قال الله تعالى في سورة آل عمران الآية 169 (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربك يرزقون). ان الشهداء أكرم خلق الناس جميعا. ان الشهداء أكرم منا جميعا. بعد عقود خلت وبعد انتفاضة شعبنا المجيدة يعاد رفاة الشهيد الحي المرحوم المغفور له الشيخ عبد العزيز العكرمي بعد جهد الخيرين من الوطنيين الشرفاء الأوفياء لدماء الشهداء الذين سقوا بدمائهم الزكية أرض تونس العربية لينيروا لشعبنا طريق الخلاص من المستعمر الفرنسي الغاشم ويعلموه أن درب الحرية والتحرر هو واحد لا بديل عنه فإما مقاومة الاحتلال وظلمه وجبروته وأدواته في الداخل والخارج وإما العيش تحت وطأته وشروطه المذلة في عبودية ومَذَلَة، كما قال الزعيم الخالد جمال عبد الناصر :»ان الشعوب التي تساوم المستعمر على حريتها توقع في ذات الوقت صك عبوديتها». هذا الشهيد الذي سطر أحرف الحرية بدمائه الزكية وروحه الطاهرة ليعلمنا أن الحرية بالنسبة للمناضلين الصادقين الملتزمين بقضايا شعبهم وأمتهم تفتك ولا توهب لم يحظ من لدن حكامنا الجدد بالمكانة التي يستحقها في الجنازة التي أقيمت له يوم الأحد 6 جانفي 2013 بمدينة قصر- قفصة، اذ لم يعطوه المكانة التي يستحقها لما قدمه من تضحية بروحه ودمه في سبيل الوطن كرجل تاريخي قدم نفسه قربانا لهذا الوطن المفدى في صراعه المرير ضد بورقيبة كممثل لمصالح الاستعمار الفرنسي في القطر والبورقيبية كمنهج فرنكفوني على قاعدة الاستقلال الحقيقي لتونس واستكمال سيادتها المنقوصة، خاصة وأن شهيدنا هذا الشيخ عبد العزيز العكرمي يعتبر من ألد خصوم بورقيبة السياسيين وهو العقل المدبر لمحاولة الانقلاب في 62. شهيدنا هذا المرحوم الشيخ عبد العزيز العكرمي كان ينتصر للهوية العربية الاسلامية فكما هو معلوم كان شهيدنا أستاذا في اللغة العربية بجامع الزيتونة المعمور اذ شارك في تأطير الطلبة الزيتونيين وفي تنظيم صوت الطالب الزيتوني الذي كان له دور كبير في مناهضة الاستعمار الفرنسي، وبعد ما تولى بورقيبة السلطة في تونس بعد 1956 وبعد ملاحقته واغتياله للزعيم الشهيد صالح بن يوسف وتنكيله باليوسفيين وبعد ما أقدم على خطوة غير مسبوقة تمثلت في غلق الجامعة الزيتونية تعمقت الخلافات بينه وبين اليوسفيين ما زاد في نمو الشعور بالكراهية والحقد ضده. وكان غلق الجامعة الزيتونية نوع آخر من «الاعتداء السافر على الهوية العربية الاسلامية وغلقه بتعلة توحيد النظام التعليمي» حيث «لم تجرأ فرنسا قبل بورقيبة على غلق الجامع رغم بروز حركة طلابية قوية بداخله أطلق عليها «صوت الطالب الزيتوني» كانت تناوئ المشروع الفرنسي للحل الذي يمثله بورقيبة ومن لف لفه كان من أبرز مؤسسيها الشيخ عبد العزيز العكرمي القائد الفعلي للانقلاب» . شهيدنا هذا المغفور له الشيخ عبد العزيز العكرمي لم يتردد لحظة في الدعوة للجهاد في فلسطين في حرب 1948 حتى يشارك التونسيون أشقاءهم الفلسطينيين في القتال ضد العدو الصهيوني دفاعا عن الأرض والعرض والشرف ايمانا منه بعروبة فلسطين القضية المركزية للأمة العربية. وكان على رأسهم لزهر الشرايطي الذي نال وسام الشرف من الجيش السوري بعد مشاركته في الحرب ضد «اسرائيل» متطوعا للدفاع عن حرمة الأرض العربية وذلك بين 1947و 1949 وقد أبلى لزهر الشرايطي البلاء الحسن وقاتل بشراسة كرجل عقائدي يؤمن بالجهاد في سبيل تحرير فلسطين من النهر الى البحر. شهيدنا الشيخ عبد العزيز العكرمي لم يولوه حكامنا الجدد المكانة التي هو جدير بها لتكون حافزا لصغيرنا وكبيرنا اسلاميينا وعلمانيينا قوميينا شيوعيينا واشتراكيينا وليبراليينا سلفيينا وحداثيينا على تجاوز كل خلافاتنا وجراحاتنا مهما كانت مادامت تصب في مصلحة الوطن ومن استشهد في سبيل الوطن. ما هكذا يكرم الشهيد يا حكامنا الجدد الميامين في زمن الشهداء الذين لولاهم لما كنتم في سدة الحكم، ومن يكرم الشهيد يتبع خطاه.