عرفت منطقة منزل كامل قرب مدينة جمّال من ولاية المنستير حركة غير عادية في تاريخ المنطقة بل الجهة بأكملها وذلك نهار الاثنين الماضي 9 افريل الموافق لعيد الشهداء عندما اعلن عصيان مدني واضراب عام شلاّ الحركة بالكامل في بلدة منزل كامل وعلى مستوى السكة الحديدية وهو ما تسبب في تعطيل لحركة القطارات الرابطة بين العاصمة والجنوب والجنوب الغربي عبر سوسةوصفاقس... هذه الحركة الاحتجاجية كانت وحسب الاهالي ونشطاء الشبكة العنكبوتية على سياسة الحكومة الحالية المعتمدة تجاه تجار قطع الغيار المستعملة التي ادّت فيما أدّت الى اقدام أحد الشبان من أبناء القطاع على الانتحار بإلقاء نفسه امام القطار المتجه من تونس إلى صفاقس بعد ان فاقت به السبل اثر افلاسه نتيجة تعرضه الى شتى المضايقات الادارية حددت ذلك يوم 5 افريل الجاري حسب مصدرنا الذي اضاف ان الضحية شاب في العقد الثالث من العمر وحيد والديه وهو الكافل الوحيد لهما الحديث العهد بالزواج هذا الشاب وحسب ما أفاد به السيد حسن ماي ضاقت به السبل الى حد دخوله في اضطرابات نفسيّة نتيجة تعرضه الى عمليات حجز فعليّ لضاعته وتعطل عملية تسريح «حاويه» بالشراكة مع احد التجار عالقة بالميناء وتحمل محركات مستعملة اقتناها بعد ان باع ضيعته واقترض اموالا من معارفه وهو الأمر (أي الانتحار) الذي صبّ الزيت على النار... نار المطالب الحارقة لاهل القطاع الذي يعتبر من الروافد المهمّة للاقتصاد الوطني إلى جانب الخدمة والنفع المسدى الى المواطن الذي يصادف من الخدمات ما يتماشى ومقدرته المادية في ظلّ الشطط الذي تمارسه «الدُّور» المعروفة على بيجو وسيتروان وفولزفاقن وغيرها... الغضب: الى جانب عملية الانتحار ودواعيها بالذات. كانت الفرصة لينفجر الناس ساخطين وغاضبين ومنادين بأعلى الحناجر ان انقذوا القطاع وانقذونا.. وذلك باعتماد لائحة مطالب أوجزها لنا السيد محمد الحاج منصور في ثلاث نقاط رئيسيّة.. 1 مراجعة النظر بل التخلي عن موضوع مضاعفة التسعيرة الديوانية المعتمدة لتسريح الحاويات العالقة بميناء رادس من 500 دينار إلى 100 دينار للطن الواحد في مرحلة اولى و2000 د ط في مرحلة ثانية وهو الأمر المتضارب مع القوانين والمعاهدات الدوليّة التي تفرض استمرار التسعيرة للبضاعة الموجودة بالميناء او التي غادرت ميناء المنشأ أو التي سلمت وثائقها إلى الناقل اقرارا لمبدإ أساسي في التجارة الدولية وهو ما يتعلق بالكلفة... ويؤكد السيد محمد الحاج منصور في هذا الباب ان اعتماد تطبيق تسعيرتين مختلفتين على نفس البضاعة وفي نفس الظروف يعتبر أمرا غير طبيعي يرقى الى درجة الانحراف والدخول في منظومات الى الفساد اقرب. 2 في خصوص إصدار كراس شروط المنظم لتوريد قطع الغيار المستعملة والاتجار فيها اعتمدت سلطة الاشراف على سياسة ضبابيّة متغيرة حسب الظروف خمرة تأذن باصدار كراس شروط ومرّة اخرى تعلن الانتهاء من اصدارها ومرّة اخرى تدعو وزارة الاشراف الى اصدارها ومرّة اخرى تصرح بأنها بصدد دراسة جدوى اصدارها! وهو كما يتبنى للجميع تضارب يتسبب في الاخلال وارباك عملية التزود الذي يتسبب بدوره في خسائر بمئات الملايين التي ادت الى افلاس البعض وما انجرّ عن ذلك من فقدان عشرات بل مئات من مواطن الشغل فضلا عن التأثير السلبي على المواطن الذي كان «يتسوّق» الى منزل كامل من شتى أنحاء الجمهور ناشد الرّفق بجيبه وعربته المتهالكة.. 3 الدعوة الى المراجعة الفورية لبعض الاجراءات الديوانية التي خلق شططها واجحافها ظواهر عديدة... تحضّر وآداب قد يكون الاعتصام الفريد من نوعه الذي عايشناه على مدار المدّة الاخيرة اي ما بعد الثورة حيث سجلنا خلاله حسن التعامل مع «المتضررين» منه واعني ركاب القطار مثلا... هؤلاء وبعد ان احتجز قطارهم وجدوا المعاملة الحسنة حيث... وفضلا عن الحافلات التي أعدت لنقلهم الى المحطة الموالية (الجمّ) وفضلا عن ذلك تم توفير بعض الخدمات على غرار توزيع الأكلات على كل الركاب الى جانب قارورة ماء كبيرة الحجم لكل مسافر كما احيطت احدى المسافرات برعاية خاصة وعاجلة لما علم القائمون على الاعتصام بانها تعاني من مرض الكلى ومرتبطة بموعد تصفية الدم... وهنا كان الموقف مؤثر جدّا حيث احتدّ التنافس بين اصحاب السيارات من أجل نقلها بأقصى سرعة الى أحد مستشفيات صفاقس لان موعدها لا يحتمل التأخير... المعتصمون بل القائمون على الاعتصام اعتذروا لركاب القطار وكذلك اصحاب السيارات من مستعملي الطريق القاطع للسكة والرابط بين منزل كامل والطريق السيارة معبرين لهم عن أسفهم لان «ما يْلزْ على المرّ كان الأمرّ منو» وهو نفس الامر مع وحدات الحرس الوطني الذين نالوا من الحظوة ما ناله المسافرون من ماء وغذاء وكذلك احترام... تململ وتعقل الأحداث في بلدة منزل كامل وكذلك على السكة انطلقت منذ الصباح الا ان تحرك السلط للاستماع على الاقل تأخر إلى ما بعد الظهر عندما حلّ الوالي بالجهة واقتصر على زيارة البلدية ولم يتحول الى النقطة الساخنة الاهمّ وهي مقطع السكة.. هذا الامر حزّ في نفوس الاهالي ودفعهم الى الاعتزام على بعض الخطوات الخطيرة الا أنّ رجاحة العقلاء كانت الغالبة حيث تم تأجيل «كل شيء» إلى ما بعد 48 ساعة وهي المهلة التي طلبها الوالي.