الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية سيئة فالى متى تستمر على هذه الحال؟ من المسؤول على تحريك كل أشكال الانفلات؟ هل الحرية فوضى وتجاوز كل عتبات القيم والانضباط؟ هل الحكومة شاعرة بخطورة الوضع وقادرة على التصدي ام انها ضالعة في هذا الانخرام؟ هل ان التفكك الحاصل داخل الاحزاب دال على انحراف قادتها على المسار الذي التزمت به أم خروج على الاهداف التي تنبثق عن الواقع وتعود اليه بالتشخيص والمعالجة وهو الامر الغائب؟ واي دور للمجلس الوطني التأسيسي في ظل كل ما يحصل؟ من هو البديل القادر على الانقاذ واعادة الحياة الى طبيعتها في هذا الجسد المنهك والمهدّد بجملة من الاخطار؟ في ظل تدخل رئيس الحركة في كل توجه تحدده الحكومة المؤقتة والشاعرة بثقل المسؤولية الملقاة ظرفيا على عاتقها حتى أربكها وتصيدت المعارضة زلاتها وعثراتها لاستثمارها واتهامها لها بالعجز في التسيير. وفي ظل الارهاصات التي تنوء الحكومة تحت وطئها والتي أثرت سلبا على أدائها في الفعل السياسي وفقدان الثقة في الآخرين من اطياف مكونات المجتمع المدني وتوهمها بأنهم أعداء لها يحاولون سحب البساط من تحت اقدامها مما جعلها تفرط في الحذر والتوجس من كل خطاب يصدر عن هؤلاء فتعددت هفواتها وأهملت معالجة القضايا العاجلة. وفي ظل لجوء وجوه المعارضة الى التشهير بفشل الحكومة في تمشياتها عوض مراجعة النفس ولمّ شمل الحركات التي تلتقي معها في التوجه والمسار لإنشاء جبهة قوية موحدة قادرة على احداث التوازن ونيل ثقة الناخبين لضمان انتقال ديمقراطي هادئ. وفي ظل استنساخ تجارب المخلوع في العنف والتضييق على الحريات واستهداف الفكر الحر اعتداء على الفنانين والاعلاميين والحقوقيين والجامعيين قناة نسمة، القناة الوطنية، المحتفلون بعيد الشهداء، ألفة يوسف ويوسف الصديق، محمد الطالبي... وفي ظل تنكر الحكومة لاستحقاقات الثورة ومحاولات التملص منها والانخراط في سياسة الالهاء وافتعال الازمات والتمادي في مغازلة التيار السلفي الحاكم الفعلي والطليق اليد في التحريم والتجريم والقصاص. وفي ظل صمت المجلس التأسيسي الذي انتخبه الشعب للدفاع عن قضاياه فخذله من اجل المنصب والمرتب والامتيازات. وفي ظل اتجاه نية الحكومة الى مزيد تمديد الفترة الانتقالية ومزيد اطالة معاناة شعب الجهات الداخلية المحرومة من أبسط مقومات الحياة والذين نفذ صبرهم واطفالهم جياع ومرضى فقدوا أية بارقة أمل قد تفرّج كربهم وتخفف من غبنهم. وفي ظل تفشي ظاهرة الانفلات والاعتصامات والاعتراضات و «البراكاجات» وفقدان الطمأنينة والامان في كل مكان. وفي ظل غياب بوادر ومؤشرات الانفراج من الازمة التي طالت واستفحلت فلا الحكومة الحالية قادرة بفعل نقص الخبرة والحكمة على حل المشكلات ولا الحكومات التي ستليها افتراضا تتصف بالخصال التي تجعل منها حكومة انقاذ ورأب الصدع الذي طال الجسد المنهك. وفي ظل يأس الفقراء والمحتاجين والمعطلين عن العمل من اي امل في تغيير الحال وانسداد آفاق تحسين الاوضاع وانسداد كل الطرق والسبل والأنهج والأزقة. وفي ظل هذا الخوف من المجهول يدعو النقابيون الاتحاد الى الاضطلاع بهذه المهمة المصيرية نظرا لما يتحلى به من شرعية وتجربة في ادارة الصراعات، يدعونه الى تحوير القانون الاساسي والتحول الي «الحراك العمالي للانقاذ» لاحراز تأشيرة تؤهل الى خوض غمار الانتخابات القادمة وملايين الاصوات في الانتظار. أغلب الشعب سيعزف من جديد على التصويت ما دام ليس له في الخيار ما يختار خاصة وقد خبر نوايا الجميع في تدافعهم للاستئثار بالحكم بعيدا عن اهتماماته ومعاناته ويبقى الاتحاد الملجأ والملاذ الذي يرتمي في حضنه الجميع لثقتهم في النقابيين الذين لا يخلفون الوعد الذي يقطعونه على انفسهم مهما تكن الصعاب والعقبات. يقول النقابيون: «ليش فاليزا» صاحب الخبرة في العمل النقابي تقدم الى الانتخابات في بولونيا وفاز فيها باستحقاق الرئاسة وانقذ بلاده من الهزات وجنبها الصراعات وقضى على الخلافات فأحرزت التفوق والنجاحات رغم التحديات والتضييقات. الاتحاد هو الأحق والأولى بالقيادة في ظل غياب البديل القادر على تأمين الانتقال الديمقراطي الحقيقي خلال هذه الفترة الموحية بالانفجار نتيجة الشعور بالخذلان والاخفاق وخيبة الامل التي يعاني منها صانعو الثورة. ويرى المقرّبون من اصحاب القرار في المنظمة الشغيلة ان الاتحاد لا يضمر العداء لأحد وينأى عن اقتحام حلبة الصراع السياسي المباشر ويظل يحافظ على تماسكه وصلابته موحدا مستقلا عن كل التجاذبات الايديولوجية لكنه الشريك الفاعل والمؤثر في كل خيار يهم تصريف الشأن العام الوطني وله مبادراته وخططه ومناهجه ومشاريعه الهادفة الى الوقاية والبناء ويقف بندية في وجه انفراد السلطة بالقرار لتجنيب البلاد الوقوع في الانزلاقات والازمات الممكن تغييبها بالتبصر والحكمة.