بالتنسيق بين قسم التكوين النقابي والتثقيف العمالي والاتحاد الجهوي للشغل ببنزرت التأمت أيام 26-27-28 نوفمبر 2012 ندوة التكوين الأساسي لإطارات جهة بنزرت. وكان افتتح أشغالها عن المكتب التنفيذي للاتحاد الجهوي للشغل ببنزرت الأخوان حسن شلبي مسؤول التكوين النقابي والبشير السحباني الكاتب العام، وعن قسم التكوين المركزي الأخ محمد المسلمي الأمين العام المساعد الذين أبرزوا دور التكوين في تقوية المنظمة ودعم عطاء نقاباتها بالتخطيط والمعرفة والقدرة على إعداد الملفات إلى جانب النضال والالتزام. وتمحور برنامج الندوة والمتمثلة حول تاريخ الحركة النقابية – تقنيات التواصل - المفاوضة الجماعية - خدمات الضمان الاجتماعي - هيكلة الاتحاد العام التونسي للشغل، وهي أهداف لا مناص من الإلمام بمضامينها النظرية بغاية دعم الممارسة العملية، كما كانت الندوة أيضا مناسبة لمواكبة الراهن على المستوى الوطني من حيث إطلاع المشاركين على مسودّة الدستور في علاقة بمشروع دستور الاتحاد من جانب، واستعدادات الاتحاد للمساهمة النشيطة في فعاليات المنتدى الاجتماعي العالمي الذي ستحتضنه البلاد خلال شهر مارس القادم. تمحور النشاط الأول في فعاليات الندوة حول قراءة للحركة النقابية انطلاقا مما قدمته من مبادئ وقيم تتجاوز هيكلة التنظيم النقابي لتصبح مرجعية فكرية وطنية وعالمية، فكانت مرحلة التأسيس في بداية العشرينات على يد محمد علي الحامي ورفاقه ضدّ الاستغلال الاستعماري . أما المرحلة الثانية مع حشاد ورفاقه فقد تأسست على الفصل مع كل أشكال الاستعمار بما في ذلك النقابات، فكان الاتحاد الذي أسسوه منتميا إلى فكر نقابي وطني، وبذلك كانت الوطنية أهم القيم التي جاء بها حشاد، وأصبحت هذه القيمة قادحا للمقاومة المسلحة، وتجاوز وقعها حدود البلاد التونسية إلى شعوب المغرب العربي وباقي الشعوب الإفريقية، ومن منطلق وطني أيضا ساهم الاتحاد في بناء الدولة التونسية الحديثة بمشروع برنامج اقتصادي واجتماعي وتحمّل مسؤولية الوزارات ذات البعد الاجتماعي والكفيلة بإرساء الخدمات الأساسية كالتعليم والصحة والتجهيز والبريد وإرساء الاقتصاد الاجتماعي بحركة تعاون تابعة للاتحاد العام التونسي للشغل ضمت 28 ألف عامل، فضلا عن بناء فندق أميلكار وتأسيس بنك الشعب. ومن موقعه كمنظمة شعبية ذات بعد اجتماعي يحرص اليوم على كتابة دستور يرمي إلى العدالة والحرية والديمقراطية وإحقاق الحقوق، كما يحرص من خلال مبادرته الأخيرة إلى إحلال وفاق وطني يؤسس لانتقال ديمقراطي متمسكا – من خلالها- بأن مصلحة تونس فوق مصلحة الأحزاب. أما الوحدة التكوينية الثانية والمتعلقة «بهيكلة الاتحاد العام التونسي للشغل» فقد نشطها الأخ محمد المسلمي انطلاقا من الانتماء الجهوي والقطاعي للمنتسبين منتهيا إلى الهياكل المسيرة الجهوية وسلطات القرار صلبها ساحبا نفس الإجراء على الهياكل المسيرة القطاعية والهياكل المسيرة الوطنية متوقفا عند تركيبة المؤتمر ومهامه من حيث هو أعلى سلطة وعند وظائفه المتمثلة في ضبط التوجهات النقابية للمرحلة القادمة وانتخاب لجنتي النظام الداخلي والمراقبة المالية وكذلك عند تركيبة المجلس الوطني ومهامه المتمثلة في متابعة تنفيذ مقررات المؤتمرات واتخاذ قرارات في المسائل المستجدّة وكذا الشأن بالنسبة للمجلس الجهوي والقطاعي متخلّصا إلى الهيئة الإدارية وتركيبتها ومهامها المتمثلة أساسا في العمل على تنفيذ قرارات المؤتمر الوطني والمجلس الوطني واتخاذ القرارات الاستعجالية في نطاق الاختيارات العامة. هذا وقد تولى المتدخل القيام بقراءة نقدية للهيكلة الحالية مؤمّلا مراجعة تركيبة المؤتمر الوطني في اتجاه تفعيل الإطارات المتوسطة صلبه طلبا للنجاعة التي تقتضي إسهام ذوي الخبرة في ضبط التوجهات النقابية للمرحلة القادمة وانتخاب أعضاء المكتب التنفيذي، مقترحا في هذا الصدد ضرورة توفّر أقدمية معينة للنائب النقابي في المؤتمر إحكاما للتناسب بين قاعدية القرار ونجاعته. أما المداخلة الثالثة في فعاليات اليوم الأول فكانت للأستاذة إقبال بن موسى حول قراءة في مسودة الدستور في ضوء المشروع المقترح من الاتحاد العام التونسي للشغل، حيث توقفت هذه القراءة عند ملاحظات تتعلّق بالشكل وأسلوب الصياغة حيث تجاوز في المسودة عدد الفصول ال 170 فصلا في حين كان عدد فصول مشروع الاتحاد 124 فصلا، وهي مسودّة طغى عليها الإسهاب والتفصيل وإقحام مسائل موقعها النظام الداخلي للمجلس فضلا عن اتّسام الصياغة بالأسلوب الإنشائي وليس لها أي حمولة قانونية أو التزام قانوني واضح، كما غاب فيها الترتيب المنطقي للفصول والأحكام وهي جوانب تلافاها مشروع الاتحاد. أما الجوانب المتعلقة بالمضمون صلب التوطئة فتتلخص في: 1)هيمنة الإشارات المتعلقة بالهوية. 2)تجاهلها لمرحلة دولة الاستقلال وما حققته من مكتسبات. 3) غياب الإشارة المباشرة للحقوق الاقتصادية والاجتماعية في التوطئة والانحياز بدلا عن ذلك إلى قيمة «التكافل الاجتماعي» في حين أن توطئة دستور الاتحاد اعتبرت العدالة الاجتماعية من القيم الجوهرية التي تكون المشروع. كما أن التنصيص على « أن احترام المعاهدات الدولية واجب فيما لا يتعارض مع أحكام الدستور» أمر من المفروض أن يوكل إلى المحاكم الدستورية، بحيث تجعل هذه الصيغة الرقابية التي تمارسها المحكمة الدستورية على المعاهدات الدولية سابقة للتصديق لا لاحقة. أما الحقوق والحريات فقد وردت في بابها مقيدة بمفاهيم فضفاضة تحتمل تأويلات عدة الأمر الذي من شأنه أن يمثل تهديدا لهذه الحقوق ومن ذلك الفصل 2-15 الذي قيد حق الإضراب «بما لم يعرّض حياة الناس وصحتهم أو أمنهم للخطر»، وذلك خلافا للفصل 27 من مشروع دستور الاتحاد الذي تعرض إلى حق الإضراب دون تقييد. وفي الوقت الذي تم فيه التنصيص في مشروع دستور الاتحاد على « أن العمل اللائق هو حق أساسي لكل مواطن» استنادا لمفهومه وأسسه كما بلورته منظمة العمل الدولية فإن المسودّة اكتفت بالتنصيص على « أن العمل حق لكل مواطن، وتبذل الدولة كل المجهودات لضمانه في ظروف لائقة وعادلة». ومع ذلك فقد سجّلت صاحبة المداخلة التوافق بين المسودّة ومشروع الاتحاد: 1)في مجال التصورات الخاصة بالنظام السياسي بصفة يكون معها رئيس الجمهورية منتخبا انتخابا عاما حرا مباشرا راجية أن يتواصل هذا التوافق في مجال توزيع السلطات ذات الصبغة التنفيذية بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة على أساس التوازن بينهما. 2)في خصوص وسائل تأثير السلطة التشريعية على الحكومة. ج- في مجال تكريس الهيئات الدستورية المستقلة للانتخابات والإعلام والحوكمة الرشيدة. د- في مجال الرقابة الوقائية لدستورية القوانين والرقابة اللاحقة. هذا وقد ثمّنت المتدخلة تضمّن الفقرة الثالثة من التوطئة للمبادئ الهامة التي يطمح الدستور إلى تحقيقها، راجية أن تتوفق الصياغة النهائية إلى إدخال عديد التحويرات الجوهرية والشكلية استجابة منها لمشروع دستور يكون أقرب ما يمكن لتطلعات الشغالين وعموم الشعب. هذا وقد شهد اليوم الثاني للندوة انعقاد ورشتين بتنشيط الأخوين حسن الودرني ويوسف البراح حول: 1) المفاوضة الجماعية في تونس من حيث مصادرها التشريعية وطنيا ودوليا ومضامينها ومستوياتها ومبادئها الأساسية وخصائص الفريق المفاوض وتقنياتها ومصادر القوة التفاوضية. 2) تقنيات الاتصال من حيث مفهومه وعناصره وأنواعه ومميزات الاتصال الناجع والاستعدادات النفسية والمادية لإنجازه والقواعد المتعلقة به خاصة في مجال التعبئة وآليات تخطي العقبات المحتملة. أما اليوم الثالث فقد شهد عرضا حول خدمات الضمان الاجتماعي بتنشيط الأخ ابراهيم الزغلامي من حيث مفهوم التغطية الاجتماعية وهيكلتها وقيامها على مبدإ التوزيعية تضامنا بين أفراد وأجيال المجتمع الواحد، وتمويلها والخدمات المسداة في إطار المنافع العائلية وجرايات التقاعد بالعجز وجرايات الباقين على قيد الحياة أو في نطاق العمل الاجتماعي لأبناء المضمونين الاجتماعيين وغيرهم. هذا وبحكم احتضان بلادنا للمنتدى الاجتماعي العالمي خلال شهر مارس 2013 – إكراما لثورتها ورغبة من القائمين عليه في القارات الخمس إعطائه دفعا جديدا بعقده في تونس- حضر إلى الندوة السادة: توفيق بن عبد الله، ممثل افريقيا في المنتدى الاجتماعي العالمي ومسعود الرمضاني وعبد الرحمان الهذيلي والأخت سعيدة قراش ممثلي منظمات المجتمع المدني في لجنة الإعداد . إعداد الأستاذ الهادي الأخزوري.