الطاهر هميلة الخطابيّة ولا مواقفه الاستفزاية ولا نكاته الطريفة ولم تستطع نظرات السيد حمادي الجبالي الحازمة ولا تدخلات السيّد المنصف المرزوقي الديبلوماسية في اخفائه.. انّه غياب الاتحاد العام التونسي للشغل الذي القى بكلكله على المجلس وترك في الانفس حسرة وألما واكثر من سؤال بلا اجابة هل يعقل ان يؤسس لجمهورية ثانية في تونس دون أن تكون روح حشاد والحامي والتليلي وعاشور حاضرة عبر منظمتهم التي لا يشك عاقل في انها كانت الحاضنة التي احتضنت شباب الثورة في كل المدن التونسية وفتحت لهم المقرات والساحات واخرجتهم من السجون وغرف التحقيق عندما وقعوا في يد زبانية الطاغيّة؟ هل يعقل ان يدان الاتحاد من قبل الحكام الجدد بسبب الاضرابات الشرعية والمشروعة التي يخوضها المناضلون دفاعا عن حقوق العمال المغتصبة من ارباب العمل ويتناسى الجميع ان الاضراب هو الشكل الاحتجاجي الذي انهى حكم الطاغية حيث افقده الاضراب العام بصفاقس كل قواه واجهز عليه الاضراب العام بتونس العاصمة في 14 جانفي 2011؟وُجد الاتحاد ليبقي وسيظلّ عمود الصاري في مركبة الوطن وهي تشق الطريق وسط امواج الهزات المحليّة والدولية وامواج رأس المال الشده لعرق العمال وقوت الكادحين المفقرين من ابناء الشعب، نحو شواطئ اكثر حرية وكرامةً وعدالة اجتماعية. «أحبّك يا شعب» بهذه القولة الموغلة في الوطنية والصدق دون مواربة او نفاق او تكلّف التي اطلقها الزعيم الوطني فرحات حشاد ختم السيد مصطفى بن جعفر رئيس المجلس الوطني التأسيسي كلمته التي ألقاها على الحضور بعد تسلمه لمهامه قد تكون هذه الاشارة المتأخرة تداركًا لهذا الغياب او التغييب لاحفاد حشاد عن فعاليات المجلس الوطني التأسيسي. ولكن ورغم ذلك سيظلّ الاتحاد العام التونسي للشغل حاضرا بالغياب ممتنعا عن الاقصاء والتهميش مهماحاول المغامرون.