تولت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بتاريخ 30 نوفمبر 2012 رفع قضيّة ضدّ فتحي العيوني على خلفية «الثلب واقترافه لجرائم نسبة أمور غير قانونية لشبه موظف عمومي متعلقة بوظيفته دون الإدلاء بما يثبت صحّة ذلك ونشر أخبار زائفة من شأنها تعكير صفو النظام العام والمشاركة في ذلك» حسب ما جاء بنص بلاغ صادر عن الهيئة. واعتمدت الهيئة في شكايتها أحكام الفصلين 32 و128 من المجلة الجزائية والفصل 54 من المرسوم عدد 115 لسنة 2011 المتعلّق بحريّة الصحافة والطباعة والنشر. ويأتي ذلك على خلفية تصريحات العيوني عند حضوره ضيفا ببرنامج «لباس»، وأكد حينها أن« الهيئة أنفقت 37 مليار من المليمات وأن كلفة الناخب بلغت أكثر من 4 آلاف دينار وأنّه تمت عملية استيلاء وتبديد لأموال عمومية وأن 37 مليار ذهبت ولديه تقرير في ذلك حسب تصريحاته». ولاحظت الهيئة بانشغال أنّ هذه التصريحات غذّت حملة ممنهجة في مختلف الوسائط والشبكات الاجتماعية لاستهداف الهيئة واتهامها باطلا بالاستيلاء على الأموال العمومية وسوء التصرّف والإضرار بسمعة الهيئة وأعضائها وموظفيها بهدف ضرب الثقة التي حظيت بها لدى المواطن. الهيئة تستغرب وقام العيوني بتاريخ يوم الإثنين 3 ديسمبر 2012، برفع شكاية في حق المكلف العام بنزاعات الدولة وتعهد بها وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بتونس باصدار قرار يتعلق بفتح بحث تحقيقي وأسند البحث لحاكم التحقيق بالمكتب السادس لدى المحكمة الابتدائية بتونس ضمن الملف عدد 6/25784. وتضمّن نص قرار وكيل الجمهورية ما يلي: «نأذن بفتح بحث تحقيقي ضد كل من سيكشف عنه البحث للوقوف على حقيقة التجاوزات المالية والإدارية المضمنة بالتقرير الأولي الصادر عن دائرة المحاسبات والمتعلق بالهيئة العليا المستقلة للإنتخابات طبق أحكام الفصل 31 من مجلة الإجراءات الجزائية». ولاحظت الهيئة في بيان صادر عنها أن النيابة العمومية اعتمدت الملاحظات الأولية لدائرة المحاسبات التي تم تسريبها واعتبرتها تقريرا أوليا في فتح البحث التحقيقي وبإقرارها ضمن نص الإحالة، وباعتمادها للفصل 31 من مجلة الإجراءات الجزائية، تقرّ ضمنيا، بأنه لا وجود لجرائم وإنما ستبحث عنها لعلها تجدها والحال أن دائرة المحاسبات لم تنه أعمالها بعد ولم تسلم التقرير الأولي بصفة رسمية، إلى الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، كما أن دائرة المحاسبات ومندوب الحكومة العام بها هما المخولان لرفع الأمر للنيابة العمومية بمحاكم الحق العام في حال اكتشاف جريمة. تسييس وتؤكد الهيئة العليا المستقلة للانتخابات على تمام استعدادها للتعامل مع كلّ الجهات القضائية في إطار القانون كما سبق وأن تعاملت مع دائرة المحاسبات بكل إيجابية. وقد سبق وأن أعربت الهيئة عن مخاوفها من التوظيف السياسي المحتمل بناء على وثيقة ملاحظات دائرة المحاسبات التي وقع السماح بتسريبها وهي اليوم تشهد إقحام الجهاز القضائي في عمل يستهدف الهيئة وأعضائها واستقلاليتها وتجربتها السابقة. و تذكّر الهيئة أنّها «أصبحت مهدّدة أكثر من أي وقت مضى بتولّي أطراف سياسية استعمال هذه الإجراءات المسترابة لشنّ حملة تشويه وتشهير بغية النيل من رصيد الثقة التي اكتسبته الهيئة لدى الرأي العام ومن خلالها التشكيك في مصداقية ونزاهة أعضائها ومسؤوليها ووطنيتهم ودورهم التاريخي في إنجاح تجربة انتخابات المجلس الوطني التأسيسي تمهيدا لإقصائهم من الخوض في تجربة انتخابية جديدة أو ربّما لإجهاض التجربة مستقبلاص. وأخذا بعين الاعتبار حساسية المرحلة واقتراب آجال الاستحقاقات الانتخابية القادمة، تعلم الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أنّها «لم تدخل يوما في التجاذبات السياسية المطروحة ولن تساهم في تغذيتها كما لن تقبل بإقحامها فيها وستبقى دائما على نفس المسافة من جميع الأطراف السياسية تأكيدا لاستقلاليتها وحياديتها وهي تدعو جميع الأطراف إلى النأي بها عن كلّ ما من شأنه ضرب ثقة المواطن في الهيئة والمساس من استقلاليتها».