في الوقت الذي تعيش فيه تونس مسارًا انتقائيًا تاريخيا بعد نجاحها في التحرّر من براثن الدكتاتورية بفضل ثورة الكرامة والحرية وعودة السيادة للشعب ومن منطلق الايمان بضرورة العمل على إعلاء راية الوطن اقليميا ودوليا وابراز صورة تونسالجديدة التي أصبحت محطّ أنظار جميع الدول والشعوب التوّاقة للعدل والمساواة ونصرة قضايا الحق، تودّ النقابة الأساسية لأعوان وزارة الشؤون الخارجية توضيح ما يلي: انّ وزارة الشؤون الخارجية تعرّضت منذ تولّي المخلوع مقاليد السلطة الى عمليّة استنزاف وتدجين تمثّلت بالخصوص في التقليص من مرجع نظرها بنزع ملفات مهمّة كالتعاون الدولي والتونسيين بالخارج منها وكذلك في تهميش السلك الدبلوماسي والسلك الاداري والتقني، بضرب أنظمتهما الأساسية وإفراغهما من عديد الحقوق المكتسبة، كلّ ذلك لغاية إضعاف هذا الهيكل العريق وإحكام القبضة عليه. انّ استهداف الوزارة خلال حقبة نظام بن علي مردّه العداء الدفين للمخلوع لهذا الهيكل الذي كان يذكره بضعفه زمن عمله تحت اشراف دبلوماسيي الوزارة وكذلك وقوف ثلّة من هؤلاء إبّان تولّيه الحكم لمعارضته في ضرب المهنة الدبلوماسية وتهميش الدبلوماسيين، الشيء الذي عرّض مجموعة من خيرة كوادر الوزارة الأكفاء إلى عديد المضايقات وصلت الى حدّ إحالتهم على التقاعد الوجوبي والزجّ بالبعض منهم في السجن على اثر تلفيق تهم كيديّة لهم. انّه نتيجة لما شرح، شرّع المخلوع السطو، من كلّ حدب وصوب، على مراكز القرار بالوزارة وبممثّليّاتها الدبلوماسية والقنصليّة بالخارج لتطويعها وتوظيفها في خدمة منظومة الفساد الى حدّ أصبح جلّ أبناء المهنة بمثابة الغرباء عن دارهم، يصارعون فيها الممارسات المقيتة لهؤلاء الدخلاء ويسبحون ضدّ تيّار الفساد الجارف. انّ بعض التسميات بالداخل وبالخارج والابقاء على من ارتبطوا بمنظومة الفساد، اعتمادًا على منطلق الموالااة والمحسوبيّة والمحاباة، في سياق سياسة ممنهجة للشّد الى الوراء ومواصلة اعتبار التسميات بمثابة اقتسام «الكعكة»، تمادى بعد ثورة الكرامة والحرية وأدّى الى حرمان الكفاءات والاطارات الشابة التي تزخر بها الوزارة من المساهمة الفاعلة في إعادة الاعتبار للمهنة. انّ تثبيت مبدأ السلك الدبلوماسي المهني، المعتمد من قبل جلّ البلدان الديمقراطية، يقتضي اعتماد حياد واستقلاليّة وخصوصيّة المهنة الدبلوماسية ويحتم الوقوف على إعادة الاعتبار إلى هذه المهنة وللمنظومة الادارية والتقنية التي تعاضدها بوصفها أداة لتنفيذ السياسة الخارجية للدولة.