تبعا لتصريحات كاتب الدولة للهجرة والتونسيين بالخارج بالقناة الوطنية الأولى ليوم الثلاثاء 10 أفريل الماضي في برنامج « تحقيقات حول دولة الفساد « والتي كان لها الاثر السئ على معنويات العاملين بديوان التونسيين بالخارج لما تضمنته من إساءة واضحة لهذه المؤسسة العريقة التي ساهمت رغم الصعوبات والعراقيل والضغوطات المتعددة بشكل فعال في الإحاطة بالتونسيين بالخارج ووضع تصورات متكاملة لتفعيل هذه الإحاطة وإثراء مضامينها ومزيد التفتح على تنظيمات الجالية التونسية بأهم مناطق تواجدها ومواكبة الواقع المتحرك للهجرة التونسية. إذ نلمس من هذه التصريحات التي يرى جل المشاهدين انها مشحونة بالحقد المجاني والتحامل اللاواعي والإساءة وإنكار كل دور إيجابي قامت به هذه المؤسسة التي لم تكن يوما محل تشكيك في مصداقيتها وأدائها رغم النقائص والأخطاء التي لا يخلو عمل إنساني منها إذ أوحى السيد كاتب الدولة عن قصد أو غير قصد من خلال التوتر الواضح في ملامحه وتصريحاته الجارحة بفداحة حجم الفساد المتفشي بالديوان من جهة وشمولية الفساد من جهة أخرى. وإذ نأسف شديد الأسف لهذه التصريحات الصادرة عن عضو حكومة شرعية كنا نتطلع أن يمد يد الإصلاح الهادئة والمنصفة والقائمة على تقييم موضوعي لا عن إثارة التهم وإنكار تام لدور الديوان واستصغار ماقام به لفائدة الجالية وخدمة الوطن بوجه عام في ظروف أقل ما يقال عنها أنها كانت صعبة وغير مريحة وكم كنا نأمل أن نثمن المخزون الهائل للأفكار والتصورات والمقترحات التي تتوفر بالديوان قبل الثورة والتي لم يتسنى تجسيمها لأسباب يمكن للقارئ أن يدركها. وتعليقا على هذه التصريحات المتسرعة والقائمة على تقييم سطحي ومنحاز والإستناد إلى معطيات موجهة ومعزولة عن إطارها والتي لا نرى من خلالها إلا إرادة النيل من سمعة الديوان والإعداد لتقزيم دوره وإقصائه من صياغة مستقبل سياسة الهجرة والإحاطة بالجالية التونسية بالخارج وإيجاد المبررات لإتخاذ بعض الإجراءات العشوائية مثل الإنتدابات و التعيينات والتكليفات الغير المفهومة... . وهنا تقتضي الأمانة أن يبين السيد كاتب الدولة طبيعة الفساد الذي يقصده وأسبابه ودوافعه وأن لا يكتفي بكيل تهم خطيرة مسيسة ومبنية على أسس غير موضوعية ومن مصادر مشكوك في مصداقيتها ونزاهتها. وفي إطار ممارسة حق الرد على هاته التصريحات وإنارة الرأي العام نورد في مايلي بعض التعليقات والمعطيات التي نراها أساسية لفهم الموضوع ودور الديوان في الفساد : - لم تكشف إطلاقا كافة الهياكل الرقابية التي تداولت على الديوان خلال العشريتين الماضيتين عن فساد يذكر باستثناء بعض أخطاء التصرف العادية والشائعة بجل المؤسسات العمومية والتي لا تمس بسلامة النظام الإداري والمالي للديوان واحتراز مكاتب المراقبة الخارجية (مراقبة الحسابات التي تتولى سنويا التدقيق في حسابات الديوان) حول بعض النفقات بالخارج التي لم يتم تبريرها والتي يرجع تاريخها إلى التسعينات. - صحيح أن الديوان صرف منحة سنوية تكفل بعض النفقات الأخرى لفائدة هياكل التجمع المنحل وفق إتفاقيية ممضاة بين الديوان والتجمع المنحل وذلك سنة 1993 ومثلت هذه التدخلات عنصرا قارا مدرجا بميزانيته مصادق عنها من قبل مجلس المؤسسة (الذي يمثل جل الوزارات المعنية ومراقب الدولة) وكذلك سلطة الإشراف. هذه الميزانية الملزمة للهياكل المسيرة للديوان التي تعاملت معها بشكل شفاف ولم تثر أي ملاحظة على الإطلاق من أي طرف كان إلا الإتحاد العام التونسي للشغل الممثل في النقابه الأساسية للديوان والتي ذاق أعضائها الأمرين لأجل فضح هاته الإتفاقية والتشهير بها . حيث لم يكن بالإمكان لأي إن كان أن يشكك في شرعية هذا الإتفاق قبل الثورة. وإزاء هذا الموضوع بالذات من الطبيعي ان نتساءل إلى من ترجع المسؤولية في هذه الوضعية هل إلى من أقر ذلك وطور المقدار المسند أم إلى إدارة الديوان أم إلى سلطة الإشراف أم إلى هياكل الرقابة التي صمتت وساهمت بدورها في تكريسها بل وأضفت الشرعية لهذه التدخلات التي لا ناقة ولا جمل للديوان فيها. - هل يعقل أن لا تتفطن دائرة المحاسبات لهذه المسألة إلا بعد 14 جانفي 2011 ؟ - ماهي الأسباب التي ألجمت أقلامها خلال مهامها الرقابية السابقة لحسابات الديوان ؟ - هل يجوز لهذه المؤسسة المستقلة أن تتغافل عن تدخلات الديوان لفائدة التجمع المنحل وهي التي تدقق في الحسابات السنوية لكل هياكل الدولة ؟ - هل يمكن أخلاقيا أن تعمد (دائرة المحاسبات) إلى إكتشاف المستور الذي كان متاحا حتى 14 جانفي 2011 للتكفير عن ذنوبها وغسل تواطئها مع القيادة السياسية السابقة وذلك بطريقة مخجلة لا تليق بثورتنا المجيدة ولا بالدور الموكول لهذه المؤسسة التي كتب عليها الصمت خلال نظام الدكتاتور كما كتب على غيرها من هياكل الدولة ومنها ديوان التونسيين بالخارج . كان من الضروري إبراز هذه الحقيقة والإصداع بحقيقة الفساد ومجالاته وأسبابه إذ أن كل ما أسند إلى التجمع المنحل كان مسلطا على الديوان في إطار هيمنة الحزب على الدولة والذي تعاملت معه الإدارات المتعاقبة بشكل علني ولاغبار على سلامة هذه العمليات التي أقرت من قبل مجلس المؤسسة وسلطة الإشراف ولم تطلها أفواه وأقلام الرقابة باستثناء النقابة الأساسية للديوان إلى أن حررت ثورة تونس المجيدة الديوان وكافة هياكل الدولة . فبادرالديوان (نقابة أساسية وإدارة) بإيقاف كل أشكال المساهمة لفائدة التجمع المنحل والمصادق عليها بميزانية الديوان لسنة 2011 بل أكثر من ذلك بادر الديوان باسترجاع بعض التحويلات المالية التي أنجزت قبل تاريخ 14 جانفي 2011 . مع العلم أن كل ما تم إنجازه بعد الثورة كان بتنسيق تام بين النقابة الاساسية ومصالح الديوان وسلطة الإشراف. لقد ساندنا وسنبقى على الدوام سندا قويا لمقاومة كل أشكال الفساد ونشاطر حكومة الثورة في كل ما تقوم به من أجل هذا الهدف النبيل الذي يبقى في كل الاحوال غايتنا المشتركة. وما نرفضه في هذا الإطار بالذات الإيحاءات المغرضة وغير العفوية بتفشي الفساد بالديوان بينما كان من الضروري وضع الامور في نصابها وتفادي حشر هذه المؤسسة ( الإطارات والأعوان ) في زمرة الفساد والحال أنها عانت من تسلط الحزب الحاكم شأنها شأن عديد المنشآت العمومية وأغلبية الشعب التونسي. إن محاولة تهميش الديوان واحتقار قدراته البشرية والتشكيك في برامجه وآلياته التي نستشفها من تصريحات السيد كاتب الدولة لا تراعي إنجازات الديوان رغم نقائصها والتي كانت محل تقدير الهيئات الدولية والعربية والإقليمية وكذلك المخزون الهائل من الأفكار والتوجهات والتصورات التي لم يتسنى للديوان لأسباب متعددة تجسيمها ونعرب للسيد كاتب الدولة عن أملنا في إعادة إحياء هذه الأفكار مستبشرين بإعلانه عن إحداث مرصد وطني للهجرة والذي طالما إنتظرناه وأكدنا عنه في عديد المناسبات باعتباره من المقومات الأساسية لسياسة الهجرة وباكورة ثمار ما قام به الديوان في السابق. نؤكد على وجوب إنصاف الديوان والقيام بتقييم موضوعي لأدائه وتطوير برامجه وإثراء ألياته لمواكبة الواقع الجديد للهجرة التونسية والعمل على مزيد التنسيق بين مختلف المتدخلين. لا يمكن أن ننسى مساهمات الديوان في الحوارات الأورومتوسطية وفي الدفاع عن أوضاع المهاجرين المغاربة بصفة عامة خاصة في الفضاء الأوروبي. وختاما أود أن أؤكد على أن هياكل الديوان بالخارج وبالداخل تعاملت مع كل أطياف التونسيين مهما كانت إتنماءاتهم السياسية وعلى أن عديد الإصلاحات التي أعدها الديوان لم يكتب لها أن ترى النور لغياب الإرادة السياسية ولضعف الإمكانيات المالية والموارد البشرية ونحن على أتم الإستعداد لمضاعفة العمل من أجل خدمة الجالية التونسية بالمهجر وتفعيل دورها في المساهمة في الحياة الوطنية. هذه بعض الخواطر والإشارات التي إرتأيت أن أسوقها لإنارة الرأي العام راجيا إنصاف الديوان والمحاسبة العادلة لكل من تعمد الخطأ والإساءة. النقابة الاساسية لديوان التونسيين بالخارج