تونس تحتفل بعيد الشغل العالمي وسط آمال عمالية بإصلاحات تشريعية جذرية    دوري ابطال اوروبا.. التعادل يحسم مباراة مجنونة بين البرسا وانتر    شهر مارس 2025 يُصنف ثاني الأشد حرارة منذ سنة 1950    يظلُّ «عليًّا» وإن لم ينجُ، فقد كان «حنظلة»...    الاتحاد يتلقى دعوة للمفاوضات    تُوّج بالبطولة عدد 37 في تاريخه: الترجي بطل تونس في كرة اليد    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    قضية مقتل منجية المناعي: إيداع ابن المحامية وطليقها والطرف الثالث السجن    رحل رائد المسرح التجريبي: وداعا أنور الشعافي    القيروان: مهرجان ربيع الفنون الدولي.. ندوة صحفية لتسليط الضوء على برنامج الدورة 27    الحرائق تزحف بسرعة على الكيان المحتل و تقترب من تل أبيب    منير بن صالحة حول جريمة قتل المحامية بمنوبة: الملف كبير ومعقد والمطلوب من عائلة الضحية يرزنو ويتجنبو التصريحات الجزافية    الليلة: سحب مع أمطار متفرقة والحرارة تتراوح بين 15 و28 درجة    عاجل/ الإفراج عن 714 سجينا    عاجل/ جريمة قتل المحامية منجية المناعي: تفاصيل جديدة وصادمة تُكشف لأول مرة    ترامب: نأمل أن نتوصل إلى اتفاق مع الصين    عاجل/ حرائق القدس: الاحتلال يعلن حالة الطوارئ    الدورة 39 من معرض الكتاب: تدعيم النقل في اتجاه قصر المعارض بالكرم    قريبا.. إطلاق البوابة الموحدة للخدمات الإدارية    وزير الإقتصاد يكشف عن عراقيل تُعيق الإستثمار في تونس.. #خبر_عاجل    المنستير: إجماع خلال ورشة تكوينية على أهمية دور الذكاء الاصطناعي في تطوير قطاع الصناعات التقليدية وديمومته    عاجل-الهند : حريق هائل في فندق يودي بحياة 14 شخصا    الكاف... اليوم افتتاح فعاليات الدورة العاشرة لمهرجان سيكا جاز    السبت القادم بقصر المعارض بالكرم: ندوة حوارية حول دور وكالة تونس إفريقيا للأنباء في نشر ثقافة الكتاب    عاجل/ سوريا: اشتباكات داخلية وغارات اسرائيلية وموجة نزوح..    وفاة فنانة سورية رغم انتصارها على مرض السرطان    بمناسبة عيد الإضحى: وصول شحنة أغنام من رومانيا إلى الجزائر    أبرز مباريات اليوم الإربعاء.    عملية تحيّل كبيرة في منوبة: سلب 500 ألف دينار عبر السحر والشعوذة    تفاديا لتسجيل حالات ضياع: وزير الشؤون الدينية يُطمئن الحجيج.. #خبر_عاجل    الجلسة العامة للشركة التونسية للبنك: المسيّرون يقترحون عدم توزيع حقوق المساهمين    قابس: انتعاشة ملحوظة للقطاع السياحي واستثمارات جديدة في القطاع    نقابة الفنانين تكرّم لطيفة العرفاوي تقديرًا لمسيرتها الفنية    زيارات وهمية وتعليمات زائفة: إيقاف شخص انتحل صفة مدير ديوان رئاسة الحكومة    إيكونوميست": زيلينسكي توسل إلى ترامب أن لا ينسحب من عملية التسوية الأوكرانية    رئيس الوزراء الباكستاني يحذر الهند ويحث الأمم المتحدة على التدخل    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    ابراهيم النّفزاوي: 'الإستقرار الحالي في قطاع الدواجن تام لكنّه مبطّن'    القيّمون والقيّمون العامّون يحتجون لهذه الأسباب    بطولة إفريقيا للمصارعة – تونس تحصد 9 ميداليات في اليوم الأول منها ذهبيتان    تامر حسني يكشف الوجه الآخر ل ''التيك توك''    معرض تكريمي للرسام والنحات، جابر المحجوب، بدار الفنون بالبلفيدير    أمطار بكميات ضعيفة اليوم بهذه المناطق..    علم النفس: خلال المآزق.. 5 ردود فعل أساسية للسيطرة على زمام الأمور    بشراكة بين تونس و جمهورية كوريا: تدشين وحدة متخصصة للأطفال المصابين بالثلاسيميا في صفاقس    اغتال ضابطا بالحرس الثوري.. إيران تعدم جاسوسا كبيرا للموساد الإسرائيلي    نهائي البطولة الوطنية بين النجم و الترجي : التوقيت    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    في جلسة ماراتونية دامت أكثر من 15 ساعة... هذا ما تقرر في ملف التسفير    ديوكوفيتش ينسحب من بطولة إيطاليا المفتوحة للتنس    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    شحنة الدواء العراقي لعلاج السرطان تواصل إثارة الجدل في ليبيا    الميكروبات في ''ديارنا''... أماكن غير متوقعة وخطر غير مرئي    غرة ذي القعدة تُطلق العد التنازلي لعيد الأضحى: 39 يومًا فقط    تونس والدنمارك تبحثان سبل تعزيز التعاون في الصحة والصناعات الدوائية    اليوم يبدأ: تعرف على فضائل شهر ذي القعدة لعام 1446ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشاعر خالد الشوملي بين الوجع الفلسطيني و القضية الشعرية
نشر في الشعب يوم 20 - 10 - 2012

ضمن فعاليات مهرجان الشعر العربي الحديث بالجريد تحت شعار «الشابي و قضايا « التحرر في دورته 32 المنعقد ايام 18-19-20-21 اكتوبر 2012 بتوزر حلّ بيننا الشاعر خالد الشوملي ضيفا وفي هذا الاطار كان لنا معه الحوار التالي:
خالد الشوملي انت ضيف تونس في ملتقى الشعر الحديث يتوزر اضافة الى محطات شعرية اخرى من بينها الامسية بقابس لمن لا يعرفك من هو خالد الشوملي ؟
الشاعر خالد شوملي فلسطينيّ القلب، عربيّ الروح وإنسانيّ الحلم، ولد عام 1958 في مدينة بيت ساحور (قرب القدس في فلسطين) ونما في عائلة تحب الأدب والشعر والمسرح. حاصل على شهادة الهندسة المدنية من جامعة آخن في ألمانيا. ومقيم فيها منذ عام 1978 ويعمل مهندساً في مدينة كولون. له ديوان شعر مطبوع صدر عن بيت الشعر الفلسطيني عام 2008 بعنوان «لمن تزرع الورد». وله ديوان جديد صدر حديثا عن دار الشروق في فلسطين والأردن بعنوان «مُعلّقة في دُخان الكلام». كما له ديوان آخر تحت الطبع بعنوان «نحل الأماني».
ينشر قصائده بصورة دورية في أكثر من عشرين منتدى أدبي ومجلة. أسس فرقة الرواد الفنية في فلسطين عام 1987 وترأسها حتى عام 1990. له قصائد صوتية عديدة منشورة في النت كما لحنت قصائد له وظهرت في شريطين صوتيين أثناء انتفاضة الحجارة في فلسطين عام 1987 1990. ترجم بعض قصائده للغات مختلفة منها الألمانية والإنجليزية والفرنسية والإيطالية والإسبانية والكرواتية.
لكل شاعر لحظة شعرية يولد منها كيف نزل عليك وحي الشعر و اكتشفت هوية الشاعر فيك ؟
كما قال الشاعر الكبير أبو القاسم الشابي يكمن في كل إنسان شاعر. لكن اكتشاف هذه الشاعرية وتنميتها لا تتوفر لكل فرد. لحسن حظي أن وضع البيت والعائلة لدينا كان مهيئا للإبداع. فوجود مكتبة كبيرة في داخل البيت تحتوي على كافة أنواع الأدب العربي والعالمي وحضور ورعاية أبي الأديب والصحفي ساعدا لأن أميل مبكرا للأدب. وكنت أحس بمتعة لم أعرفها من قبل في قراءة كتب الأدب عامة والشعر خاصة. كنت أتذوق الشعر وأنظر إلى ما وراء الكلمات. أحسست أن للشعر سحرا فريدا وتأثيرا قويا على روحي لم أشهده من قبل. كنت ميالا للموسيقى كثيرا ولاحظت أن لا صعوبة لي تذكر في استيعاب وتذوق وإعادة البحور الشعرية. في تلك الفترة المبكرة بدأت أحس أن الشعر هو وطني الثاني. حيث وطني الأول (فلسطين) مقيد بسلاسل الاحتلال. والوطن الثاني (الشعر) كان حرا طليقا فتعلقت به كثيرا وكان ملاذي.
ماهي طقوسك الشعرية ؟
تسبق كتابة القصيدة عندي مرحلة من التأمل وكأنها مرحلة الحمل قبل الولادة. أتأمل الطبيعة كثيرا فمنها أستمد روعة الصورة الشعرية. هنا تبدأ الفكرة بذرة حتى تغدو لاحقا شجرة ويدندن الإيقاع في الأذن وتعصف بالقلب أحاسيس جديدة غير معهودة. هذا الجو الأمثل لي لكتابة قصيدة تحتوي على كل عناصر الجمال.
انت مهندس صاحب اختصاص علمي لا ادبي هل تعتبر ان كليات الأداب و الفنون الجميلة اقدر على انجاب الشعراء ام انها ستقتلهم بالقيود النقدية ؟
إن التأهيل العلمي والجامعي بغض النظر عن اتجاهه لا علاقة له بالإبداع. فإما أن يكون الإنسان مبدعا أو لا يكون. أما المؤهلات العلمية فلها تأثير على شخصية الشاعر وتكمل تجربته. إن المؤهل العلمي أو الأدبي لا يخلق شاعرا واحدا. إن الشاعر الحقيقي هو الذي ينظر للحياة بصورة كاملة لا جزئية وعليه أن ينخرط في الحياة نفسها كمدرسة حقيقية لتخريج المبدعين. ولنتذكر الشاعر النابغة أبا القاسم الشابي الذي أبدع دون أن يزور جامعة أدبية.
علاقتك بدرويش خاصة و ان درويش على عبقريته الشعرية معروف انه مصيدة شعرية جميلة تمحي هوية كل من يتعثر بها ؟
فلسطينيتنا المتجذرة وحب الوطن والانتماء للشعر هذا ما يربطني بالشاعر الكبير محمود درويش. لم تكن هناك علاقة شخصية بسبب غربتي الدائمة على مدى 35 عاما. ولم أنشر إلا متأخرا. عندما صدر ديواني الأول (لمنْ تزرعُ الورْد) عام 2008 توفي محمود درويش.
أنا معجب جدا بشعر محمود درويش وقرأت معظم أعماله وهي أكثر من رائعة. إلا أن الطريق التي سلكتها تختلف عن طريقه كثيرا. وربما إذا تناول النقاد بعض قصائدي سيكتشفون الفرق. أنا أؤمن بتعددية الشعر والجمال وإنسانية الشعر. للطبيعة والحكمة حيز كبير في قصائدي. لست منافسا ولست مقلدا لأحد. لي رؤيتي الشعرية وهي التي تقودني. وكل من يحاول أن يقلد شاعرا آخر فهو مقلد وليس شاعرا حقيقيا. ولا يمكن أن يكون التقليد أفضل من الأصل.
ولنتذكر أبا القاسم الشابي فقد قرأ لجبران خليل جبران إلا أنه استطاع أن يكتب شعره الخاص به لأن لديه رؤيته الخاصة للحياة.
فلسطين وجع خالد الشوملي في ظل مقولة الادب ماساة او لا يكون ما هو دور الوجع الفلسطيني في خلق عالمك الشعري ؟
وطني... متى تتبدّلُ الأحوالُ؟
حتى يعودَ الطائرُ الجوّالُ
مِنْ رحلةِ المنفى التي لا تنتهي
بينَ المنيّةِ والمنى... أميالُ
النهرُ يشبهُني...
كلانا شاعرٌ
بَيْنَ الْمَعاني عابرٌ... رَحّالُ
فلسطين ليست موضوعا شعريا أو إنشائيا وإنما وطن أعيشه بكل خلجات الفؤاد. فيجد صداه في قصائدي. ولا شعر حقيقي دون مشاعر عميقة. فكيف تكون فلسطين محتلة ولا أكتب عن هذا وكيف يموت أطفالنا يوميا ولا أتطرق لهذا. فلسطين تفرض نفسها على كل إنسان له ضمير. وإن كانت فلسطينيتي صدفة لأني ولدت في فلسطين فأنا أفتخر بانتمائي لهذا الوطن وشعبه الرائع. وانتمائي حر لطموحات الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال وليس صدفة بتاتا. فالشاعر لا يمكن إلا أن يقف مع الحق والعدالة. وافتخاري بفلسطينيتي لا يتناقض مع اعتزازي بعروبتي بل يتكاملان. فالعروية والإنسانية بما تحملانه من بُعد ومعان جميلة وسامية تشكلان أفقا رحبا لهذه الوطن الذي يسعى أن يضمد جراحه ويتأهب للتحليق.
ان تكون فلسطينيا هل ترى ان هذا الانتماء يعطيك جواز سفر لا مشروط شعريا ؟
بالطبع لا. إن انتماء الشاعر لبلد معين لا يعطيه حقوقا إبداعية أكثر من غيره. على كل شاعر أن يكون مبدعا بغض النظر عن جنسيته. الوطن والانتماء الوطني لا يصنع الشاعر وإنما إبداع الشاعر هو الذي يصنع منه شاعرا. لذلك فلكين الشعر قوس قزح. ولنرسم بكل أطيافه ولنكتب كل أنواعه ونعطي الشعر حقه كاملا في الابتكار وروعة الصورة الشعرية وعمق وبلاغة اللغة وعذوبة الإيقاع الداخلي والخارجي. فليكن الشعر إبداعا ساميا سواء كان للوطن أو للحبيبة أو للطبيعة أو كان قصيدة حكمة.
كيف تقيم المشهد الشعري الفلسطيني في ظلّ اتجاه اغلب الكتاب الشباب هناك الى نص ما بعد قصيدة النثر او النص المفتوح كما يسميه بعض النقاد ؟
لا شك أن الوضع الفلسطيني المميز باحتلال وطنه وتشريد شعبه وتشتته عكس نفسه على الحركة الأدبية الفلسطينية بشكل عام والحركة الشعرية بشكل خاص. ومع انطلاق الثورة الفلسطينية في عام 1965 تشكل ما يسمى شعر الثورة وشعراء الأرض المحتلة فبرز كل من توفيق زياد وسميح القاسم ومحمود درويش وفدوى طوقان وراشد حسين وحنا أبوحنا وكمال ناصر وغيرهم. ساهم هؤلاء الشعراء بدفع الحركة الشعرية الفلسطينية وتطورها للأمام لتلحق وتواكب الحركة الأدبية العربية التي كانت متقدمة بعض الشيء بسبب قمع الاحتلال لكل ما هو فلسطيني أو عربي في فلسطين.
ظهر بعد ذلك جيل جديد يذكر منهم الشعراء خالد أبو خالد وأحمد دحبور وعزالدين المناصرة ممن ساهموا أيضا في حمل لواء الشعر الفلسطيني. كما جرت محاولات لتجديد الشعر شبيها لما حدث في الأقطار العربية الأخرى وأصبح لقصيدة النثر روادها. برزت أسماء جديدة هنا مثل زكريا محمد وروز شوملي مصلح وغيرهم.
كثيرة هي الأسماء التي اتجهت لقصيدة النثر وهناك أحيانا استسهال (ساذج) في كتابتها مما عكس نفسه على سطحية بعض ما يكتب. كثيرة هي الكتابات وقليلة هي الإبداعات الحقيقية في قصيدة النثر. إن معظم عناصر الشعر في القصيدة العمودية أو قصيدة التفعيلة يجب أن تتوفر أيضا في قصيدة النثر. مقارنة مع قصيدة النثر في الأقطار العربية فإن قصيدة النثر في فلسطين متأخرة بعض الشيء.
ظلت الحركة الشعرية الفلسطينية تحلق في مدار الوطن وقليلة هي المحاولات الجادة التي استطاعت أن تعطي الشعر حقه كاملا وتستنفذ كل طاقاته في التعبير عن كينونة الإنسان بأبعادها اللامحدودة أو صميم الوجود كما كان يسميه الشاعر أبو القاسم الشابي.
ايجابيات الحركة الشعرية الفلسطينية تكمن في ملامستها لروح الشارع الفلسطيني وإضفاء الإنسانية على الحركة الوطنية الفلسطينية ودفعها لمواكبة حركة الشعر العربي.
وسلبياتها على صعيد الشعر والإبداع تكمن في الاقتصار على بعض الوجوه والرموز المعروفة واختزال مواضيع الشعر في موضوع واحد والاتجاه للمباشرة على حساب الرمزية والتصوير والخيال والعمق.
سمعنا من بعض الاصدقاء ان في فلسطين أن هناك تهمة اسمها تهمة الاتجار بالكتب كيف تقيم علاقة السلطة الفلسطينية بالكتاب و المثقف ؟
لابد من الإشارة للوضع الشاذ الذي يعيشه الشعب الفلسطيني فأكثر من نصفه مشرد ويعيش في المنافي والغربة. والنصف المتبقي في فلسطين يخضع لثلاث سلطات. السلطة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية التي احتلت عام 1948. والقسم الثاني يعيش في ظل السلطة الوطنية الفلسطينة في الضفة الغربية. أما القسم الثالث فهو يخضع لسلطة حماس في قطاع غزة. إن التنافس بين السلطتين الفلسطينيتين في الضفة الغربية وقطاع غزة كان له أثر سلبي على دور الثقافة في فلسطين. هنا تتراجع الثقافة والكلمة المبدعة لتتقدم التبعية لهذا وذاك. ومن هنا يتحمل شعراء وأدباء المهجر دورا تاريخيا في حمل راية الأدب والشعر والإبداع والدعوة للوحدة في هذه المرحلة الصعبة.
هذا الخوف من المثقف يدفعنا للحديث عن الدور الذي يمكن ان يلعبه في المنطقة العربية كيف ترى تعامل المثقف العربي مع القضية الفلسطينية و كيف يمكنه ان يغير المشهد الثقافي العربي ؟
لقد كانت الكلمة الحرة على مدى التاريخ البشري أشد قوة من أي سلاح آخر. فلذلك تم اغتيال أدباء وشعراء ومبدعي فلسطين أمثال غسان كنفاني وكمال ناصر وراشد حسين وماجد أبو شرار وناجي العلي.
لعب المثقف العربي في الماضي وما زال يلعب دورا إيجابيا في دعم القضية الفلسطينية وكان صمام أمان في بلده لتظل القضية الفلسطينية حاضرة في ضمير الشعب. ساهم أن تظل فلسطين على أولويات جداول الأقطار العربية. ولعب دورا لا بأس به في تثبيت مفاهيم نضالية مما فك العزلة عن مثقفي فلسطين.
ما يمكن أن يفعله المثقف العربي هو أن يقوم بدوره الطبيعي في وطنه. هذا أولا، وأن يكون امتدادا طبيعيا وشريكا حقيقيا للمثقف الفلسطيني. إن الوطن العربي هو البعد والجسد الكبير لفلسطين وهنا تكمن إحدى مهمات المثقف العربي في فك العزلة والحصار وحماية هذا الجسد وتضميد جراحه.
إن ما يميز عصرنا هذا هو سرعة انتشار الخبر وتسليط الضوء على الأحداث مما يساعد اتخاذ موقف أثناء وقوع الحدث نفسه وهذا نوع جديد من التفاعل المتبادل. هذا دور آخر للمثقف الصادق مع نفسه وقيمه.
اي مناخات شعرية منحها الربيع العربي لخالد الشوملي؟
الشاعر لا يمكن أن يبقى بعيدا عن هذه الأحداث العاصفة. فمن يرى مئات الآلاف من الناس يتظاهرون يتحرك فيه كل شيء. كان قلبي ينبض بسرعة فائقة فجاءت قصائدي منسجمة مع الانتفاضات الشعبية في روحها وقيمها وحتى في وتيرتها الموسيقية. وعندما رأيت الشاب محمد بوعزيزي يحترق كتبت قصيدتي (ما قيمةُ الدّنيا) وهي قصيدة طويلة وهذه هي الأبيات الأخيرة منها:
يا نَجْمةً في العَيْنِ ساهِرَةً
صُبّي عَليَّ الصُّبْحَ وَاقْتَرِبي
يا تونسُ الْخَضْراءُ سَيّدَتي
يا قامَةَ الشّعَراءِ والأدَبِ
يا تونسُ الْعَذْْراءُ مَعْذِرَةً
سَئِمَتْ حُروفي السّجْنَ في الْكُتُبِ
ما قيمَةُ الدّنْيا بِلا وَطَنٍ
تشْدو الطّيورُ بِمَرْجِهِ الرّحِبِ؟
ولي قصيدة أخرى بعنوان « في مصر لي قلب « كتبتها أثناء الثورة المصرية المجيدة. هذه بعض أبياتها:
لَوْ كُنْتُ يَوْماً أشْتَهي وَطَناً
لاخْتارَني العُنْوانُ والْبَلَدُ
شقّوا الْفؤادَ لِيَقْرأوا كُتُبي
لكِنّهُمْ إلّاكَ لمْ يَجِدوا
في تونسَ الخضْراء لي قَمَرٌ
رِئَةٌ هُنا في الشّامِ لي وَيَدُ
في الْمَغْربِ العَرَبيِّ لي كَتِفٌ
صَدْري الْعِراقُ جَبينُ مَنْ صَمَدوا
في مِصْرَ لي قَلْبٌ يَضُخُّ دَماً
وَهُناكَ في لُبْنانَ لي كَبِدُ
يا أرْضُ إنَّ الرّيحَ ذاكِرَةٌ
والْقُدْسُ لا ينْسى اسْمَها أحَدُ
الْغَيْمُ يَبْكي الآنَ مُنْفعِلاً
فالْيَوْمَ عُرْسُ النّصْرِ يَنْعَقِدُ.
ولي قصيدة أخرى بعنوان « أقْحَمْتَ هاءَكَ بَيْنَ الْجيم ِ واللام ِ
« كتبتها أثناء انتفاضة الشعب الليبي أقول فيها:
بِأيّ حَقٍّ شُعوبُ الْأرْضِ مُثْقلَةٌ
الْقيْدُ في يَدِها تاريخُها دامِ ؟
وَالنّجْمُ يُقْطَفُ مِنْ صدْرِ السّما جَشَعاً
وَالْحُلْمُ يُخْطَفُ مِنْ أَحْداقِ أيْتامِ ؟
هَبّتْ على وَطَنِ الْأعْرابِ عاصِفَةٌ
ما عادَ يَحْبِسُها فِنْجانُ حُكّامِِ
طاحونَةُ الشّعْبِ دارتْ ليْسَ يوقِفُها
شَهْدُ الْكلام ِ وَلا تَكْشيرُ ضِرْغامِِ
وَالْفَجْرُ يُنْشِدُ في الْأوْطانِ أغْنِيَةً
ما أجْملَ الْعُمْرَ... ما أحْلاهُ مِنْ عامِِ!
أما الأوضاع المأساوية في سورية فدعتي لأن أكتب أكثر من قصيدة. هذه بعض الأبيات المنشورة في ديواني الجديد:
لا يُلامُ الْبَدْرُ إنْ حَلَّ الظّلامُ
إنّما الْفَجْرُ إذا خافَ يُلامُ
فَنُجومُ الْحُبِّ في السِّجْنِ تُعاني
وَهِلالُ الْحُلْمِ أرْداهُ الْحُسامُ
مَعَكُمْ نَبْكي أَحِبّائي فَإنّا
تَوْأما الرّوحِ فِلِسْطينُ وَ شامُ
لَوْ بَكى يا قَلْبُ في الشّامِ غَزالٌ
لَأصابَتْ كَبِدَ الْقُدْسِ السِّهامُ
ازمة النشر بفلسطين كيف تقيمها ؟
إن حركة النشر في فلسطين غير مرضية بسبب غياب الدعم الكافي من قبل السلطة المحلية سواء في الضفة الغربية أو قطاع غزة. بالإضافة لعدم وجود دعم عربي أو عالمي لتشجيع النشر في فلسطين. الوضع السياسي والاقتصادي الصعب للفلسطينيين يزيد من صعوبة نشر كتب أدبية وشعرية. هناك بيت الشعر الفلسطيني في رام الله وقد كان ينشر للشعراء الفلسطينيين والعرب. لكنه منذ سنتين توقف عن النشر بسبب نقص في ميزانيته. تعتبر دار الشروق في رام الله ولها فروع في عمان وبيروت من أهم دور النشر التي تنشر كتبا أدبية في فلسطين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.