قبل أن يخرج الجرذان من تحت الأنقاض دفعت الرديف مهرها..قبل ان يصعد نواب الشعب على كراسيهم وقبل أن يعود السواح من انجلترا وكندا وباريس اين كانوا يحتفلون في أحضان الغرب وأموال الشرق... دفعت مهرها دما والما وسجونا ومنافي وتعذيبا قبل أن يعود الجماعة على بعير الخليج معبئين بالتمر والحنطة والفضة والياقوت ليحتلوا الساحة العامة وتبزغ وجوههم على شاشات التلفزات يشتمون الرديف وأبناء الرديف الشرفاء الذين دقوا المسمار الاول في نعش الطاغية وسطروا له طريق الخروج الى بيت الله ليغسل حرامه وحلاله ويمارس عشق ليلى بعيدا عن اتون الصراع الطبقي. بن على النوفمبري بكل عسفه...بكل عسكره وجبروته وقواديه وشعب حزبه وميليشياته وأسلحته ودولابه الدموي الذي حاصر الرديف لأشهر متواصلة فقتل من قتل وشرد ودمر الحوانيت الصغيرة والبيوت على ساكنيها من اجل فرض الطاعة ولكنه فشل...بن علي الفاشي المتجبّر رفع العلم الأبيض وخرج ابطال الرديف واقفين رغم السجن والسجان والقردة. ولان قضيتهم عادلة ومطالبهم مزمنة وأصل اهل الرديف صراعهم من أجل البقاء مطالبين بحقهم في التنمية والتشغيل والكرامة..ومطلبهم الأساسي هو الاعتراف بشهدائهم ومحاكمة القتلة... هل تشملهم نعمة ما يسمى بالعدالة الانتقالية التي تذكرني كلما سمعتها بمقولة التنمية المندمجة أو خرافة الري قطرة قطرة التي مججناها أيام بورقيبة وخليفته التعيس؟ يبدو ان أولي الالباب ماضون في تكريس سياسة التهميش والعصا الغليظة يريدون بذلك فرض الامر الواقع ، يظنون أن أهالي الرديف سوف يرفعون العلم الأبيض طالبين المغفرة ساجدين للخلافة صاغرين... إن اضراب 8 ماي يدل بوضوح للذي يعرف كيف يمارس السياسة في القرن 21 ان الحكمة تقتضي الدخول فورا ودون شروط مسبقة في حوار جدي مع السكان عبر ممثليهم من اجل ايجاد الحلول الجذرية لمشاكل الرديف والحوض المنجمي بعيدا عن لغة السفسطة والتهديد...