ولد الشهيد النقابي والوطني فرحات حشاد يوم 2 فيفري 1914 بقرية العباسية (جزيرة قرقنة) في عائلة صيادي سمك. في سنة 1920 دخل المدرسة الابتدائية بقرية الكلابين على بعد كيلومترين من مسقط رأسه وقبيل موعد امتحان الشهادة الابتدائية، ألمّ به مرض أقعده عن الدراسة. ولكن مدير المدرسة الذي كان معجبا بذكاء تلميذه فرحات حشاد، سهر على علاجه حتى شفي ونال الشهادة الابتدائية سنة 1928 ولكن فقر عائلته حال دونه والالتحاق بالمدرسة الثانوية فانقطع عن الدراسة ودخل سوق الشغل ليعمل في محل احد التجار بمدينة صفاقس ثم التحق بالشركة التونسية للسيارات بالساحل (ستاس) ليعمل موزع تذاكر في احدى محطاتها بجهة صفاقس وبعض خطوطها، ثم انتقل الى مدينة سوسة ليتولى خطة محتسب في قسم الحسابات بإدارتها. وفي سنة 1936 انخرط الشهيد في نقابة عملة النقل التابعة للجامعة العامة للعمل الفرنسية، وتحمل المسؤولية الاولى في الاتحاد المحلي بسوسة ثم انتخب عضوا بالهيئة المركزية لمنظمة الجامعة العامة للشغل وقاد اول اضراب ناجح لقطاع النقل بسوسة في أواخر سنة 1937، وهو ما دفع بادارة الشركة الى نقله الى صفاقس ثم فصلته عن العمل سنة 1938. وفي اواخر سنة 1940 نجح في مناظرة للوظيفة العمومية وانتدب مستكتبا بفرع ادارة الاشغال العمومية العامة بصفاقس. وفي شهر مارس 1944 اخذت تنضج لدى حشاد ومجموعة من رفاقه النقابيين التونسيين فكرة الانسلاخ من النقابات الفرنسية وكان ذلك بمناسبة انعقاد مؤتمر الجامعة الجهوية الفرنسية للعمل بتونس. وفي سنة 1944 انطلق حشاد في وضع فكرته تلك موضع التنفيذ ببعث «اتحاد النقابات المستقلة بالجنوب» الذي التف حوله العمال التونسيون بالجنوب التونسي وبعد نجاح هذه التجربة انتقل إلى تونس ليبعث فيها «اتحاد النقابات المستقلة للشمال» سنة 1945. وفي 20 جانفي 1946 عقد المؤتمر التأسيسي للاتحاد العام التونسي للشغل بقاعة الخلدونية بالعاصمة وانتخب الزعيم النقابي فرحات حشاد أمينا عاما له وقد تكون الاتحاد بعد انصهار اتحادي النقابات المستقلة في الشمال والجنوب والجامعة العامة للمتوظفين في منظمة واحدة وبعد سنة من هذا التاريخ غطت الاتحادات الجهوية والمحلية وفروع الجامعات العامة التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل معظم جهات البلاد وفاق عدد المنخرطين فيه التسعين ألفا. وقاد الزعيم فرحات حشاد نضالات الاتحاد العام التونسي للشغل على الجبهتين النقابية والوطنية حتى امتدت له يد الغدر الاستعمارية «اليد الحمراء» صبيحة يوم 5 ديسمبر 1952 فسقط شهيدا على مقربة من مدنية رادس بينما كان متوجها من منزله الى مقر الاتحاد العام التونسي للشغل.