بسعادة زائدة للبعض ومرارة صعبة الهضم للبعض الآخر، لكن بفرح غامر وحبّ مفرط للاتحاد، ختم المؤتمر الثاني والعشرون للاتحاد العام التونسي للشغل المنعقد أيام 25 إلى 28 ديسمبر 2011 بمدينة طبرقة أشغاله الدسمة وأفرز قيادة جديدة انتخبها 515 نائب مثّلوا القطاعات والجهات من مختلف أنحاء البلاد. ومثلما جرت به العادة، وتنصّ عليه قوانين الاتحاد الأساسية والداخلية، اجتمع المكتب التنفيذي الموسع المتألف من الأعضاء المنتخبين ومن الكتاب العامين للاتحادات الجهوية وانتخبوا الأخ حسين العباسي أمينا عاما جديدا. كمنا وزّعوا مسؤوليات الأقسام على بقيّة الأخوان المنتخبين. وجاءت هذه الاجراءات تتويجا لأربعة أيّام من الأشغال جرت كما وقع التخطيط لها وانتهت في أبهى الصور حيث أنّ المؤتمرين والمترشحين التقوا في قاعة الجلسات وأنشدوا سويّة نشيد الثورة والوطن في حماس أكد تعلّق الجميع بالاتحاد ووفاءهم له ووحدتهم من أجل الدفع عن مطالب الشغالين بكل إخلاص. الأخ عبد السلام جراد أساسار والاخوة أعضاء المكتب التنفيذي المغادرين محمد سعد ومحمد شندول ومحمد السحيمي ورضا بوزريبة ومنصف اليعقوبي وعبيد البريكي وعلي بن رمضان كانوا على قدر كبير من الأريحية والسعادة وهم يضمنون الانتقال الديمقراطي الحرّ والسلس والسلمي «للسلطة» خارج أي نوع من أنواع الضغوط ويسلمون «الشقف» في حالة حسنة الى ربابنة جدد، ليسوا غرباء عنه ولا دخلاء عليه، بل هم من أبنائه ، تربّوا في صلبه ونهلوا من علمه وتغذوا من معينه فبدوا أصلب وأكثر استعدادًا وأمضى عزيمة وقدرة على قهر الصعاب وتجاوز العقبات. ولأنّ هذا العدد الماثل بين أيديكم هو بمثابة الوثيقة المرجع فإنّنا نذكر بأنّ الأشغال انطلقت الأحد الماضي على الساعة الرابعة مساء وتحت شعار «أحبّك يا شعب» لتتواصل على امتداد أيّام 26 27 و28 ديسمبر 2011. ولئن بدا هذا المؤتمر عاديا فإنّه وحسب إجماع كلّ الملاحظين والمتابعين للشأن النقابي كان نوعيا بامتياز من حيث الظرفية السياسية والاجتماعية التي ينعقد في ظلّها وقد تكون هذه الظرفية هي التي طبعت جلسة الافتتاح بصورتين أولاهما داخل قاعة الأشغال وابتدأت بإنشاد النشيد الوطني كاملا ثمّ برفع شعار «بالروح بالدم نفديك يا اتحاد» والثانية أمام النزل ومركباتها العدد الكبير جدّا من النقابيين والنقابيات الذين جاؤوا من كلّ أنحاء البلاد لمواكبة هذا المؤتمر رافعين نفس الشعار «بالروح بالدم نفديك يا اتحاد» وهو ما فسّره المراقب?ن بالتزاوج بين داخل قاعة الأشغال وخارجها في اشارة تأكيد على وحدة الصف النقابي وعلى حبّ الاتحاد وعلى الاستحقاقات التي يريدها العمّال سواء من الاتحاد أو الدولة والمجسّمة في لافتات رُفعت على طول مدخل المدينة وأمام النزل. هذا التزاوج يعبّر أيضا عن إرادة نقابية لتكريس استقلالية الاتحاد وعدم فتح منبره للمزايدات السياسية والاستقطابات الفكرية أو العقائدية وقد لمسنا ذلك عندما دوت القاعة رافضة تلاوة برقية السيد رئيس الجمهورية المؤقت الموجهة للمؤتمر من خلال شعار «الاتحاد مستقل والشغيلة هي الكل» وتُضاف إلى هذه المعادلة غياب تكريم هذا الوجه أو ذاك من النقابيين لأنّ الأحق بالتكريم في هذه المرحلة هم أعضاء المكتب التنفيذي الوطني المغادرين ويفسّر ذلك إلى أنّ هؤلاء الاخوة قد يواصلون نشاطهم النقابي عبر عدّة مواقع مختلفة. هذه الصورة بنصفيها والتي واجهتنا أثناء الجلسة الافتتاحية لا يمكن أن تحجب عنّا ذكر بعض الضيوف الذين حضروا منهم بالخصوص السادة عياض بن عاشور رئيس اللجنة العليا للاصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي وتحقيق أهداف الثورة والسيدة كلثوم كنو عن جمعية القضاة التونسيين والسيد عبد الستار بن موسى عن الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان والسيد الناجي البغوري عن الهيئة العليا لإصلاح الاعلام والأخ محمد الطرابلسي الوجه النقابي التونسي المعروف عن منظمة العمل الدولية الى جانب ممثّل عن منظمة العمل العربية وممثلين عن الجالي? التونسية بالمهجر ثمّ السيد كمال الجندوبي اللجنة العليا للانتخابات وقد تمكّن كلّ هؤلاء الضيوف من التداول على الكلمة في هذه الجلسة. واثر ذلك فتح المجال للأخ عبيد البريكي الأمين العام المساعد الناطق الرسمي باسم الاتحاد ليقدّم برنامج المؤتمر ويرحّب بالضيوف ثمّ يُعطي الكلمة للأخ سليم التيساوي الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بجندوبة الذي ألقى كلمة ترحيبية باسم الجهة أعرب فيها عن اعتزاز جهته باحتضان هذا المؤتمر. بعدها عاد الأخ عبيد البريكي ليتولّى نيابة عن الأخ الأمين العام تلاوة التقرير العام للاتحاد والأخ محمد سعد تلاوة التقرير المالي وقبلهما المصادقة على اقتراح الهيئة الادارية بانتخاب الأخ عبد السلام جراد رئيسًا للمؤتمر والأخوين رضا بوزريبة وسليم التيساوي نائبين له. كما تمّت المصادقة على تركيبة أعضاء لجان فحص النيابات وفرز الأصوات ولجان اللوائح قب أن ترفع الجلسة الأولى لتتواصل الأشغال أيّام الاثنين والثلاثاء والاربعاء في جلسات متتالية تداول خلالها عشرات المؤتمرين على أخذ الكلمة إلى غاية عملية الانتخاب التي انطلقت في السابعة من مساء الاربعاء وتلتها عملية الفرز وتوزيع المسؤوليات وتبادل التهاني لتختتم الأشغال في أريحية وبهجة كبيرتين.