لقد تأكّدت الاخفاقات... وثبت للجميع فشل الحكومة المؤقتة حتّى في مجال تسيير الأعمال... وقائع كثيرة تدلّ على ذلك منذ الأسابيع الأولى من تولّيها... وهذا غيض الأيّام الأخيرة من فيض حصاد تسعة أشهر من الحكم: غرق أكثر من 78 شابا تونسيا في السواحل الايطالية... اقتحام سفارة الولاياتالمتحدةالأمريكية... تهديدات إرهابية وبداية التلويح بالاغتيالات... توتّرات اجتماعية وشعبية في كثير من الجهات... اقتصاد يخضع إلى ضغوطات الانفلات الأمني ويقع تحت رحمة استعراضات السلفيين، وتخبّط الاجراءات الحكومية علاوة على جبن رأس المال المتأصّل... وضع سياسي غامض لا نعرف له أفقا ولا إشارة إلى النهايات... مطالب شعبيّة لا تلقى جوابا واستحقاقات الثّورة متبخّرة ومنها غياب محاسبة الفاسدين وتلكّؤ في الاصلاحات وتخبّط في ملفّي الشهداء وجرحى الثّورة... في حين نُقحم في اللّعبة الاقليمية قسرًا وليس لنا أي مصلحة في ذلك... كلّ هذا وغيره ومازال البعض يكابر... مناورات... تلميحات... بالونات اختيار... خطاب موزّع بين التخشّب والغموض والاعترافات المحتشمة الخجولة بالفشل ولكنّها اعترافات لم ترق إلى النقد الذاتي الشجاع... تهجّم متواصل على كلّ من ينقد رداءة الأداء... وتعليق دائم للفشل على شمّاعة «الفلول» بما في ذلك الفشل في خطّة أمنية بسيطة لتأمين حماية سفارة أجنبية... دوما تبرير ما لا يُبرّر... وبموازاة مع كلّ ذلك: تكالب محموم على المواقع وخطط عنكبوتية للسيطرة على مفاصل الدولة... إجراءات مستعجلة للتفويت في أكثر من 148 مؤسسة عمومية وبالطريقة ذاتها: غياب الشفافية، المحاباة وفق قاعدة الأقربون أولى بالمعروف ورشوة المؤلفة قلوبهم وتسديد الدَّيْن للأخوة القطريين «صنّاع ثورة الياسمين»!!! نزعة منفلتة للهيمنة على الاعلام والقضاء وفق خطة ثلاثية محكمة: هرسلة + فراغ قانوني + تعيينات مشبوهة. إنّها صورة الواقع القاتمة التي ترتسم كلّ يوم في وجه التونسيين بشتّى مشاربهم ولا تُسعد الاّ من يُضمر لهذا البلد الشرّ ويُبيّت لها مصيرا مجهولا، واقع يغلب عليه اليأس والسوداوية وندفع إليه دفعًا... مناخ من انعدام الطمأنينة وغياب الثقة مازال البعض يهوّن منه حفاظا على موقعه وهروبا من المسؤولية... لكنّه واقع لم يعد يحتمل من قبل الأغلبية.. التي حان الآن وقت تحرّكها وتكاتفها لتأخذ زمام المبادرة وتحدّد الأولويات وتضع الخطط وتستعيد الثقة وتعيد إلى التونسيين الأمل، أمل يسعى البعض إلى قتله في نفوسهم، الأمل في أن تتحقّق الحرية والكرامة باعتبارهما عنوان الثّورة ولا عنوان آخر لها... وعلى هذا الأساس انطلقت المبادرة الوطنية للاتحاد العام التونسي للشغل لتستعيد الأمل وقد بدأت خطوات تفعيلها في التقدّم ولابدّ من نجاحها لنعبر من عتبة العتمة والغموض الى ضفة الوضوح نحو روزنامة سياسية دقيقة وثابتة...