أحيت جمعية بلقاسم اليعقوبي للثقافة والابداع بالتعاون مع قسم التكوين والتثقيف النقابي بالاتحاد العام التونسي للشغل الذكرى الحادية عشر لرحيل الشاعر الوطني بلقاسم اليعقوبي يوم الاحد 13 ماي الجاري بقاعة أحمد التليلي بدار الاتحاد في ساحة محمد علي، وتضمنت فعاليات هذه الذكرى مداخلات شعرية ومحاضرات احتفاء بالشعر المقاوم وبعض رموزه في الوطن العربي، وتميزت التظاهرة بحضور جماهيري محترم. افتتح الدكتور عبد الله بن سعد رئيس جمعية بلقاسم اليعقوبي للثقافة والابداع فعاليات الذكرى الحادية عشر لرحيل الشاعر الوطني المناضل بلقاسم اليعقوبي بعرض برنامج التظاهرة وتقديم الضيوف والترحيب بالحاضرين، تلا ذلك مداخلة السيد محمد المسلمي الامين العام المساعد للاتحاد المكلف بالتكوين والتثقيف النقابي، حاول من خلالها التقديم للفن الملتزم والثقافة البديلة وجدّد الترحيب بالضيوف وخص منهم على سبيل الذكر ممثلي اتحاد الوفاء اللبناني (منظمة نقابية). وكان لبعض رموز الشعر المقاوم في الوطن العربي نصيب من بقية المداخلات التي حاول أصحابها تقديمهم أدبيا وفنيا ونضاليا. كان الاحتفاء بالشعر المقاوم او شعر المقاومة شعار إحياء هذه الذكرى عبر محاضرات قدمها على التوالي الاساتذة عادل الحاج سالم تناول فيها شعر مظفر النواب رمز من الرموز اليسار العربي شعرا ونضالا، تلته مداخلة الاستاذ آدم فتحي الذي حاول التعريف بالشاعر سجين المجلس العسكري والاخوان المسلمين في مصر أحمد فؤاد نجم في عرض مبسط لمسيرته الفنية الشعرية والنضالية. مظفر النواب وأحمد فؤاد نجم اختزال لمعاناة شعبنا العربي قدم الاستاذ عادل الحاج سالم اعمال مظفر النواب الشعرية من زاوية حضور فعل المقاومة، مقاومة تجاوزت عند مظفر النواب مجرد استهداف أنظمة العمالة المنتصبة في وطنه العربي من المحيط الى الخليج ليتجاوزها ثائرا على الشعب المستكين الخاضع والمتواطئ بصمته مع هذه الانظمة، مظفر النواب شاعر تكاد تكون قصائده أناجيل للمقاومين والمناضلين لتمرّده في حياته وفي أشعاره الفصيحة والعامية، شاعر يمثل ذاكرة نضالية ثرية تختزل في أذهان مريديه من الثوريين في الوطن العربي وفي كل الاقطار المستضعفة في العالم، شاعر امتزجت في أشعاره همومه بهموم أمته وبهموم طبقته التي يعلن انحيازه لها جهرا، ليعايش الهم العربي ونكبتنا في فلسطين ويتماهى مع كل حركات التحرر الوطني الساعية الى التحرر من نير الاستعمار والامبريالية واستغلال الانسان للانسان، باختصار مثلت حياة مظفر النواب واعماله الشعرية نموذجا للواقع اليومي المعيش الذي يعيشه الانسان العربي والانسان عموما. شاعر آخر اختزن ذاكرة نضالية كبيرة شكل عبرها ثنائيا رائعا مع الفنان الملتزم الشيخ امام هو أحمد فؤاد نجم القابع الآن في سجون المجلس العسكري والاخوان في مصر، في مقاربة أدبية للشاعر والكاتب آدم فتحي تناول تجربة أحمد فؤاد نجم كنموذج لمحنة المثقف العربي فالشاعر كان يغادر السجن ليعود اليه أو ليخوّن أو ليقصي وينفي، أحمد فؤد نجم كان شاعرا وطنيا استطاع عبر شعره التأسيس لنواة ثقافة وطنية استدعى فيها الصراع مع الثقافة الدخيلة ثقافة الاستعمار والامبريالية فقد كان واعيا بضرورة تشكل وعي مضاد، شاعر رفض الانعزال بنفسه كما فعل مثقفو عصره والتحم بالجماهير معبرا صادقا عن تطلعاتها ومشاغلها وهو ايضا يعلن جهرا انحيازه الأدبي والميداني لجماهير العمال والفلاحين الفقراء وعموم المضطهدين والمفقرين وقد طرح على نفسه مهمة النضال ضد النظام الاقتصادي العالمي والنظام المصري الرجعي العميل وكل القوى الرجعية التي تتهدد شعبه في مصر وفي الوطن العربي والعالم عموما. بلقاسم اليعقوبي الشاعر المناضل بلقاسم اليعقوبي شاعر وطني ناضل لعقود في صفوف الوطنيين الديمقراطيين قدم الكثير للمشهد الثقافي في تونس والوطن العربي لتلازم المسألة الوطنية مع مضامين أشعاره وافته المنية يوم 23 افريل 2001 بالمستشفى على اثر تعرضه للاعتداء بالعنف الشديد من سجانيه في سجن 9 افريل بالعاصمة بعد دخوله في اضراب جوع بالسجن مساندة لاضراب الجوع الذي كان يخوضه مجموعة من المساجين الاسلاميين. وتعتبر قصائد بلقاسم اليعقوبي مادة فنية ثرية تغنت بكلماتها أغلب المجموعات الموسيقية والملتزمة في تونس على غرار «البحث الموسيقي» و «الحمائم البيض» و «لزهر الضاوي» وغيرهم، ولم يكن بلقاسم اليعقوبي شعره لينحت مسيرة مناضل بل تجاوزه وانفتح على فنون اخرى راوح بين المسرح والرسم حتى تكتمل فيه صورة الفنان وتتماهى مع ذاته الثائرة. تخللت المداخلات الأدبية مقاطع شعرية للشاعر المناضل كمال الغالي ومداخلات لبعض أصدقاء الراحل بلقاسم اليعقوبي تضمنت شهادات عن حياته ومسيرته النضالية على غرار صديقه النقابي المعروف «فتحي دبك».