يبدو أننا انتقلنا بعد 23 أكتوبر من مرحلة الاستبداد المتخلف إلى مرحلة الاستبداد الديمقراطي، وقد كان الاتحاد أولى المحطات التي اصطدم بها هذا النموذج الجديد. هذا ما أكده الأخ سمير الشفي الأمين العام المساعد المسؤول عن قسم المرأة والشباب والعلاقة بالمنظمات خلال مداخلته في إطار ورشة العمل حول دور النقابات في الانتقال الديمقراطي التي نظمها لاتحاد العام التونسي للشغل بالتعاون مع الاتحاد الدولي للخدمات يوم الثلاثاء 11سبتمبر 2012 و التي حضرها عدد من النقابيين . واعتبر الأخ الشفي أن المتابع للأحداث من 17 ديسمبر إلى 14 جانفي 2011 يمكن أن يخرج باستنتاجات مغايرة لفكرة سقوط أنموذج الحكم الاستبدادي، مبينا أن المجتمع المدني والسياسي تطلع إلى القطع مع المرحلة القديمة وتأسيس مرحلة جديدة يطلق فيها العنان لكل المبادرات الحرة الهادفة إلى تأسيس الدولة وفق مبادئ الديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية. وهو ما يستوجب أن يكون الجميع على قدر كبير من الفهم والقدرة على الاستماع إلى الأخر في إطار تصور وطني جامع. وأشار الأخ الأمين العام المساعد إلى أن الاتحاد بعد 23 أكتوبر و اثر النقاش الداخلي والتفاعل مع الواقع الخارجي قرر الحياد الايجابي مع العمل على تامين الانتقال الديمقراطي وتحقيق أهداف الثورة إلا أن 23 أكتوبر مثلت نقطة تحول في الانتقال الديمقراطي حيث حاول الأنموذج الجديد الالتفاف على ثوابت الديمقراطية والوحدة الوطنية فكانت مسيرة 25 فيفري ردا مدويا على الملتحفين بغطاء الديمقراطية والمتاجرين بالدين رغم أنهم ابعد ما يكون عن التحدث باسم الدين. كما مثلت المسيرة نقطة انطلاق جديدة في مرحلة جديدة خاصة وان كل مكونات المجتمع المدني دعمت المسيرة و أنجحتها بما في ذلك المنظمات التي لا لم تكن متقاربة مع الاتحاد. ووضح الأخ الشفي أنّ للاتحاد دور وطني واجتماعي و في هذا الإطار تأتي مبادرة الاتحاد لتشكل منطلقا وأرضية لكل من يؤمن بالديمقراطية ومدنية الدولة. وبين أنّ المبادرة تتضمن ثوابت لا نقاش فيها وتتضمن نقاط للتفاعل والنقاش. وأكد الأخ الأمين العام المساعد على أن الاتحاد لعب دورا وطنيا متميزا وان الموقف من الانتفاضة كان في البداية حذرا إلا أن الاتحاد لعب دورا طلائعي بعد ذلك ويحق لنا أن نفتخر بان الاتحاد وخاصة الهياكل الوسطى والشبابية احتضنت التحركات وقادتها وان الهيئة الإدارية والدعوة إلى الإضرابات العامة الجهوية لعبت دورا حاسما في هروب بن على وان الاتحاد والنقابيين هم من تحملوا المسؤولية ودعوا إلى هذه التحركات وليس المتفرجون من لندن. ووضح أنّ الاتحاد يسعى إلى بناء دولة ديمقراطية و إلى تأسيس خيار تنموي عادل وسيناضل من اجل بقاء الإدارة محايدة يسودها القانون ولن يقبل تغول أي طرف والسيطرة على مفاصل الدولة. واعتبر الأستاذ الجامعي المولدي القسومي أن التجارب التاريخية أثبتت إن الحركات العمالية والنقابية لعبت دورا في الانتقال الديمقراطي. ولاحظ الاتحاد العام التونسي للشغل يلعب الدور الاجتماعي والوطني وتاريخه يشفع له لأنه من المنظمات القليلة التي لعبت دورا في بناء الدولة التي مكنتنا من حد أدنى من المكاسب. وبين أن دور النقابات في الانتقال الديمقراطي ليس بدعة على اعتبار أن التجارب العالمية أكدت أن أهم المكاسب الاجتماعية والسياسية كانت بفعل دور النقابات. وهذا الدور يتأكد في تونس عبر الاتحاد العام التونسي للشغل الذي كان المحضنة لكل الأطياف السياسية الممنوعة والمحرمة لتحافظ على وجودها عبر النشاط النقابي. وابرز القسموي أن الاتحاد لا يمكن أن يتحول إلى حزب إذا ما انحاز إلى الطرح الاجتماعي والتقدمي بل إن انحيازه يدخل في إطار الواجب الوطني. وبين أن الاتحاد عندما يجد نفسه أمام مخاطر تهدد وحدة الوطن والاندماج الاجتماعي التي أحدثتها عناصر غريبة عنه والتي تزرع ثقافة جديدة وتخلق حالة من الانقسام فانه يكون مطالبا بعدم الوقوف على الحياد و بتحمل المسؤولية في سبيل الحفاظ على وحدة المجتمع والدفاع عنه. وبالنسبة لآلية تدخل الاتحاد رأى الأستاذ القسومي أن المبادرة تعتبر ضامنة لجملة من الآليات وأنها تهدف إلى جمع كل التقدميين على ميثاق قائم على الوحدة الوطنية والاندماج الاجتماعي والمكتسبات الاجتماعية كحد أدنى لا بد من تطويره وعلى النظام الجمهوري والديمقراطي .وهذه المبادرة ستؤمن للاتحاد دوره الوطني دون أن تفككه كنقابة لأنها آلية اتحادية. فان يكون الاتحاد في صلب جبهة يمكن أن تكون شعبية ويمثل محورها و تمثل مؤسسات المجتمع المدني والأحزاب الوطنية والديمقراطية المناضلة عناصر فاعلة داخلها حالة لا يخشى فيها على الاتحاد ولا خشية فيها على الأحزاب من التحلل لأننا سنكون في حالة اتحادية وليس حالة إدماجية.