في سابقة هي الأولى من نوعها شرع القضاة منذ يوم 4 أكتوبر الجاري في اعتصام مفتوح بمقر جمعية القضاة التونسيين بقصر العدالة ، وذلك تنفيذا لقرار المجلس الوطني للجمعية المنعقد بتاريخ 23 سبتمبر المنقضي. وقد جاء قرار الاعتصام تأكيدا على رفض أغلبية القضاة لنتائج الحركة القضائية و احتجاجا على» ما سمي بالحركة القضائية وعلى إحياء المجلس الأعلى للقضاء الفاقد للشرعية والمشروعية وعلى التأخير الحاصل في إحداث الهيئة الوقتية التي ستشرف على القضاء العدلي.» وفي تصريحات شديدة اللهجة حول الاعتصام ، هاجم وزير العدل إضراب جمعية القضاة التونسيين، وعبّر وزير العدل عن خشيته من وجود «أجندة سياسية» من وراء الاعتصام الذي دعا له المكتب التنفيذي لجمعية القضاة التونسيين «بهدف تهيئة الأجواء لما يمكن أن يحصل يوم 23 أكتوبر من محاولات لإيهام الشعب بانتهاء شرعية المجلس التأسيسي والحكومة المنبثقة عنه». على حد رأيه وقال البحيري إنّ الدعوة للاعتصام «خطيرة» و»لا مبرر لها» لانها تزيد من حالة التشكيك في عمل القضاء في وقت تسعى فيه الدولة الى إعادة ثقة المواطن في هذا القطاع عبر العمل على تطهيره من الفاسدين الذين خدموا نظام المخلوع وأتباعه، وفق تعبيره. واستغرب حصول هذا الاعتصام «في وقت كان ينبغي فيه أن يقوم القضاة بالدفاع عن زملائهم الذين يتعرضون للشتم والسب في سياق الحملة المشبوهة التي أثيرت حول قضية الفتاة المغتصبة وغيرها من القضايا»، على حدّ قوله. وفي تصريح له حمّل القاضي ورئيس المرصد التونسي لاستقلال القضاء أحمد الرحموني المسؤولية للسلطة السياسية ممثلة أساسا في وزارة العدل في تعطيل فتح ملف القضاء لانفرادها بالوضع القضائي تسمية وإعفاء ولتمسّكها بمشروعية الممارسة الفردية والتلاعب بالوظائف القضائية. وأضاف الرحموني انه حضر الى مقر الجمعية لمساندة المحتجين واعتبر أن الاعتصام الذي وقع إقراره بطريقة ديمقراطية يعكس التوجهات الحقيقية للقضاة في رفض الممارسات الفردية للسلطة السياسية ورفض الاعتراف بحالة الرضا التي تريد وزارة العدل أن تشيعها.هو يعكس أيضا التحسيس بأولوية اقرار الضمانات الضرورية لاستقلال السلطة القضائية في الوضع الانتقالي. من جهتها، قالت القاضية كلثوم كنو رئيس جمعية القضاة التونسيين ردّا على اتهامات أخرى جاءت على لسان محمد الفاضل السايحي المكلف بمأمورية بوزارة العدل، الذي اتهم بطريقة غير مباشرة جمعية القضاة بتسييس تحركاتها بالتزامن مع تحركات معارضة تريد سحب الشرعية من الحكومة الحالية، بأنها اتهامات غير مسؤولة ولا تليق بمسؤول بوزارة العدل، حسب قولها. وقالت كلثوم كنو إن جمعية القضاة التونسيين لا علاقة لها بما يحدث من تحركات احتجاجية في البلاد، وشدّدت على أن الاحتجاج الذي تنفذه جمعية القضاة التونسيين جاء كرد فعل مباشرة بعد أيام من الإعلان عن الحركة القضائية «المزعومة»، التي تمت في 13 سبتمبر الماضي. واعتبرت أن الاتهامات الموجهة لجمعية القضاة بأنها تدعو للفراغ وتسييس عملها بما يفقد الحكومة شرعيتها، «باطلة» وتنم على عقلية الماضي التي كان يجرم بها الرئيس المخلوع أي تحرك احتجاجي، حسب تعبيرها.