لم يمت شكري بلعيد رغم أنه فارقنا، صباح الأربعاء 6 فيفري 2013 الأسود، لم يمت بلعيد وانما هو بيننا يواصل مسيرة كفاح لم تتوقف، فقد رسم المناضل الوطني الديمقراطي ..ابن تونس الحر بدماءه الزكية ملحمة أخرى من ملاحم نضالات الشعب التونسي في طريق التحرر والانعتاق... في طريق الأنوار وفي نهج التخلص من براثن الظلمنة والقهر والاستعباد...دون بدماءه نقشا على صدور الظلاميين والحاقدين وأعداء هذا الوطن ...وضخ بدماءه –وهو من حراس الأرض هنا- شرايين هذه الأرض العطشى للعزة والكرامة والفخورة بنساءها ورجالها البررة. شكري بلعيد طاله رصاص الغدر، واقفا شجاعا...كما كان فخرا للعائلة الديمقراطية والتقدمية الوطنية، وحركة التحرر الانساني ضد التمييز والاستعباد... فلم يخشى الشهيد يوما موقفه ورأيه ودافع عنها بشراسة ورجولة... ودفع عمره من أجلها... ليخلد نبراسا لرفاقه وزملاء النضال.. ويدون التاريخ اسمه شهيد تونس الحبيبة... في باب سبقه فيه علي بن غذاهم وفرحات حشاد ..وغيرهم من أحرار هذا الوطن... بلعيد أصيل بوسالم من جندوبة، أغتيل في سن الخمسين لأنه تمسك بقضايا شعبه، وتصدر الصفوف الأمامية للتصدي لدعوات العنف والكراهية ومن يقف وراءها من قوى ظلامية كريهة ..و امن بحق هذا الشعب في التقدم والتخلص من براثن الفقر والجهل والشعوذة.... بلعيد المعارض الشرس لنظام بن علي، لم يغيّر موقعه بعد انتفاضة الشعب التونسي، بل ظلّ معارضا لحكومات «الالتفاف» المتعاقبة كما كان يحلو له توصيفها، وتواصلت معارضته ألقا ونقدا و علوّا في ظل سلطة حركة النهضة، أو «حكومة الالتفاف على الثورة» كما كان يلقبها بلعيد في كل المناسبات ..متسلحا بالحجة والمنطق ولم يتردد أبدا في الجهر بقناعته ب»أن الإخوان بخياراتهم،يقودون البلاد إلى الهاوية اقتصاديا وإجتماعيا، يقسمون البلاد إلى مسلمين وكفّار». انطلقت مسيرة النضال السياسي لبلعيد شابا يافعا، في الحركة التلميذية منحازا لقضايا المفقرين والمهمشين والمعدمين ...ونصيرا لقضايا الشعوب العادلة ..درس بمعهد الوردية أين برزت شعلته وقاد مسيرات انطلقت من المعهد.. نصرة للعمال والفلاحين الضعفاء ... ناضل بلعيد في صفوف الحركة الطلابية ضمن مجموعة الوطنيين الديمقراطيين بالجامعة، وكان من أبرز القيادات الطلابية في المؤتمر ال18 الخارق للعادة للاتحاد العام لطلبة تونس.. ومذ التحاقه بصف المحاماة، واصل بلعيد انحيازه للمظلومين والمهمشين وللقضايا العادلة، فكان مواكبا حاضرا لمختلف المحطات النضالية في البلاد ضد الاستبداد والدكتاتورية ودافع بشراسة على ضحايا أحداث الحوض المنجمي ...أين انطلق فتيل الانتفاضة الوطنية ضد فاشية نظام بن علي... ولم يفت شكري بلعيد، أن ساهم وثلة من رفاقه في تجميع صفوف الخط الوطني الديمقراطي، بتأسيس حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد، والاضطلاع بمسؤولية المنسق العام للحزب .. الذي كان ثمرة عقود من نضال هذه العائلة السياسية العريقة التي أنجبت مئات المناضلين.. بلعيد كان أيضا من الشخصيات رقم واحد، بالجبهة الشعبية التي تضم أكثر من 12 حزبا اضافة الى الشخصيات اليسارية المستقلة... وأمينها العام ..في حلقة النضال من أجل توحيد صف اليسار المنحاز لقضايا الشعب... وحتى وهو جثة هامدة، شيع الرجل الى المستشفى بالغاز وبالضرب والاحتجاج... شيع بالزغاريت والبكاء والنشيد الوطني، شيع بالأهازيج والصراخ...شيعته الأمطار، وعصافير شارع الحبيب بورقيبة والعاصمة ......... وغضبب الجهات ومسيراتها المدوية التي طالما راهن عليها بلعيد.. الذين اغتالوا شكري بلعيد استهدفوا التمدن والتحضر ومناخ الاختلاف في تونس ...استهدفوا حلم الأنوار والانعتاق ....بغاية استبداله بالتوحّش والتعصّب والعنجهية والفوضى.... وأعلنوا بدء زمن قتل الفكرة واغتيال العقل... بل أرادوا اغتيال مسار تحول ديمقراطي برمته بالبلاد. فأرقد يا شكري بلعيد بسلام: فقد قدمت لنا ما يكفي، بل قدمت دماءك وحياتك قربانا .... لتجدد أمل هذا الشعب في الانعتاق والتحرر ......والذهاب خطوات في نهج الأنوار ..........أرقد يا شكري والخزي والعار لأنصار الظلام الظلاميين ... الحاقدين الجبناء الخونة.