شعري صُراخ العقل والوجدان وصريح قولي صيحةُ الانسان وعزيمتي في الكوْن من ذاك الذي صلبوه حيًّا في ذُرى القضبان أعني شهيد الحق حلاّج الهوى واحرّ قلبي من ذوي السّلطانِ تركُوه في ليل بهيم مُوحشٍ في مرتع الذّئبان والعقبانِ من بعدما قامُوا اليه فقطّعوا أوصاله كالفرخِ بالاسنان فكساه دمّ وهو يضحك قائلا: دمّي وُضوء العاشق الولهانِ فاغتاظ قائدهم وقال تشفيّا: هيّا احضروا السّياف في الإبّان فهوى على رأس الحسيْن بسيْفه والنّاس في التكْبير للرّحمان فبدا لمن قتلُوهُ ظلما أنّه سيظلّ حيًّا في ذوي العرفان فأتوا به نصفين ثمّ تحلّقُوا ورموابه في ألْسُن النيران ونسوا بأنّ رمادهُ خيْرٌ إذا ما طار عمّ الكون بالإحْسان فأتته أرياحٌ وذرّتْه على صفحاتِ دجْلة وهو في نقصان فأتى بسيل جارفٍ وكأنّه إذْ هبّ، هبّ كهبّة البركان فروى وأغدق أنعما حتّى غدا للنّاس مكرمة على الأزْمان حتّى لقد قالُوا رأيناه وما صلبوه أو قتلوه بالبهتان وكذا الذين قضوْا ولم يتبدّلوا يسْمون بالأرواح والأبْدان. الركعة الثانية أقُول للكاتب النحرير ذي القلم يا خادم الباي زاد البايُ في سقمي فهلْ ستكتب أني لسْت متهما إلاّ بحبّ بلاد شهدة بفمي أمْ هل ستكتُبُ أنّي خائنٌ وطني كما ادعى البايُ لما قلْتُ: ما تهمي؟ ولست يا الكاتبُ النحْريرُ غير فتى يقول «لا» حين لا قوْلٌ سوى «نعم» أنا الحسيْن وباب البحر يصلبني أنا الحسيْن وفي قرْطاج سال دمي ولسْت نجل عليّ لا ولسْت أنا حلاّج بغداد إذ يلتذّ بالألم والباي مثل يزيدٍ أوْ كمقتدر أحلَّ سفك دمي في الاشهر الحرم فاحضر النّطْع والسيّاف في عجل وقال: أوْص فأنت الآن في العدم فقلت: يا أيّها الجوْعى الا اقتربوا لتأكلوني فإنّي الخبْزُ في الأدم فكنت زاد بلاد اللّه قاطبة يقتاتني الناس منْ عُرْب ومنْ عجمِ. هوامش: إشارات إلى الحسين بن علي شهيد كربلاء وقاتله يزيد بن معاوية والحلاج وقاتله المقتدر العباسي