قتلى بهجوم "مدمر" على تل أبيب وحيفا وبزشكيان يؤكد الصمود    هجوم صاروخي إيراني غير مسبوق على إسرائيل ودمار واسع في كل مكان    بوادر مشجعة وسياح قادمون من وجهات جديدة .. تونس تراهن على استقبال 11 مليون سائح    الكرة الطائرة : المنتخب في إيطاليا وبن عثمان يحتجب    القيروان .. إستعدادا لاجتياز مناظرتي السيزيام والنوفيام .. جلسة توعوية للإحاطة بالتلاميذ وأوليائهم    بعد ترميمه فيلم "كاميرا عربية" لفريد بوغدير يُعرض عالميا لأوّل مرّة في مهرجان "السينما المستعادة" ببولونيا    مديرو المهرجانات الصيفية يواجهون صعوبات .. بين مطرقة ارتفاع كلفة الفنانين وسندان أذواق المتفرجين    المالوف التونسي يضيء ليل باريس    إجراءات لدعم التشغيل    اليوم انطلاق مناظرة «السيزيام»    رقم أخضر    تعاون تونسي إيطالي لدعم جراحة قلب الأطفال    كأس العالم للأندية :باريس سان جيرمان يضرب أتليتيكو مدريد برباعية    تونس: حوالي 25 ألف جمعية 20 بالمائة منها تنشط في المجال الثقافي والفني    مدنين: حملة نظافة بجربة اجيم لجمع النفايات البلاستيكية    إطلاق خارطة السياسات العمومية للكتاب في العالم العربي يوم 24 جوان 2025 في تونس بمشاركة 30 دار نشر    وزارة المالية تعين لمياء بن اسماعيل في خطة امين مال عام للجمهورية التونسية    لطيفة العرفاوي تردّ على الشائعات بشأن ملابسات وفاة شقيقها    هكذا سيكون طقس الليلة    حملات الشرطة البلدية تسفر عن مئات المخالفات في مجالي الأمن والصحة    قافلة الصمود تدعو الراغبين في العودة إلى تونس لتسجيل أسمائهم في موقع التخييم بمصراتة    كأس العالم للأندية 2025: بنفيكا يواجه بوكا جونيورز وتشيلسي يفتتح مشواره أمام لوس أنجلس غدا    "إسرائيل تلجأ لتفجير سيارات مفخخة في طهران".. مصدر مطلع يكشف    المبادلات التجارية بين تونس والجزائر لا تزال دون المأموال (دراسة)    وزارة الصحة: اختيار مراكز التربصات للمقيمين في الطب ستجرى خلال الفترة من 16 الى 19 جوان الجاري    لجنة انتداب تابعة لوزارة التربية العمانية تزول تونس الاسبوع المقبل (وكالة التعاون الفني)    فيلم "عصفور جنة" يشارك ضمن تظاهرة "شاشات إيطالية" من 17 إلى 22 جوان بالمرسى    زفاف الحلم: إطلالات شيرين بيوتي تخطف الأنظار وتثير الجدل    دورة برلين المفتوحة للتنس: انس جابر في الجدول النهائي بفضل بطاقة الخاسر المحظوظ    مطار النفيضة يستقبل أول رحلة مباشرة من مولدافيا    لماذا تستهلك بعض السيارات الزيت أكثر من غيرها؟    المُقاومة اليمنية تقصف إسرائيل بالتنسيق مع إيران..#خبر_عاجل    وزارة الصحة تُعلن رزنامة اختبار اختيار المراكز للمقيمين في الطب    إتحاد الفلاحة بباجة يدعو إلى مراجعة سلم تعيير الحبوب بسبب تدني الجودة جراء الأمطار الأخيرة [فيديو]    الإعلامية ريهام بن علية عبر ستوري على إنستغرام:''خوفي من الموت موش على خاطري على خاطر ولدي''    قابس: الاعلان عن جملة من الاجراءات لحماية الأبقار من مرض الجلد العقدي المعدي    الترجي الرياضي يعزز ثقة باسم السبكي بقيادة الفريق لموسم جديد    باجة: سفرة تجارية ثانية تربط تونس بباجة بداية من الاثنين القادم    جلسة عمل بولاية تونس حول مدى تقدم مخطط التنمية 2026-2030    كأس العالم للأندية 2025 - الوداد المغربي يتعاقد مع المدافع البرازيلي غيليرمي فيريرا    بنزرت: مشاركة قياسية ضمن أول دورة من فعاليات "نصف ماراطون بنزرت"    هل يمكن أكل المثلجات والملونات الصناعية يوميًا؟    موسم واعد في الشمال الغربي: مؤشرات إيجابية ونمو ملحوظ في عدد الزوار    السلطات الليبية: ''قافلة الصمود'' دخلت ليبيا بشكل قانوني    "فارس": إيران تسقط 44 مسيرة إسرائيلية على الحدود    مقترح برلماني: 300 دينار منحة بطالة و450 دينار للعاجزين عن العمل    الأهلي يُعلن غياب إمام عاشور رسميًا بعد إصابته أمام إنتر ميامي    إيران تعرب عن استيائها من "صمت" وكالة الطاقة الذرية    العثور على شقيق الفنانة لطيفة العرفاوي متوف داخل منزله    تحذير خطير: لماذا قد يكون الأرز المعاد تسخينه قاتلًا لصحتك؟    من قلب إنجلترا: نحلة تقتل مليارديرًا هنديًا وسط دهشة الحاضرين    درجات الحرارة هذه الليلة..    المدير العام لمنظمة الصحة العالمية يؤكد دعم المنظمة لمقاربة الصحة الواحدة    قافلة الصمود فعل رمزي أربك الاحتلال وكشف هشاشة الأنظمة    خطبة الجمعة .. رأس الحكمة مخافة الله    ملف الأسبوع .. أحبُّ الناس إلى الله أنفعُهم للناس    موعدنا هذا الأربعاء 11 جوان مع "قمر الفراولة"…    طواف الوداع: وداعٌ مهيب للحجيج في ختام مناسك الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشاعر خالد الشوملي بين الوجع الفلسطيني و القضية الشعرية
نشر في الشعب يوم 20 - 10 - 2012

ضمن فعاليات مهرجان الشعر العربي الحديث بالجريد تحت شعار «الشابي و قضايا « التحرر في دورته 32 المنعقد ايام 18-19-20-21 اكتوبر 2012 بتوزر حلّ بيننا الشاعر خالد الشوملي ضيفا وفي هذا الاطار كان لنا معه الحوار التالي:
خالد الشوملي انت ضيف تونس في ملتقى الشعر الحديث يتوزر اضافة الى محطات شعرية اخرى من بينها الامسية بقابس لمن لا يعرفك من هو خالد الشوملي ؟
الشاعر خالد شوملي فلسطينيّ القلب، عربيّ الروح وإنسانيّ الحلم، ولد عام 1958 في مدينة بيت ساحور (قرب القدس في فلسطين) ونما في عائلة تحب الأدب والشعر والمسرح. حاصل على شهادة الهندسة المدنية من جامعة آخن في ألمانيا. ومقيم فيها منذ عام 1978 ويعمل مهندساً في مدينة كولون. له ديوان شعر مطبوع صدر عن بيت الشعر الفلسطيني عام 2008 بعنوان «لمن تزرع الورد». وله ديوان جديد صدر حديثا عن دار الشروق في فلسطين والأردن بعنوان «مُعلّقة في دُخان الكلام». كما له ديوان آخر تحت الطبع بعنوان «نحل الأماني».
ينشر قصائده بصورة دورية في أكثر من عشرين منتدى أدبي ومجلة. أسس فرقة الرواد الفنية في فلسطين عام 1987 وترأسها حتى عام 1990. له قصائد صوتية عديدة منشورة في النت كما لحنت قصائد له وظهرت في شريطين صوتيين أثناء انتفاضة الحجارة في فلسطين عام 1987 1990. ترجم بعض قصائده للغات مختلفة منها الألمانية والإنجليزية والفرنسية والإيطالية والإسبانية والكرواتية.
لكل شاعر لحظة شعرية يولد منها كيف نزل عليك وحي الشعر و اكتشفت هوية الشاعر فيك ؟
كما قال الشاعر الكبير أبو القاسم الشابي يكمن في كل إنسان شاعر. لكن اكتشاف هذه الشاعرية وتنميتها لا تتوفر لكل فرد. لحسن حظي أن وضع البيت والعائلة لدينا كان مهيئا للإبداع. فوجود مكتبة كبيرة في داخل البيت تحتوي على كافة أنواع الأدب العربي والعالمي وحضور ورعاية أبي الأديب والصحفي ساعدا لأن أميل مبكرا للأدب. وكنت أحس بمتعة لم أعرفها من قبل في قراءة كتب الأدب عامة والشعر خاصة. كنت أتذوق الشعر وأنظر إلى ما وراء الكلمات. أحسست أن للشعر سحرا فريدا وتأثيرا قويا على روحي لم أشهده من قبل. كنت ميالا للموسيقى كثيرا ولاحظت أن لا صعوبة لي تذكر في استيعاب وتذوق وإعادة البحور الشعرية. في تلك الفترة المبكرة بدأت أحس أن الشعر هو وطني الثاني. حيث وطني الأول (فلسطين) مقيد بسلاسل الاحتلال. والوطن الثاني (الشعر) كان حرا طليقا فتعلقت به كثيرا وكان ملاذي.
ماهي طقوسك الشعرية ؟
تسبق كتابة القصيدة عندي مرحلة من التأمل وكأنها مرحلة الحمل قبل الولادة. أتأمل الطبيعة كثيرا فمنها أستمد روعة الصورة الشعرية. هنا تبدأ الفكرة بذرة حتى تغدو لاحقا شجرة ويدندن الإيقاع في الأذن وتعصف بالقلب أحاسيس جديدة غير معهودة. هذا الجو الأمثل لي لكتابة قصيدة تحتوي على كل عناصر الجمال.
انت مهندس صاحب اختصاص علمي لا ادبي هل تعتبر ان كليات الأداب و الفنون الجميلة اقدر على انجاب الشعراء ام انها ستقتلهم بالقيود النقدية ؟
إن التأهيل العلمي والجامعي بغض النظر عن اتجاهه لا علاقة له بالإبداع. فإما أن يكون الإنسان مبدعا أو لا يكون. أما المؤهلات العلمية فلها تأثير على شخصية الشاعر وتكمل تجربته. إن المؤهل العلمي أو الأدبي لا يخلق شاعرا واحدا. إن الشاعر الحقيقي هو الذي ينظر للحياة بصورة كاملة لا جزئية وعليه أن ينخرط في الحياة نفسها كمدرسة حقيقية لتخريج المبدعين. ولنتذكر الشاعر النابغة أبا القاسم الشابي الذي أبدع دون أن يزور جامعة أدبية.
علاقتك بدرويش خاصة و ان درويش على عبقريته الشعرية معروف انه مصيدة شعرية جميلة تمحي هوية كل من يتعثر بها ؟
فلسطينيتنا المتجذرة وحب الوطن والانتماء للشعر هذا ما يربطني بالشاعر الكبير محمود درويش. لم تكن هناك علاقة شخصية بسبب غربتي الدائمة على مدى 35 عاما. ولم أنشر إلا متأخرا. عندما صدر ديواني الأول (لمنْ تزرعُ الورْد) عام 2008 توفي محمود درويش.
أنا معجب جدا بشعر محمود درويش وقرأت معظم أعماله وهي أكثر من رائعة. إلا أن الطريق التي سلكتها تختلف عن طريقه كثيرا. وربما إذا تناول النقاد بعض قصائدي سيكتشفون الفرق. أنا أؤمن بتعددية الشعر والجمال وإنسانية الشعر. للطبيعة والحكمة حيز كبير في قصائدي. لست منافسا ولست مقلدا لأحد. لي رؤيتي الشعرية وهي التي تقودني. وكل من يحاول أن يقلد شاعرا آخر فهو مقلد وليس شاعرا حقيقيا. ولا يمكن أن يكون التقليد أفضل من الأصل.
ولنتذكر أبا القاسم الشابي فقد قرأ لجبران خليل جبران إلا أنه استطاع أن يكتب شعره الخاص به لأن لديه رؤيته الخاصة للحياة.
فلسطين وجع خالد الشوملي في ظل مقولة الادب ماساة او لا يكون ما هو دور الوجع الفلسطيني في خلق عالمك الشعري ؟
وطني... متى تتبدّلُ الأحوالُ؟
حتى يعودَ الطائرُ الجوّالُ
مِنْ رحلةِ المنفى التي لا تنتهي
بينَ المنيّةِ والمنى... أميالُ
النهرُ يشبهُني...
كلانا شاعرٌ
بَيْنَ الْمَعاني عابرٌ... رَحّالُ
فلسطين ليست موضوعا شعريا أو إنشائيا وإنما وطن أعيشه بكل خلجات الفؤاد. فيجد صداه في قصائدي. ولا شعر حقيقي دون مشاعر عميقة. فكيف تكون فلسطين محتلة ولا أكتب عن هذا وكيف يموت أطفالنا يوميا ولا أتطرق لهذا. فلسطين تفرض نفسها على كل إنسان له ضمير. وإن كانت فلسطينيتي صدفة لأني ولدت في فلسطين فأنا أفتخر بانتمائي لهذا الوطن وشعبه الرائع. وانتمائي حر لطموحات الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال وليس صدفة بتاتا. فالشاعر لا يمكن إلا أن يقف مع الحق والعدالة. وافتخاري بفلسطينيتي لا يتناقض مع اعتزازي بعروبتي بل يتكاملان. فالعروية والإنسانية بما تحملانه من بُعد ومعان جميلة وسامية تشكلان أفقا رحبا لهذه الوطن الذي يسعى أن يضمد جراحه ويتأهب للتحليق.
ان تكون فلسطينيا هل ترى ان هذا الانتماء يعطيك جواز سفر لا مشروط شعريا ؟
بالطبع لا. إن انتماء الشاعر لبلد معين لا يعطيه حقوقا إبداعية أكثر من غيره. على كل شاعر أن يكون مبدعا بغض النظر عن جنسيته. الوطن والانتماء الوطني لا يصنع الشاعر وإنما إبداع الشاعر هو الذي يصنع منه شاعرا. لذلك فلكين الشعر قوس قزح. ولنرسم بكل أطيافه ولنكتب كل أنواعه ونعطي الشعر حقه كاملا في الابتكار وروعة الصورة الشعرية وعمق وبلاغة اللغة وعذوبة الإيقاع الداخلي والخارجي. فليكن الشعر إبداعا ساميا سواء كان للوطن أو للحبيبة أو للطبيعة أو كان قصيدة حكمة.
كيف تقيم المشهد الشعري الفلسطيني في ظلّ اتجاه اغلب الكتاب الشباب هناك الى نص ما بعد قصيدة النثر او النص المفتوح كما يسميه بعض النقاد ؟
لا شك أن الوضع الفلسطيني المميز باحتلال وطنه وتشريد شعبه وتشتته عكس نفسه على الحركة الأدبية الفلسطينية بشكل عام والحركة الشعرية بشكل خاص. ومع انطلاق الثورة الفلسطينية في عام 1965 تشكل ما يسمى شعر الثورة وشعراء الأرض المحتلة فبرز كل من توفيق زياد وسميح القاسم ومحمود درويش وفدوى طوقان وراشد حسين وحنا أبوحنا وكمال ناصر وغيرهم. ساهم هؤلاء الشعراء بدفع الحركة الشعرية الفلسطينية وتطورها للأمام لتلحق وتواكب الحركة الأدبية العربية التي كانت متقدمة بعض الشيء بسبب قمع الاحتلال لكل ما هو فلسطيني أو عربي في فلسطين.
ظهر بعد ذلك جيل جديد يذكر منهم الشعراء خالد أبو خالد وأحمد دحبور وعزالدين المناصرة ممن ساهموا أيضا في حمل لواء الشعر الفلسطيني. كما جرت محاولات لتجديد الشعر شبيها لما حدث في الأقطار العربية الأخرى وأصبح لقصيدة النثر روادها. برزت أسماء جديدة هنا مثل زكريا محمد وروز شوملي مصلح وغيرهم.
كثيرة هي الأسماء التي اتجهت لقصيدة النثر وهناك أحيانا استسهال (ساذج) في كتابتها مما عكس نفسه على سطحية بعض ما يكتب. كثيرة هي الكتابات وقليلة هي الإبداعات الحقيقية في قصيدة النثر. إن معظم عناصر الشعر في القصيدة العمودية أو قصيدة التفعيلة يجب أن تتوفر أيضا في قصيدة النثر. مقارنة مع قصيدة النثر في الأقطار العربية فإن قصيدة النثر في فلسطين متأخرة بعض الشيء.
ظلت الحركة الشعرية الفلسطينية تحلق في مدار الوطن وقليلة هي المحاولات الجادة التي استطاعت أن تعطي الشعر حقه كاملا وتستنفذ كل طاقاته في التعبير عن كينونة الإنسان بأبعادها اللامحدودة أو صميم الوجود كما كان يسميه الشاعر أبو القاسم الشابي.
ايجابيات الحركة الشعرية الفلسطينية تكمن في ملامستها لروح الشارع الفلسطيني وإضفاء الإنسانية على الحركة الوطنية الفلسطينية ودفعها لمواكبة حركة الشعر العربي.
وسلبياتها على صعيد الشعر والإبداع تكمن في الاقتصار على بعض الوجوه والرموز المعروفة واختزال مواضيع الشعر في موضوع واحد والاتجاه للمباشرة على حساب الرمزية والتصوير والخيال والعمق.
سمعنا من بعض الاصدقاء ان في فلسطين أن هناك تهمة اسمها تهمة الاتجار بالكتب كيف تقيم علاقة السلطة الفلسطينية بالكتاب و المثقف ؟
لابد من الإشارة للوضع الشاذ الذي يعيشه الشعب الفلسطيني فأكثر من نصفه مشرد ويعيش في المنافي والغربة. والنصف المتبقي في فلسطين يخضع لثلاث سلطات. السلطة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية التي احتلت عام 1948. والقسم الثاني يعيش في ظل السلطة الوطنية الفلسطينة في الضفة الغربية. أما القسم الثالث فهو يخضع لسلطة حماس في قطاع غزة. إن التنافس بين السلطتين الفلسطينيتين في الضفة الغربية وقطاع غزة كان له أثر سلبي على دور الثقافة في فلسطين. هنا تتراجع الثقافة والكلمة المبدعة لتتقدم التبعية لهذا وذاك. ومن هنا يتحمل شعراء وأدباء المهجر دورا تاريخيا في حمل راية الأدب والشعر والإبداع والدعوة للوحدة في هذه المرحلة الصعبة.
هذا الخوف من المثقف يدفعنا للحديث عن الدور الذي يمكن ان يلعبه في المنطقة العربية كيف ترى تعامل المثقف العربي مع القضية الفلسطينية و كيف يمكنه ان يغير المشهد الثقافي العربي ؟
لقد كانت الكلمة الحرة على مدى التاريخ البشري أشد قوة من أي سلاح آخر. فلذلك تم اغتيال أدباء وشعراء ومبدعي فلسطين أمثال غسان كنفاني وكمال ناصر وراشد حسين وماجد أبو شرار وناجي العلي.
لعب المثقف العربي في الماضي وما زال يلعب دورا إيجابيا في دعم القضية الفلسطينية وكان صمام أمان في بلده لتظل القضية الفلسطينية حاضرة في ضمير الشعب. ساهم أن تظل فلسطين على أولويات جداول الأقطار العربية. ولعب دورا لا بأس به في تثبيت مفاهيم نضالية مما فك العزلة عن مثقفي فلسطين.
ما يمكن أن يفعله المثقف العربي هو أن يقوم بدوره الطبيعي في وطنه. هذا أولا، وأن يكون امتدادا طبيعيا وشريكا حقيقيا للمثقف الفلسطيني. إن الوطن العربي هو البعد والجسد الكبير لفلسطين وهنا تكمن إحدى مهمات المثقف العربي في فك العزلة والحصار وحماية هذا الجسد وتضميد جراحه.
إن ما يميز عصرنا هذا هو سرعة انتشار الخبر وتسليط الضوء على الأحداث مما يساعد اتخاذ موقف أثناء وقوع الحدث نفسه وهذا نوع جديد من التفاعل المتبادل. هذا دور آخر للمثقف الصادق مع نفسه وقيمه.
اي مناخات شعرية منحها الربيع العربي لخالد الشوملي؟
الشاعر لا يمكن أن يبقى بعيدا عن هذه الأحداث العاصفة. فمن يرى مئات الآلاف من الناس يتظاهرون يتحرك فيه كل شيء. كان قلبي ينبض بسرعة فائقة فجاءت قصائدي منسجمة مع الانتفاضات الشعبية في روحها وقيمها وحتى في وتيرتها الموسيقية. وعندما رأيت الشاب محمد بوعزيزي يحترق كتبت قصيدتي (ما قيمةُ الدّنيا) وهي قصيدة طويلة وهذه هي الأبيات الأخيرة منها:
يا نَجْمةً في العَيْنِ ساهِرَةً
صُبّي عَليَّ الصُّبْحَ وَاقْتَرِبي
يا تونسُ الْخَضْراءُ سَيّدَتي
يا قامَةَ الشّعَراءِ والأدَبِ
يا تونسُ الْعَذْْراءُ مَعْذِرَةً
سَئِمَتْ حُروفي السّجْنَ في الْكُتُبِ
ما قيمَةُ الدّنْيا بِلا وَطَنٍ
تشْدو الطّيورُ بِمَرْجِهِ الرّحِبِ؟
ولي قصيدة أخرى بعنوان « في مصر لي قلب « كتبتها أثناء الثورة المصرية المجيدة. هذه بعض أبياتها:
لَوْ كُنْتُ يَوْماً أشْتَهي وَطَناً
لاخْتارَني العُنْوانُ والْبَلَدُ
شقّوا الْفؤادَ لِيَقْرأوا كُتُبي
لكِنّهُمْ إلّاكَ لمْ يَجِدوا
في تونسَ الخضْراء لي قَمَرٌ
رِئَةٌ هُنا في الشّامِ لي وَيَدُ
في الْمَغْربِ العَرَبيِّ لي كَتِفٌ
صَدْري الْعِراقُ جَبينُ مَنْ صَمَدوا
في مِصْرَ لي قَلْبٌ يَضُخُّ دَماً
وَهُناكَ في لُبْنانَ لي كَبِدُ
يا أرْضُ إنَّ الرّيحَ ذاكِرَةٌ
والْقُدْسُ لا ينْسى اسْمَها أحَدُ
الْغَيْمُ يَبْكي الآنَ مُنْفعِلاً
فالْيَوْمَ عُرْسُ النّصْرِ يَنْعَقِدُ.
ولي قصيدة أخرى بعنوان « أقْحَمْتَ هاءَكَ بَيْنَ الْجيم ِ واللام ِ
« كتبتها أثناء انتفاضة الشعب الليبي أقول فيها:
بِأيّ حَقٍّ شُعوبُ الْأرْضِ مُثْقلَةٌ
الْقيْدُ في يَدِها تاريخُها دامِ ؟
وَالنّجْمُ يُقْطَفُ مِنْ صدْرِ السّما جَشَعاً
وَالْحُلْمُ يُخْطَفُ مِنْ أَحْداقِ أيْتامِ ؟
هَبّتْ على وَطَنِ الْأعْرابِ عاصِفَةٌ
ما عادَ يَحْبِسُها فِنْجانُ حُكّامِِ
طاحونَةُ الشّعْبِ دارتْ ليْسَ يوقِفُها
شَهْدُ الْكلام ِ وَلا تَكْشيرُ ضِرْغامِِ
وَالْفَجْرُ يُنْشِدُ في الْأوْطانِ أغْنِيَةً
ما أجْملَ الْعُمْرَ... ما أحْلاهُ مِنْ عامِِ!
أما الأوضاع المأساوية في سورية فدعتي لأن أكتب أكثر من قصيدة. هذه بعض الأبيات المنشورة في ديواني الجديد:
لا يُلامُ الْبَدْرُ إنْ حَلَّ الظّلامُ
إنّما الْفَجْرُ إذا خافَ يُلامُ
فَنُجومُ الْحُبِّ في السِّجْنِ تُعاني
وَهِلالُ الْحُلْمِ أرْداهُ الْحُسامُ
مَعَكُمْ نَبْكي أَحِبّائي فَإنّا
تَوْأما الرّوحِ فِلِسْطينُ وَ شامُ
لَوْ بَكى يا قَلْبُ في الشّامِ غَزالٌ
لَأصابَتْ كَبِدَ الْقُدْسِ السِّهامُ
ازمة النشر بفلسطين كيف تقيمها ؟
إن حركة النشر في فلسطين غير مرضية بسبب غياب الدعم الكافي من قبل السلطة المحلية سواء في الضفة الغربية أو قطاع غزة. بالإضافة لعدم وجود دعم عربي أو عالمي لتشجيع النشر في فلسطين. الوضع السياسي والاقتصادي الصعب للفلسطينيين يزيد من صعوبة نشر كتب أدبية وشعرية. هناك بيت الشعر الفلسطيني في رام الله وقد كان ينشر للشعراء الفلسطينيين والعرب. لكنه منذ سنتين توقف عن النشر بسبب نقص في ميزانيته. تعتبر دار الشروق في رام الله ولها فروع في عمان وبيروت من أهم دور النشر التي تنشر كتبا أدبية في فلسطين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.