استقرار في قتلى حوادث الطرقات منذ بداية السنة والى غاية 5 جوان مقارنة بنفس الفترة من 2024    حجز حوالي 745 راس غنم لغرض المضاربة والاحتكار خلال فترة عيد الأضحى..    جريمة مروعة: تقتل زوجها ذبحا بمساعدة عشيقها..معطيات وتفاصيل صادمة..!    القصرين: أول نجاح طبي عبر منصة نجدة TN    خطوة مفاجئة من إيلون ماسك تجاه ترامب    عاجل/ جريمة قتل إمرأة على يد طليقها بجندوبة: جمعية أصوات نساء تكشف وتُحذّر..    فظيع/ حادث مرور مروع يوم العيد..وهذه حصيلة الضحايا..#خبر_عاجل    المنسق العام لموسم الحج بوزارة الصحة: "كل حجاجنا صعدوا عرفة ولم نُسجل أي حالة وفاة"    جيفري إبستين.. الملياردير الغامض الذي هز أمريكا بفضائحه وحوّل الأصدقاء إلى أعداء!    وزارة الصحة تحذر من التعرض لضربة الشمس وتدعو لاتخاذ الاجراءات الوقائية اللازمة    عاجل: احذروا ضربة الشمس... نصائح وتوصيات للتونسيين يجب الالتزام بها    القصرين: أول نجاح طبي عبر منصة "نجدة TN"    هل يكون عام 2025 هو عام زوال غوغل؟    بعد العيد، فرصة ثقافية للعائلة: الوجهة المتاحف!    عاجل : يوم القر 2025 ينطلق رسميًا وتوصيات بعدم تجاهله    المنتخب التونسي يواجه جمهورية إفريقيا الوسطى : الوقت و المكان    "الفيفا" تعتمد الذكاء الاصطناعي في كأس العالم للأندية2025    جيش الإحتلال يعترف بنقص حاد في عدد جنوده    إيلون ماسك يعلن عن تأسيس "حزب أمريكا"    بلدية تونس: تنفيذ سلسلة من التدخلات الميدانية في مجال النظافة يوم عيد الاضحى    طقس اليوم الثاني من العيد : هكذا ستكون الحرارة    ماذا يجري بين ترامب وماسك؟    سينر يهزم ديوكوفيتش ويتأهل للمرة الأولى إلى نهائي فرنسا المفتوحة للتنس    موارد مائية: ضرورة مواجهة الاستغلال المفرط للموارد المائية الجوفية بمرناق    جيتاس يشارك بالصالون الدولي للطيران والفضاء بباريس من 16 إلى 22 جوان 2025    هام/ النقل التلفزي لودية المنتخب التونسي ضد نظيره المغربي..    حاولت تهريب شحنة مخدرات عبر ميناء حلق الوادي.. 15 سنة سجنا ضد فتاة غينية    تسجيل 187 انقطاعا للمياه في ماي 2025..    دولة واحدة فقط في العالم قادرة على إطعام سكانها دون الحاجة إلى الاستيراد.. فما هي؟    كرة اليد.. "عم يونس" حافظ اثاث النادي للإفريقي في ذمة الله    السعودية.. تفاصيل جديدة في مقتل الأستاذ الجامعي    مبادرة أوروبية لتنظيم استخدام القاصرين لوسائل التواصل الاجتماعي    تكلفة الحج 2025 في العالم العربي: أرقام وصدمات لا تتوقعها!    امتلأت بهم جنبات المسجد الحرام.. الحجاج يؤدون طواف الإفاضة    تجريد جولييف من ميداليتها في أولمبياد 2012 بعد رفض محكمة التحكيم استئنافها    دي لا فوينتي: جمال قدم أوراق اعتماده للفوز بالكرة الذهبية أمام فرنسا    كيف تحافظ على جلد الأضحية في الطقس الحار قبل وصول البلدية؟    من القلاية للكسكسي: أطباق ما تخرج كان في عيد الكبير!    ارتفاع في درجات الحرارة وخلايا رعدية محلية في الجنوب    عاجل: موعد مباراة المغرب ضد تونس والقنوات الناقلة للبث الحي والمباشر    التمديد في نشر فيلق مشاة خفيف وسرية تدخل سريع تونسيين تحت راية الأمم المتحدة في إفريقيا الوسطى    جمرة العقبة تُرمى فجر العيد... والحجاج يشرعون في النحر والطواف    ماذا بعد الانتهاء من رمي جمرة العقبة الكبرى؟    الأردن وأوزبكستان يحققان إنجازاً تاريخياً بالتأهل إلى كأس العالم 2026    وزيرة الشؤون الثقافية ونظيرها الإيطالي يدشنان معرض "مانيا ماتر: من روما إلى زاما    هل نحمي صغارنا من مشهد الذبح... أم نعلّمه معنى القربان؟    محرز الغنوشي: ''تذبح العلوش ثم البحر ينادي''    الحجاج يرمون الجمرات في أول أيام عيد الأضحى    عيدكم مبروك...    صابة الحبوب: تجميع 992.776 ألف قنطار إلى غاية 4 جوان 2025    العاصمة الإيطالية روما تحتضن معرض "مانيا ماتر من روما إلى زاما"    الأوركسترا السمفوني التونسي يحتفي بالموسيقى في يومها العالمي 21 جوان    المنظمة الفلاحية تدعو إلى تعديل سعر قبول البطاطا الفصلية ب1350 مي/ كغ كحدّ أدنى    نجوم الراي في حلقة استثنائية من برنامج "أنا والمدام" على قناة تونسنا    وزير الفلاحة يفتتح موسم الحصاد بزغوان    وزارة الشؤون الثقافية تنعى الكاتب حسونة المصباحي    المُثَلَّثُ الشُّجَاعُ والمُسْتَطِيلُ اُلذَّكِيُ    طليقة احمد السقا تخرج عن صمتها لأول مرة    









أين الحكمة من البيع والتفويت؟
الأموال المصادرة
نشر في الشعب يوم 11 - 08 - 2012

مرّ أكثر من سنة ونصف عن مصادرة أموال 114 رجل وامرأة اشتبه في أنّها متأتية من طرق غير شرعية كالتلاعب بالمال العام والاستفراد بالصفقات العمومية وكل أشكال الفساد المالي والإداري. ونظرا إلى حجم فقد استبشر التونسيون بأن تعود عليهم هذه الشركات والعقارات والأرصدة بالفائدة. ولكن ما حدث هو أن جثمت الدولة بكل البيروقراطية الممكنة على هذه الشركات وعطلت سير عملها وأضرت بنشاطها وقد كان الهدف منذ البداية التخلص منها بالبيع. لذلك فان اغلب المتصرفين القضائيين لم يسعوا إلى إدارة هذه المؤسسات بل عمل جلهم على تصفيتها والتحضير لبيعها.
وقد أعلنت الحكومة المؤقتة منذ أيام عن نية بيع حصة الدولة في الشركات المصادرة لفائدة خواص اغلبهم من أصحاب رأس المال الأجنبي عبر طلب عروض دولية. ولم تحدثنا أي جهة رسمية بما فيها لجنة المصادرة عن الحجم الحقيقي للأموال المصادرة. ورغم أن التكتم أب الفساد ولا يخدم مصلحة الشفافية ويفتح الباب للأقاويل والشكوك فإننا سنتجاوز عن هذه النقطة مؤقتا للتركيز على الجدوى الاقتصادية من التفويت في شركات وطنية.
إن عملية المصادرة قد نقلت ملكية عشرات المؤسسات الاقتصادية الناجحة إلى الدولة فأصبحت بذلك شركات وطنية. وهي شركات يعلم الجميع مدى ربحها ومدى حرص أصحابها السابقين على التقدم بها. ومن منطلق أنها مال عام وثروة وطنية فانه لم يكن من الحكمة تفرد الحكومة المؤقتة بقرار التفويت فيها خاصة أنّ الانتخابات على الأبواب وقد لا ترى الحكومة القادمة التي ستكون مستقرة أيا كانت هويتها المضي قدما في عملية التفويت.
وتعتبر الخوصصة خيارا اقتصاديا يندرج في إطار التوجهات الليبرالية الهادفة إلى انسحاب الدولة من المجال الاقتصادي وترك السوق لأصحابه. وبما أن تونس تتلقى الدروس والتوجهات من صندوق النقد الدولي فإنها تسعى إلى الحفاظ على صورة التلميذ النجيب الذي يفوّت في كل مؤسسة عمومية ولا يبقيها ضمن ملكية الدولة إلا الوقت اللازم لبيعها، فقد سعت الحكومة المؤقتة إلى التفويت في كل ما صادرته وكأنّ امتلاك شركات لعنة يجب التخلص منها. وقد يمكن لهذه الشركات أن تحل مشاكل اقتصادية لا تحصى. حيث تشير المعطيات الأولية إلى أن حجم تجاوز عتبة المليار دينار (1.000.000.000 دينار) وهو رقم كاف لتتجاوز تونس أزمتها ولتحل مشاكلها. غير أن سوء تصرف الحكومات المتعاقبة على البلاد منذ 14 جانفي جعل جل هذه الشركات تصبح في وضع اقتصادي صعب بعد أن رفضت هذه الحكومات تمويل المؤسسات الاقتصادية التي تحتاج إلى رأس مال تصرف لإدارة شؤونها فانتقلت من مؤسسات مربحة إلى مؤسسات تشكو من صعوبات اقتصادية وعوض البحث عن حلول لشركات كبرى قد تمثل مرتكزا بناء اقتصاد عصري تسعى الحكومة المؤقتة إلى التفويت فيها بهدف جمع المال لغايات لا يعلمها احد .
ومن حيث الجدوى الاقتصادية لا تعتبر الخوصصة دائما الخيار الأمثل. فالمعروف عن المؤسسات الخاصة هي توظيف العدد اللازم من الموظفين والعمال والضغط عليهم من اجل أن يقوموا بعملية الإنتاج وذلك بهدف الربح أما الدولة التي لا تسعى إلى الربح والربح الأقصى فان هدفها غالبا ما يكون اجتماعيا أي حل مشاكل التنمية والبطالة لذلك فإنها تقبل بالتنازل عن قليل من الربح من اجل مزيد تشغيل العاطلين عن العمل. ومن المنطقي أن تحافظ المؤسسة على نفس المردود سواء كانت خاصة أو عمومية. والفرق الوحيد يكمن في أنّ الخواص يشغلون اقل للضغط على المصاريف في حين تشغل الدولة أكثر لإيجاد حلول اجتماعية. غير أن الليبراليين يرون أن التشغيل الإضافي يمس من إنتاجية المؤسسة بعد أن تتراكم أعداد العاملين بلا فائدة فتصبح القيمة المضافة التي يحملونها سلبية وهو ما يؤثر في وضع المؤسسة لذلك يجب التفويت في القطاع العام من اجل المردودية. وقد غاب عن أصحاب نظرية اقتصاد السوق أن الدولة يمكن أن تحافظ على ملكية المؤسسات الاقتصادية وان تسيرها بنفس أسلوب الخواص ولكن بشكل اقل استغلالا ووحشية على أن توظف الربح في استثمارات أخرى توظف لدفع التنمية والتشغيل فتلعب بذلك الدولة دورا مهمّا في دفع النمو الاقتصادي. وعليه فان الخوصصة لا تمثل الحل بل يفترض أن تطور الدولة تنظيم العمل في المؤسسات العمومية. وللإشارة فان الدولة هي من زرعت ثقافة «رزق البيليك» بعد التسيب الذي عرفته المؤسسات العمومية وكثرة الفساد والمحسوبية، وهي من أرسى تقليد الجهد الضائع والتقاعس بالأجور المتدنية التي تعطيها للعمال من ناحية ولتلَكّؤها في الإنفاق من اجل تطوير الإنتاج في المؤسسات الاقتصادية العمومية من ناحية أخرى لذلك فان التفويت في شركات مربحة في إطار صفقات بعضها معلوم وبعضها مازال خافيا لا يعد حلا خاصة أمام غياب شفافية الأهداف وقد كان من الأجدى الاستثمار في تطوير هذه المؤسسات غير ان النهج الليبرالي الواضح في سياسة الحكومة المؤقتة أملى عليها أن تبيع وان تخسر تونس من ذلك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.