سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
إسناد مشروع 30 الف مسكن اجتماعي بكلفة 1400 مليار للاتراك والمهندسون المعماريون ينفذون وقفة احتجاجية أمام وزارة التجهيز
«سخاء» غير مسبوق وإهدار فاضح للمال العام
في اطار متابعتنا للاخلالات القانونية والاجراءات التي رافقت عددا من الصفقات العمومية والمشاريع الوطنية التي تم اسنادها الى مؤسسات أجنبية وما سينعكس ذلك على احتياجاتنا الوطنية في التنمية والتشغيل تابعت «الشعب» تحركات الهيئات والجمعيات المعنية مباشرة بالانعكاسات السلبية لهذه الخيارات حيث قام المهندسون المعماريون، صباح الاربعاء بوقفة احتجاجية امام مقر وزارة التجهيز لمدة ساعتين احتجاجا على المشروع التركي... وبقطع النظر عن غياب المقاييس الموضوعية والمعايير العلمية في اسناد هذه الصفقة المقدرة ببناء 30 الف سكن اجتماعي في عدد من مناطق تراب الجمهورية لفائدة الشرائح الاجتماعية على اقل حظا طبقيا، فان المهندسين المعماريين الذين يبدون في هذه المرحلة بالذات في حاجة ماسة للمساهمة في حضيرة البناء والتشييد التي توقفت منذ ثورة 14 جانفي وزادها تقصير عمل وزارة التجهيز والاداء المتواضع لجل البلديات تعقيدًا، لم يحتجوا في حقيقة على عدم تمتعهم بحقهم بالفوز بهذه الصفقة الوطنية ولا على احتياجاتهم اجتماعية مؤكدة، بل انهم قد نفذوا هذه الوقفة الاحتجاجية على غياب التصورات المعمارية الملائمة لخصوصية المعمار التونسي الذي قدّمته الشركة التركية. حيث ستعمد الشركة التركية صاحبة الامتياز إلى اعتماد نموذج البناء مسبق الاعداد والذي انتهجته كبريات الشركات العالمية بعد الحرب العالمية الثانية وواصلت اعتماده في العراق بعد الغزو والاحتلال... ولئن قدّرت هيئة المهندسين المعماريين التونسيين كلفة المشروع بنحو 1400 مليار من الملمات التونسية فان هذه الصفقة تعكس سخاء الحكومة المؤقتة الحالية تجاه الشركات الاجنبية وخاصة منها القطرية التي تحصلت على اكبر المشاريع الاستثمارية خلال نهاية الاسبوع الماضي (منجم ستراورتان) وتكرير النفط بالصخيرة. وكانت وزارة التجهيز قد حاولت استيعاب عمادة المهندسين المعماريين بتشريكها بصورة شكلية في احدى اللجان التي كانت معنية بتنفيذ سياسة الحكومة في اطار تدعيم السكن الاجتماعي، ووعدتها بضبط مقاييس دقيقة تكفل مبدا المساواة في الفوز بالصفقات العمنمية من ناحية وتوزيعها من ناحية اخرى على المهندسين المعماريين الذين ساءت اوضاعهم الاقتصادية بعد الثورة بشكل عادل. احتجاج المهندسين المعماريين صبيحة الاربعاء الماضي تضمن شعارات اجتماعية ومهنية تؤكد على ضرورة توفير سوق شغل للكفاءات والاختصاصات واليد العاملة المختصة في مجال البناء، سيما وان عدد العاطلين عن العمل قد ناهز المليون خلال هذه الفترة الحرجة التي يزداد فيها الطلب على الشغل ويتناتمى فيها الحراك الاجتماعي المنادي بربط التنمية بالتشغيل. ولعلّ ما وقع الاسابيع الماضية بمكثر وما جرى هذه الايام في كل من مدينة الحنشة وسيدي بوزيد من تحركات واضرابات تقف وراءها الحاجة الماسة لتشغيل الشباب وحاجة المناطق المحرومة الى التنمية. فبعد اسناد صفقتي منجم الفسفاط بسترا ورتان من ولاية الكاف وتكرير النفط بالصخيرة الى شركة قطرية تأتي صفقة 30 الف سكن اجتماعي لفائدة الشركة التركية ترجمانا واضحا لتوجهات الحكومة المؤقتة سياسا واقتصاديا ونقديا. ويذكر ان عديد المشاريع المتعلقة بالسكن والطرقات ومدّ الجسور لا تزال معلقة رغم انطلاق اشغالها قبل الثورة ولعل اهمها الطريق السريعة الرابطة بين تونس وولاية الكاف. حيث الحركة معطلة والطرقات متآكلة والاشغال متوقفة علما وان صاحب المشروع يقبع الى حدّ الآن بالسجن دون توجية محدّدة ضده ولا حتى تعيين حارس قضائي على المؤسسة وهو ما افرز تآكل العديد من المعدّات وتسريح الآلاف من العمال. فهل ان التأثر بالنظام السياسي التركي من ناحية والتبعية السياسية لدولة قطر الحدثية من ناحية ثابتة هي من المحددات الاساسية لخيارات الحكومة المؤقتة حتى وان كانت ضد مصلحة البلاد الاجتماعية والاقتصادية وهل ستكشف الايام القادمة على مشاريع جديدة لفائدة الاتراك والقطريين. ام ان الحكومة مواصلة في نهج تركيع قوى الاحتجاج والجماعات الضاغطة من المنظمات والجمعيات وان الدور اليوم قد جاء على عمادة المهندسين المعماريين بعد القضاة والاعلام والمحاماة والاطباء..؟!