صيحة فزع أطلقها الأطباء الداخليون والمقيمون وجهوها إلى الرأي العام والى سلط الإشراف يطلبون فيها الحماية والأمن من العنف المسلط عليهم الآخذ في التنامي يوما بعد يوم. الظاهرة آخذة في التفاقم ومسّت حوالي 822 حالة في الفترة الممتدة بين مارس 2011 و ماي 2012 وذلك من طرف مواطنين استعملوا الاسلحة البيضاء او من خلال العنف الجسدي علاوة على التجاوزات المعنوية واللفظية. هذه الظاهرة أجبرت نقابة الاطباء الداخليين والاستشفائيين الى إقرار اضراب جزئي عن العمل كامل ايام 5و6و7 جوان الجاري بعد ان استنفذوا كل وسائل الحوار مع سلطة الإشراف التي أطلقت الوعود الكثيرة وبعد ان خاضوا عديد الوقفات الاحتجاجية والتحركات الداعية الى وضع حد للعنف المستشري واخذ إجراءات عاجلة للتصدّي اليه. الإضراب كان جزئيا، اي ان الاطباء الداخليين لم يتركوا مكان عملهم بشكل كامل بل أمنوا كل العمليات الصحة وباشروا مهامهم الاستعجالية ايمانا منهم بالحس الانساني والوازع الوطني. نضالنا من اجل المرفق العمومي ومن أجل المواطن ولتوضيح أسباب الإضراب وجلب انتباه الرأي العام، نظمت النقابة ندوة صحفية بكلية الطب بتونس يوم 6 جوان الجاري بحضور الأخ سامي السويحلي الكاتب العام للنقابة لأطباء الصحة العمومية بينت فيها ان الأطباء الداخليين أجبروا على تنفيذ الإضراب بعد أن شهد القطاع تنامي العنف ضدهم بشكل كبير وسط تجاهل تام من وزارة الصحة التي لم تحرك ساكنا ولم تحاول التفكير في حلول عاجلة ومعقولة لحماية المستشفيات العمومية وخاصة أقسام الاستعجالي. وأكدت النقابة، ان الظاهرة انتعشت بسبب غياب الأمن وأيضا بسبب شعور المواطن بالغبن والظلم عندما لا يجد الحد الأدنى من التجهيزات ومن العنصر البشري اللازم الذي يضمن حقه في الصحة خاصة ان الاغلبية الساحقة من الشعب التونسي تتوجه نحو المرفق العمومي باعتباره الوحيد الذي «يؤمّن» العلاج. لكن، ورغم نداءات الاطباء والهياكل النقابية في الاتحاد العام التونسي للشغل والدراسات التي أنجزت في الغرض من اجل تأهيل قطاع الصحة العمومية،فقد بات من الواضح ان سياسات الدولة في هذا المضمار بقيت على حالها ألا وهي تطبيق املاءات البنك الدولي الداعية الى خوصصة الصحة العمومية والى سلعنة الخدمات الصحية وخلق هوة ساحقة بين الخدمات الصحية العمومية والخدمات الصحية الخاصة، وهي سياسات اعتبرها الاطباء السبب الرئيسي في ضعف منظومة الصحة العمومية وبالتالي تنامي العنف المسلط عليهم بما ان المواطن لم يجد ضالته وانتهك حقه في الصحة السليمة وانتهك الحق في المساواة في الصحة بين جميع المواطنين. الأكيد ان هذا العنف سيتواصل اذا ما تواصل تجاهل سلط الإشراف واذا ما تواصل كذلك منهجها اللامنطقي في دراسة هذه الظاهرة والتعامل معها، وفي هذا السياق صرح مكتب النقابة انه سيتم أخذ الاجراءات النضالية اللازمة في صورة عدم استجابة السلط لمطالبهم المشروعة وعلى رأسها توفير الامن بما في ذلك إقرار اضراب عن العمل لمدة اسبوع كامل.