لم يكن من السهل الولوج الى داخل عالم سوق الجملة ببئر القصعة ببن عروس على الاقل لسببين اثنين: أولهما ان هذه السوق مترامية الاطراف وثانيا العدد الكبير من الباعة والمزودين الذين يؤمونه كل يوم خاصة ان هذه السوق تكاد تعمل ليلا نهارا واذا سلمنا بلغة الارقام فان اكثر من 20 الف مواطن على تعدد صفاتهم ومشاغلهم يدخلون هذه السوق غير المؤمنة حقيقة خاصة اذا تأملنا كثيرا في عدد التشكيات الصادرة عن اهل المهنة، كما حدث ان عايشنا واحدة من الصور المتكررة اذ ان تفاصيل الحادثة فيما يشبه السيناريو المحبوك جيدا الاعداد اذ بمجرد انطلاق الشاحنة من امام واحد من الاروقة الا وتجد واحدا من الشبان في انتظارها، وبالتالي تتوفر له فرصة حمل ما خف وزنه وغلا ثمنه هذا والسيارة تتحرك، وبما ان محور زيارتنا كان للتوقف امام وحقيقة الاسعار من مكانها فان الحقيقة تقال كنا محل ترحاب جميع الاطراف بدءا من وكلاء البيع مرورا «بالحمالة» وصولا للفلاحة والتجار، نحن لن نذهب بعيدا في رصدنا للواقع لكننا نقول ان الاسعار من منابعها او لنقل من مصادرها كانت عادية جدا وذلك يوم الاربعاء الموافق ليوم 25 جويلية 2012 بالامارة كان يوم عيد الجمهورية لمن نسي ذلك قلنا عادية لكن ما رأيكم في ان احد تجار التفصيل (خضار يعني) قال «للشعب» ان يوم الاربعاء هو يوم «الزوالي» أي ان الاسعار عادة ما تعرف تراجعا كبيرا في حين نجدها مرتفعة جدا يومي الثلاثاء والسبت هذا طبعا ما قاله لنا تاجر التفصيل حسان. كل شيء موجود ولكن... ما يمكن ملاحظته بالعين المجردة ان كل المنتوجات متوفرة لكن اين الشاري هكذا بدأ ياسين معاوية (فلاح) حديثه معنا بل نذهب الى اكثر من ذلك حين تحدث عن الاسعار والتي وصفها بالعادية جدا مقارنة باليوم الاول من شهر رمضان، اما «بومدين قرفة» فانه تساءل عن مرد «غياب الشاري» وقد تعمد تقديم قائمة ما يبيع فاذا الفلفل هو الذي كان في الريادة بما انه يباع بالجملة بين 150 و 600 مليم، ويرى رمزي العوسجي (وكيل بيع) ان لهفة المواطن هي السبب الرئيسي في ارتفاع «المعدنوس» مثلا في اليوم الاول من شهر رمضان كان يباع بدينارين أما اليوم فاننا نجده بمائتي مليم وعلى اقصى تقدير ب 300 مليم ويواصل لن اذيع سرا اذا قلت ان مستوى التعاملات في السوق عرف تراجعا كبيرا مقارنة باليومين الاولين. أسعار معقولة ... ويكاد ينفق كل الذي تحدثنا اليهم على كون الاسعار عرفت تراجعا كبيرا مقارنة ببداية شهر رمضان وهذا التراجع مرده الرقابة وتسعير بعض المواد وهو ما أكده الهادي بن علية (وكيل بيع) الذي ابعد في توصيفه لوضع السوق الراكد بما عدد زائريه في تراجع كبير جدا، ويعتقد عبد القادر (فلاح) ان للتلفزة الوطنية هي التي تشعل نار الاسعار من حيث لا تشعر بما ان تقارير تتحدث عن اسعار خيالية والواقع يفند ذلك بكثير. مشاكل عديدة في السوق ذهبنا لنبحث في الاسعار فاذا نسوة من عمق المجتمع التونسي يعملن هناك (منظفات يتدحثن عن مرارة الواقع وعن صعوبة ظروفهن بما أن رواتبهن لا تتجاوز 260 دينار في افضل الحالات وهو القاسم المشترك، ليلى بوغابة ومنية المعموري وخديجة الخضراوي واخريات رفضن التوقف امام عدسة زميلي. «البَنان» العملة الصعبة الزائر لسوق الجملة لأول مرة تفاجئه حركة الذهاب والمجيء وكثرة الصياح لكنها بالنهاية الاجواء التي تعود العمل فيها الجميع لكن البارز في المعروض من انتاج يوم الاربعاء هو غياب «البَنان» سألنا فاذا الاجابة تأتينا من مصدر غير رسمي قال لنا: ان غلة البنان عملة صعبة هذه الايام في بئر القصعة وحتى ان توفرت فهي تحت «حس مس» اذ يكتفي المزودون بإدخال 100 كرذونة سرعان ما تذهب هنا وهناك دون ان يحدد محدثنا اسماء معينة! عمولة ب 6٪ وكفى في الواجهة الاخرى لهذا الريبورتاج سألنا «المنصف أمينة» وهو متصرف بادارة التعاضدية العمالية لسوق الجملة عن حقيقة الاسعار فأجابنا بسرعة البرق انها عادية اليوم مقارنة بالايام الاولى لشهر رمضان، وواصل : المشكل الاساسي يكمن في ان بعض تجار التفصيل يشترون بضائعهم من مسالك اخرى، لذلك فانهم يتعمدون الترفيع في الاسعار بحكم المصاريف التي دفعوها مثل الحمولة، كما ان الوسطاء عددهم كبير في ما يسمى بالاسواق الموازية اما في سوق بئر القصعة فان مثل هذه المسائل واضحة بما ان 6٪ تطرح من رقم المعاملات اي 3٪ على البائع و 3٪ على المزود، وعن الارتفاع الجنوني لأسعار بعض المنتوجات مثل القارص قال انه طبيعي بحكم انه منتوج ليس في وقته كما حدثنا عن اسباب السعر المرتفع للدڤلة بما ان سعرها بين 5 و 6 دنانير بتأكيده على ان الدڤلة الرفيعة أنواع كما يتعمد بعضهم الغش فيها. لا للممارسات الاحتكارية من خلال هذه الجولة الميدانية سألنا عن كل شيء كما كان لنا لقاء بواحد من فرقة المراقبة الاقتصادية بمكتبها الموجود بالسوق الذي قال ان هياكل الرقابة من اوكد مهامها متابعة الوزن والممارسات الاحتكارية والعرض والطلب والمعاملات وضمان الفوترة خاصة في الباب الرئيسي للسوق من الساعة الخامسة صباحا الى 9 ليلا كما تتابع هذه الفرق جودة المنتوج. (يتبع)