بتأطير محكم من الاتحاد المحلي للشغل، شارك، تقريبا، ما عدا من استثى نفسه، جميع اهالي مدينة الرديف في الاضراب العام يوم 3 جانفي الجاري للمطالبة بإدراج ملف جرحى الحوض المنجمي لسنة 2008 ضمن قانون جرحى وشهداء الثورة الذي تمت المصادقة عليه في موفى السنة الماضية والذي اقتصر على شهداء وجرحى الفترة الممتدة من 17 ديسمبر 2010 الى 14 جانفي 2011. الاضراب العام الذي لاقى نجاحا منقطع النظير وأعاد تقريبا الى الاذهان مشاهد انتفاضة الحوض المنجمي في 2008 ، انطلق منذ ساعات الصباح الاولى، وشهدت خلاله المدينة شللا تاما، حيث أغلقت المحلات التجارية وتوقف نشاط أغلب القطاعات ما عدا الحيوية منها كالاستعجالي والتوليد مع توفير الحد الادنى من خدمات بعض المرافق العمومية في قطاعات الماء والكهرباء وذلك حسب تراتيب الاضراب التي أوصى بها الطرف النقابي وايضا المكتب المحلي لاتحاد الصناعة والتجارة. والملاحظ في الأمر ان بعض الاحياء في الجهة والتي كان منتظرا منها عدم المشاركة في الاضراب التزمت وشاركت بدورها باغلاق محلاتها التجارية. الالاف من الاهالي من شباب الجهة ونسائها واطفالها وشيوخها ومكونات المجتمع المدني والاحزاب الديمقراطية والمعطلين عن العمل الى جانب المئات من متساكني المناطق المجاورة من المتلوي و المضيلة و قفصةالمدينة و القصر و القطار و أم العرائس ومنزل بوزيان وصفاقس ومن جهات اخرى، تجمعوا امام مقر الاتحاد المحلي للشغل رافعين شعارات الاحتجاج على من يريد اقصاء شهداء انتفاضة الحوض المنجمي وجرحاها و شعارات التاكيد على الوفاء لدماء الشهداء. الأهالي انطلقوا بعدها في مسيرة حاشدة من ساحة الشهداء جابت أنحاء المدينة رفعت خلالها اللافتات وشعارات الاحتجاج على مواقف النهضة الاقصائية المتنكرة لما قدّمه اهالي الحوض المنجمي من تضحيات في سبيل التنمية الجهوية والعدالة الاجتماعية والكرامة والتشغيل. ثم انتهت المسيرة بتجمع امام مقر الاتحاد كانت للنقابيين في الجهة وممثلي الوفود الزائرة ومكونات المجتمع المدني مداخلات حماسية ذكروا فيها بملحمة الحوض المنجمي في 2008 ولحظات الصمود التي عاشوها امام غطرسة بن علي وآلته القمعية مشددين على تمسك اهالي الجهة بحقوق شهداء انتفاضة الحوض المنجمي وجرحاها واستعدادهم لمزيد تصعيد اشكال نضالهم ضد من يريد عدم الاعتراف بشهداء الحوض المنجمي وجرحاه.. محاولات يائسة قبل تنفيذ الاضراب بأيام قليلة حاول البعض من انصار الحكومة المؤقتة وحركة النهضة افشال التحرك عبر الاتصال بأصحاب المحلات التجارية بطرق سرية لثنيهم عن المشاركة في الاضراب، وهو ما أفادنا به الأخ عدنان الحاجي عضو الاتحاد المحلي للشغل وأضاف ان يمينة الزغلامي عضوة المجلس التأسيسي حاولت بدورها الالتفاف على الموضوع وقامت بالاتصال بعائلات الشهداء والجرحى وحاولت اقناعهم بمقابلة حمادي الجبالي رئيس الحكومة المؤقتة وعدم المشاركة في الاضراب. الاضراب نجح قبل تنفيذه وحسب الأخ عدنان الحاجي فقد كانت التحضيرات لانجاح الاضراب كثيفة جدا بالاتصال المباشر وغير المباشر بالمواطنين وبتعليق اللافتات والبيانات ولائحة الاضراب العام كما ان التنسيق بين الاتحاد المحلي والاتحاد الجهوي للشغل بقفصة كان دائما. الأخ عبد الحفيظ الاخشم عن نقابة المناجم بالجهة من جهته صرّح لنا الاضراب نجح قبل تنفيذه وذلك بارز في الارادة الكبيرة من الاهالي ومن نخبتهم بالمحور النضالي الذي طرحوه وبمدى صدقيته واضاف انه ستكون خطوات نضالية قادمة سيتم تحديدها ودراستها بعد تقييم الاضراب . من ناحيته قال الأخ حسين المبروكي ممثل نقابة التعليم الثانوي، ان قطاع الثانوي وكعادته مساهم بشكل نشيط وفعال لانجاح الاضراب وكل الحركات الاحتجاجية مشيرا الى من حاول افشال التحرك قد قام بذلك بشكل سري بما انه لا يجرؤ ان يأخذ مواقف مناهضة للموقف الاغلبي وايضا نظرا للثقل النضالي والسياسي لمدينة الرديف. وعن تحضيرات قطاع الصحة، أفادنا الخ الهادي صدوق عن النقابة الاساسية لقطاع الصحة، ان الاعوان والاطار الطبي وشبه الطبي بالجهة مجندين لانجاح التحرك كما انهم على اتم الاستعداد بنفس القدر للقيام بواجبهم الانساني الذي تفرضه المهنة في مثل هذه المناسبات الا وهي تامين الخدمات الصحية الاستعجالية للمواطن. اضراب ناجح مثلما كان منتظرا، عكس مدى وفاء جميع اهالي الحوض المنجمي لانتفاضتهم في 2008 ولشهدائها وجرحاها وسجنائها كما عكس مدى تلاحم النخبة السياسية التقدمية والديمقراطية بمشاغل وهموم أبناء الجهة واستعدادهم الكبير للنضال من أجل نفس مطالب 2008 في الشغل والتنمية العادلة والمساواة والحقوق البيئية. ومن المنتظر أيضا، وامام تجاهل السلطة التشريعية والتنفيذية لحقوق شهداء انتفاضة الحوض المنجمي وجرحاها ان يصعّد الاهالي من احتجاجهم في الايام القادمة وقد تصل حد تنظيم مسيرات ووقفات احتجاجية في تونس العاصمة...