إنهم لا ينظرون إلينا الا باعتبارنا جنة خلفية ومنطقة عبور ومكان استراحة. اننا بالنسبة اليهم منتجع سياحي حيث صيد «الحْبَارة»والغزلان والاستمتاع بالبحروالأجسادالأنثويّة البضّة. هكذا يفكر القَطَريون والخليجيون بتونس. لا أحد منهم يؤمن بِذَرَّةِ إرادةٍ مما فعله الشعب التونسي، لا أحد منهم فرح بالثورة التونسية لأنها كانت بحق مخزرا في عيونهم وشوكة في حلوقهم. يأتون اليوم ليباركوا العام الاول وهم يؤجلون في داخلهم موتهم. من اين لهم الشجاعة الكافية كي يرحلوا، كي يتنحوا من كراسيهم التي جلسواعليها عقودا حتى تضخّمت وترهلت مؤخراتهم!؟ يأتون اليوم من الجهات الألف ليقبلوا التراب التونسي وعيونهم على المنتجع السياحي لخلق مستعمرات جديدة لأموالهم حتى تزداد بياضا على بياض، حتى ينجزوا مشاريع خدماتية سهلة الربح اعتمادا على العمالة الرخيصة. انهم يأتون وعلى رؤوسهم الطير لنهب عرق العمال والفلاحين ومئات الآلاف من الشباب العاطل كي يقدموا إليهم الفتات. يدخلون عبر ترحاب اللِّحِيِّ والعمامات كي يمتّعوا بطونهم بالنيران وأيورهم بمنازل الدعارة واستغلال النساء والرقيق الأبيض التونسي. نعم، سيقدمون الهدايا والعطايا والهبات وهم الذين كانوا بالامس إخوة لجلاّد الشعب فلا تنتظروا منهم شيئا لأنهم أشد نفاقا وكفرا وبهتانا. فكل من ساعد جلادا على الطغيان مشارك في الجريمة حتى النخاع!ولا فرق في ذلك بين عربيٍّ أو غربيٍّ أطلسيٍّ..... 2 يأتون فرادى وجماعات لمباركة الديمقراطية التي هي نطفة أولى في رحم الصحراء الكبرى، لكن من اين لهم ان يفهموا او يعرفوا الديمقراطية التي هي أبعد من سمائهم عن أرضهم القاحلة المالحة. ولأنهم كذلك أبدا سموا ثورة الشعب التونسي الجبار «ثورة ياسمين» ونادوا تونس باسم الخضراء لأنها فتية على الدوام بينما أرضهم صفراء باهت لونها لا تنجب سوى العقارب والأفاعي والموت الأسود! 3 لا تصدقوا أحدا يا أبناء بلدي ويا أهلي ويا سكني، لا تصدقوا أحدا، لا تصدّقوا اصحاب العمامات لأن بنوكهم مملوءة بالاموال التي نهبها الجلادون وأهلوهم. اطرُدوهم شرّ طردة وردُّوا عليهم أموالهم وعطاياهم وهداياهم واطرُدوا سفراءهم وأغلقوا سفاراتهم واحرقوها حتى يردوا إلينا المجرم وعائلته الموزعة بين فنادقهم وملوكهم وأمرائهم ومشايخهم. اطرُدوهم شرّ طردة وطالبوا باستعادة كل الأموال المهربة لأنها تكفي هذا الشعب نصف قرن من الرخاء والتنمية. ابصقوا على وجوههم ومؤخراتهم والعنوهم في كل زاوية. ليس ثمة اليوم أصدق من الشعب التونسي في صراخه الطبيعي الصافي «شعب تونس شعب حرّ.. لا أمريكا... لا قطر» هل ثمة أبلغ من مطالب هذا الشعب الأبيّ! 4 يأتونكم في طائراتهم الخاصة ليعرضوا عليكم الودائع والذهب والفضة وما يكنزون من نار في بطونهم. يأتونكم واضعين ايديهم على رؤوسهم نفاقا وإيهاما بأنهم يشاركونكم الاحتفال بعد عام على الثورة وفي داخلهم رعب وموت وخوف وجبن وبهتان. إنهم وَشَرَفِ الكلماتِِ يحْتفلون معكم وهم يلعنونكم في الداخل ألف مرة لأنكم جعلتموهم عراة حفاة ببيت الشابي : «إذا الشعب أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر» هذا البيت الذي دخل كلّ بيوت العالم يريدون تحويله الى: إذا الشعب يوما أراد الغِنَى فلابد أن تستجيب قطر» إنهم بحق الشعر والكلمات لا يفرحون لكم فقلوبهم معكم وسيوفهم عليكم! أموالهم نقمة لأنها مسروقة من الغيب ومن دماء شعوبهم. يتحدثون عن الحرية وأراضيهم مغتصبة بالقواعد العسكرية الأمريكية. يتحدثون عن العروبة والاسلام وعواصمهم مليئة بالسفارات الاسرائيلية وأياديهم ملطّخة بمصافحة المجرمين... 5 لقد سقطت حكومة الترويكا بزعامة النهضة، فاستعدوا لثورة ثانية ترُدُّون بها كرامتكم المغدورة وأصواتكم المهدورة! فهؤلاء وجماعة الأزرقِ والأبيضِ ومن ورائهم جماعة الأعلام السوداء هم كما قال الشاعر التونسي أنور اليزيدي «على كراسيهم يبيعون البرّ والبحرَ من تحت مكاتبهم ولِحِيِّهم والشعب يبيع الرّيح للمراكب ويسأل لماذا تجري الرياح بما لا تشتهي السّفُنُ»! أما أنا فأزِيدُ : الشعب التونسي الآن تحت حكومة الترويكا المؤقتة وتحت ضربات العمائم واللِّحِيِّ هو أشبه بالأيتام على موائد اللِّئام أو هو عبارة عن جمعية للصُمِّ والبُكْمِ راكبة في حافلة من إهداء سيادة رئيس الجمهورية!