من حق أهلنا في سيدي بوزيد وفي غيرها من جهات البلاد لما يشعروا بالظلم والحيف واستمرار سياسات الاقصاء والتهميش والتفقير وتواصل توزيع الوعود الكاذبة والبرامج الفارغة ان يرفعوا «الفيتو» في وجه الحكومة وان تعلو أصواتهم مطالبة بالتشغيل والتنمية العادلة. لكن ما ليس من حقهم ان ترقى درجة الاحتجاج لديهم الى مراتب العنف ورشق ضيوفهم سواء من الدولة او غيرها بالحجارة فهذا ما لا يقبله مجتمعنا وما لا يجتمع حوله عاقلان. أقول هذا لا دفاعا عمن تم رشقهم بالحجارة وانما دفاعا عن أهلنا في سيدي بوزيد الذين اشعلوا فتيل ثورة الحرية والكرامة وسقوا أهدافها بدماء ابنائهم الابرار وشهد لهم القاصي والداني بالشهامة والرجولة ونقلت عنهم كل وسائل الاعلام الوطنية والعالمية صورا وعناوين ستظل على مرّ التاريخ محلّ بحوث ودراسات وقراءات. أنا أدرك ان سيدي بوزيد مازالت تعيش ظلم وظلام ما قبل 17 ديسمبر 2010 وانها لم تجن من ثورة الحرية والكرامة غير المزيد من الارتهان الى واقع مرير وسيظل أمرّ وأبشع ما لم تعجل الحكومة بالحلول المناسبة... أدرك ذلك وكم تمنيت لو قاطع أهالي سيدي بوزيد الاحتفالات يوم 17 ديسمبر وان أدى الامر الى ملازمة البيوت وإخلاء الشوارع حتى يفهموا الحكومة... الحكومة الاولى في تاريخ تونس المعاصر التي تتعرض للرشق بالحجارة في موكب رسمي. إن سيدي بوزيد في حاجة الى التنمية لا الى خطابات وان سيدي بوزيد في حاجة الى تضامن رأس المال قبل الساسة وان سيدي بوزيد في حاجة الى هيكلة بالمال لا بالأوراق... كنت أتمنى لو فعل أهلنا في سيدي بوزيد هذه المقاطعة بهذه الطريقة كما فعلها قبلهم أهالي سليانة في مسيرة الرحيل الرمزية وتركوا المدينة خاوية للأمن والوالي لأمكن تجنيب اعداد كبيرة من ابناء الجهة المساءلة والاتهام ولأمكن ابعاد الكثير من الشبهات والتهم عن ضيوفهم من الاحزاب والمنظمات والمجتمع المدني الذين وجهت لهم جهرا اتهامات بالضلوع في التحريض على الرشق بالحجارة وبالتالي يكون أهالي بوزيد قد أسقطوا في ايادي من سارعوا باتهام احزاب بعينها لأن هذه الاحزاب تدرك جيدا ان الحكومة جاءت الى سيدي بوزيد بيد فارغة والأخرى لا شيء فيها وأن هذه الاحزاب تقف جيدا عند اخفاقات الحكومة وعدم جدوى برامجها ومشاريعها. فهل تفهم الحكومة ان رسالة الحجر في سيدي بوزيد محلية وغير مستوردة وهل تفهم الحكومة انه بدل البحث عن كيل التهم الى هذا الطرف أو ذاك ان عليها مراجعة أولوياتها في التنمية وفي بدائلها الاقتصادية والاجتماعية بما يحقق أهداف ثورة الحرية والكرامة ويجنب البلاد الفوضى والمنزلقات وحتى الرشق بالحجارة.