على مدى ايام 26 و27 و28 مارس 2012 عقد قسم القطاع العام ندوته السنوية الدستورية بمشاركة المسؤولين عن الدواوين والمنشآت العمومية وحضور عدد من الكتاب العامين للجامعات والنقابات العامة والاتحادات الجهوية للشغل. وقد تضمنت الندوة حسب برنامجها محاضرتين مهمّتين الاولى القاها الاستاذ سامي العوادي حول والثانية للأستاذ عبد السلام نصيري حول العلاقات الشغلية في اطار استحقاقات الشغالين بعد ثورة 16 جانفي وقد حظيتا بنقاش معمّق ومسؤول. الندوة تطرقت كذلك الى تقييم الجولة السابعة من المفاوضات الاجتماعية وتقديم مقترحات حول الجولة القادمة الى جانب كيفية مراجعة المنشور عدد 07 المؤرخ في 14 فيفري 2012 حول اعتماد الانصات صلب الهياكل العمومية من قبل المسؤولين عليها هذا بالاضافة الى تقييم عملية ادماج اعوان المناولة في القطاع العام من جهة اخرى ناقشت الندوة برنامج القسم لسنة 2012 والمصادقة عليه. وكان الاخ كمال سعد مسؤول القسم قد اعلن ان القسم يستعد لوضع خطة للتفاوض خلال سنة 2012 عبر مجمع القطاع العام والذي يضم الجامعات والنقابات العامة المعنية.. بعد ذلك قدم الاخ سامي العوادي محاضرته حول : مداه وحدوده وعراقيله وقدم بسطة عن الحوار الاجتماعي في اوروبا باعتبارها مارست هذا الحوار حسب المعايير الدولية المعتمدة قبل ان يتطرق إلى الحوار الاجتماعي في تونس والذي هو شبه غائب بل هناك خلط من الحوار والتشاور والحوار الاجتماعي مبينا ان الحوار الاجتماعي في تونس ثنائي بين الأعراف والعمال وبين العمال والدولة متحدثا عن الظرفية الاقتصادية للحوار الاجتماعي في تونس والتي تتميز بوجود حكومة مؤقتة شرعية ووجود شركات ودواوين تشكو صعوبات جدية واشكاليات من بلوغ الاقتراض الاجنبي حدودا كبيرة وهو ما يجعل الوضع استنساخا لنفس السياسات الاقتصادية للحكومات السابقة ينضاف الى ذلك برنامج مالي تكميلي لا شيء يُذكر فيه لفائدة العمال بالفكر والساعد دون ان ننسى الهجمة التي تعرض لها الاتحاد خلال الاسابيع المنقضية الاستاذ سامي العوادي وبعد ان ذكر بالاتفاقيات والتوصيات الدولية المنظمة للحوار الاجتماعي تطرق الى المبادئ المعتمدة لممارسة الحوار الاجتماعي في أوروبا ذاكرا بالخصوص النهوض بالتشغيل وتحسين العمل والحماية الاجتماعية وتطوير وتأهيل الموارد البشرية ومقاومته الاقصاء الاجتماعي والاقتصادي وضبط الاستراتيجيات طوال الحياة. ولدى حديثه عن الحوار الاجتماعي في تونس ذكر الاستاذ العوادي ان تونس صادقت على الاتفاقية الدّولية دون ان تصادق على الاتفاقية عدد 151 المتعلقة بالوظيفة العمومية و154 المتعلقة بالمفاوضات الجماعية في القطاع العام لذلك اعتبر المحاضران الحوار الاجتماعي يُعتبر مبتورا في تونس داعيا الى ضرورة الموافقة على الاتفاقيتين المذكورتين من جهة اخرى ذكر الاستاذ سامي العوادي ان اللجنة الوطنية للحوار الاجتماعي (ولدت ميّتة) لانها لم تجتمع ولو مرة واحدة رغم انه تم احداثها سنة 1996. وبين المحاضر انه رغم وجود هياكل كالمجلس الاعلى للتنمية والمجلس الاعلى للتكوين المهني لكنها هياكل ذات صبغة استشارية وليست تقريرية والزام وبالتالي لا يمكن الحديث عن هياكل للحوار الاجتماعي وممارسته مشيرا الى انطلاق المفاوضات حول العقود المشتركة سنة 1973 لكن الحوار كان ثنائيا بين الاعراف وممثلي العمال وكان حوارًا تشاوريا وليس تعاقديا مشيرا الى ان اللقاء الذي جمع مؤخرا قيادة الاتحاد بقيادة منظمة الاعراف كان مهمّا لأنه تم باستقلالية وخارج أمر السلطة. الاستاذ العوادي اكد ان الحوار الاجتماعي في تونس يعاني من شدة التمركز وشدة التأطير الحكومي بالاضافة الى الخلط الموجود في المفاهيم بين الحوار والتشاور والحوار الاجتماعي مشددا على غياب التشريع الضامن لديمومة الحوار والزاميته... ولدى حديثه عن عراقيل الحوار الاجتماعي ذكر الاستاذ العوادي انها تنقسم الى قسمين ذاتية وموضوعية ومنها عدم التصديق على الاتفاقيتين 151 و154 الى جانب ضعف التعاون بين الاطراف الاجتماعية (علاقة عدائية) وضعف المجتمع المدني خاصة أنّ الاتحاد كان يواجه وحده دكتاتورية بن علي هذا دون نسيان الصعوبات الاقتصادية، فقد ذكر الاستاذ العوادي ان 97٪ من المؤسسات (ما يقارب 5700 مؤسسة) تشغل اقل من عشرة أجراء. وانطلاقا من حسه النقابي وانتسابه للاتحاد منخرطًا ومسؤولًا نقابيًّا سابقا، ذكر الاستاذ سامي العوادي ان الاتحاد يعاني من ضعف التطور المؤسسي الى جانب ضعف الامكانيات المرصودة للدراسات مشددا على حاجة الاتحاد مركز دراسات وآخر للتكوين داعيا الى ضرورة ضبط خارطة طريق اي اجندة اجتماعية لتدارك صعوبة التحول من طرف اجتماعي الى شريك اجتماعي فاعل كما شدد الأخ سامي العوادي على ضرورة مراجعة هيكلة الاتحاد بما يجعلها في خدمة العمال وقريبة منهم وخاصة حيث توجد كثافة عمالية وربما اعتماد التقسيم الاقتصادي والتخلي عن التقسيم الاداري المتتبع حاليا.