التوطئة هي جملة الأحكام والمبادئ التي تعكس ثوابت مجتمع معين وتضبط الأهداف التي يطمح إلى تحقيقها الدستور، وبما أنّ الدستور هو ترجمة لخيارات سياسية واقتصادية واجتماعية فإنّ التوطئة جزء لا يتجزّأ من الدستور وأحد مكوّنات الكتلة الدستورية، ولها نفس القيمة القانونية التي لباقي الفصول يمكن اللجوء إليها لتأويل قواعد الدستور بشكل صحيح عند التطبيق واعتمادها عند إجراء رقابة دستورية للقوانين. تتضمّن التوطئة أسس ومنطلقات صياغة مشروع الدستور والقيم التي يسند إليها من جهة والّأهداف التي يطمح إلى تحقيقها وتكريسها من جهة أخرى. بالنسبة لمشروع الدستور الذي أعدّه الاتحاد العام التونسي للشغل ينطلق من مبادئ الثورة وأهدافها (القطع مع التهميش والإقصاء والحيف الاجتماعي وانعدام مقومات العيش الكريم والقطيعة مع الاستبداد والحيف الاجتماعي). كما يستند إلى التواصل مع المكاسب المتراكمة لهذا الشعب وهويّته أمّا بالنسبة للقيم المحدّدة لصياغة مشروع دستور الاتحاد فقد كانت المرجعية الكونية لحقوق الإنسان والقيم الإنسانية المشتركة (الكرامة الإنسانية + الحرية + الديمقراطية بجانبيها السياسي والاجتماعي). فيما يتعلّق بالأهداف يسعى مشروع الاتحاد إلى التأسيس لجمهورية ديمقراطية اجتماعية تقوم على المعادلة بين الديمقراطية والعدالة الاجتماعية. بالنسبة لمشروع المسودّة الذي أعدّه المجلس الوطني التأسيسي فيمكن إبداء نوعين من الملاحظات: - ملاحظات شكلية. - ملاحظات تتعلّق بالمضمون. بالنسبة للملاحظات الشكلية البنية الشكلية والبناء المنهجي للتوطئة غير سليم إذ عادة ما تبنى التوطئة على أسس + منطلقات وتعتمد على قيم لتعلن عن أهداف طبقا للصياغة التالية: وفاء ل: - اعتبارا ل - تمسّكا - إيمانا – سعيا ل - تجسيما ل - تكريسا. في توطئة المسودة هناك خلط بين الأسس والأهداف «مثال تأسيسا على» ثمّ «من أجل بناء» ثمّ «بناء على». الملاحظة الشكلية الثانية والتي لها تأثير على المحتوى هي طريقة الصياغة: حيث تمّ استعمال صياغات تفتقد إلى القانونية واستعمال الدقّة في مصطلحات لا حمولة قانونية لها مثل «الكسب الحضاري الإنساني العام» - «منزلة الإنسان كائن مكرّم» - «التدافع السياسي» - «تعامل مع البيئة بالرفق». وهي صياغات غير قانونية تقترب أكثر من إعلان النوايا، لا يمكن أن تشكّل أساسا قانونا يمكن اعتماده عند التأويل. بالنسبة للملاحظات المتعلقة بالمحتوى - غياب الإحالة إلى المرجعية الكونية لحقوق الإنسان والمعاهدات والمواثيق الدولية. - ضعف الإحالة على العدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروة - ضعف الإحالة على الكرامة في بعدها الاجتماعي والاقتصار على البعد الفردي لهذا الحق. الخلاصة ضعف التماهي مع مطالب الثورة واستحقاقاتها المتعلقة أساسا بالحرية والكرامة وطغيان نفس حزبي عليها من خلال الشحنة الإيديولوجية لبعض المصطلحات. التوصيات: 1 - إعادة صياغة التوطئة على مستوى الشكل وخاصة تضمينها مصطلحات قانونية دقيقة قابلة للتأويل ولها حمولة قانونية وليست أدبية أو إنشائية. 2 - تضمين التوطئة إحالة صريحة إلى المرجعية الكونية لحقوق الإنسان.