سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مأسسة العقد الاجتماعي عدم مركزة التفاوض الاجتماعي
وتحديد مدته بعامين
تحديد المدّة النيابية للقيادة النقابية بأربع سنوات!
الندوة الإقليمية التقييمية الأولى للمفاوضات الاجتماعية
على مدار يومي 2 و3 مارس دارت فعاليات الندوة الاقليمية الاعلامية التقييمية للمفاوضات الاجتماعية لسنة 2012 في القطاع العام بمدينة الجلاء تحت شعار «المستقبل والآفاق» والتي حضرها الاخوان كمال سعد الأمين العام المساعد المسؤول عن الدواوين والمنشآت العمومية ومؤسسات الاتحاد ونورالدين الطبوبي الامين العام المساعد المسؤول على النظام الداخلي وبمشاركة ممثلين من ولايات تونس، اريانة، منوبة، الكاف، سليانة، باحة، جندوبةوبنزرت من كتاب عامين وكتاب عامين مساعدين للاتحاد الجهوية وكتاب عامين واعضاء مكاتب تنفيذية لقطاعات حيوية وقد اختتم هذه الفعاليات الأخ حسين العباسي الامين العام للاتحاد العام التونسي للشغل. ولئن كان المحور الغالب لهذه الندوة الاقليمية التي نظمها قسم الدواوين والمنشآت العمومية ومؤسسات الاتحاد ما تعلق بالمفاوضات الاجتماعية من حيث الطرق والنتائج، إلاّ ان محاور على غاية من الخطورة من حيث الاهمية قد استأثرت باهتمام الحاضرين والمتلقين على حدّ السواء وتعلقت اساسا بالهيكلة في «دنياميكية المنظمة: المقتضيات والاهداف» والعقد الاجتماعي والمفاوضات الجماعية والنظام الاساسي العام للدواوين والمنشآت العمومية والتي تفاعل معها الحاضرون من الخط الثاني في قيادة المنظمة الشغيلة بشكل لافت، وقد زاد في ثراء مضامينه ذلك الانكباب المسؤول والانضباط العالي على المادة المقدّمة. كلمة الافتتاح جاءت بمثابة الرافعة النقابية والحاضنة الفكرية لمضامين المداخلات المقدّمة والانشغالات الجماعية والنقابية المشتركة حيث ابرز الاخ بشير السحباني ابعاد انعقاد هذه الندوة في مدينة بنزرت ودلالاتها النقابية الصرف وابعادها الفكرية العامة، حيث تنهض بنزرت منشغلة وشغوفة بتموقعها في المنظومة النقابية على الصعيد الهيكلي أو على الصعيد المضموني للرّاهن النقابي معتبرا تقويم المفاوضات الاجتماعية يرتبط أشدّ الارتباط بواقعات الواقع الاستثنائي والذي تعزّز بالتوقيع على العقد الاجتماعي الذي يسعى إلى تجاوز وضعه الانتقالي من مشروع إلى الافق الاستراتيجي المتأسس على بنية قانونية وجهاز اجتماعي يضيف للطبقة الشغيلة بمثل ما يضيف لسياسة التنمية العادلة، مؤكدًا في سياق آخر على ان اعادة هيكلة المنظمة الشغيلة لا يرتبط فحسب بالابعاد التشريعية التي قد تتولى مراجعة الفصول، بل تذهب ايضا ابعد من ذلك نحو اعادة بناء منظمة تعزّز مكامن قوتها في مجريات الفعل الاجتماعي والمنجز التاريخي. مهندس الندوة مهندس هذه الندوة الأخ كمال سعد، قدّم مقاربة تعادلية بين تاريخية النضال الوطني لمدينة بنزرت ومشروعيتها التاريخية في بناء المنظمة الشغيلة عامة وفي النضال الاجتماعي خاصة، وكأن المدينة تختزل في نظره البعدين النضاليين للاتحاد العام التونسي للشغل الوطني الاجتماعي. ثم قدّم تشخيصا دقيقا لواقع القطاع العام وخاصة ما اتسمت به المفاوضات الاجتماعية الاخيرة من اداء ونتيجة، مبرزًا تنوّع القوانين الاساسية وخصوصيات كل مؤسسة عمومية إن على الصعيد المادي واللاداري او على صعيد الثقل النقابي وفائض القيمة التفاوضي وبخاصة على صعيد اختلاف سياسات التأجير. وخلص إلى توليد علاقات تشابك وتكامل بين المفاوضات الاجتماعية والعقد الاجتماعي واعادة الهيكلة. قوّة توازن ومن خلال مكانتها الاجتماعية باعتبارها قوّة اقتراح وتوازن داخل البلاد ومن حيث هي منظمة فسيفسائية تستوجب دعم واقع التعايش والتعامل الديمقراطي، بين الاخ نورالدين الطبوبي الامين العام المساعد المسؤول عن النظام الداخلي الاطار الموضوعي والاحتياجات الاساسية لطرح أهم ملف مرتبط بصياغة تصوّر بديل لاعادة هيكلة الاتحاد العام التونسي للشغل الذي يتحرك ضمن أخطر ازمة عرفتها البلاد من حرب التحرير الى أزمتي 1978 و1985 وصول بثورة 14 جانفي 2011. وفي تحليله للوضع الدّاخلي وصف الأخ الطبوبي اداء الاتحاد بكونه عمل مؤسساتي شامخ بممارسته الديمقراطية واستقلال قراره. وفي هذا السياق، عرض الأمين العام المساعد المسؤول على النظام الداخلي المشروع الأوّلي لهيكلة الاتحاد العام التونسي للشغل الذي تراوحت مضامينه بين الواقع والمأمول في جوانبه المتعلقة: بواقع الهيكلة المالية: المعوّقات والنقائص. تقلّص المساحة الديمقراطية. نقائص قاعدة التمثلية. محدودية التضامن النقابي كثافة الاجراءات التنظيمية، وتضخم الآلة البيروقراطية اتساع وتضخم الانشطة النقابية. عدم تفعيل اجتماعات الهياكل وآليات الاعلامة والمتابعة. عدم استقلالية هياكل الرقابة. التناقضات والالتباسات الحاصلة بين القانون الاساسي والنظام الداخلي. ومن أجل هيكلة تستجيب لثوابت التأسيس ومتطلبات التحديث، طرح المشروع الأولى البدائل التالية: هيكلة تقوم علىأسس علمية وعقلانية ذات بعد استشرافي تكون قادرة على مواكبة التغيرات المستقبلية ب: اضفاء مرونة على الهيكلة تخفف من حدة المركزية المشطة والبيروقراطية النقابية رسم حدود واضحة ودقيقة لصلاحيات الهياكل النقابية وكلّ مكوّنات المنظمة قصد تحقيق لا مركزية القرار النقابي وديمقراطية التسيير على كل المستويات. مراجعة قواعد التمثيلية وتطويرها لتحقيق التوازن بين القطاعات والجهات. تفعيل دور المرأة والشباب العامل وايجاد آليات قانونية تضمن تواجدهم في المسؤوليات النقابية. تطوير آليات الرقابة بالشكل الذي يضمن الشفافية الكاملة في ادارة الشأن النقابي اداريا وماليا. العمق الاكاديمي وفي مستهل مداخلته الاكاديمية تساءل الاستاذ منجي السماعلي عن كيفية تحضير العقد الاجتماعي وما هي أبرز محاوره، وبعبارة اشمل تساءل عن الاطار السياسي والاقتصادي والموضوعي الذي رافق التوقيع على هذا العقد يوم 14 جانفي 2013 بمناسبة الاحتفال بالذكرى الثانية لثورة الكرامة والحرية. وبيّن المحاضر بالاعتماد على مرجعية منظمة العمل الدولية، ان الازمات الاقتصادية العاصفة او الانتقال الديمقراطي او الاندماج الدولي هي الواقع الموضوعية التي تدفع الاطراف الاجتماعيين الى التقارب اكثر لتتدخل بنفس الثقل والقدرة على المساواة، خاصة وان الثورة قد ولدت من رحم فشل السياسات التنموية المتعاقبة حيث كانت نسبة 5٪ من النمو السنوي غير قادرة على حجب الفوارق بين الجهات والشرائح الاجتماعية وخاصة تفاقم نسب البطالة لدى اصحاب الشهادات العليا. وبين الاستاذ المنجي السماعلي من خلال استعراضه للمحاور الاربعة التي تمثل العمود الفقري للعقد الاجتماعي، ان المطلوب اليوم هو كيف نؤسس لمداخل متكاملة من أجل صياغة منوال تنموي بديل يتجاوز اخلالات الماضي، مؤكدًا ان الحلقة الاهم من هذا العقد الاجتماعي هي الوصول به إلى مرحلة المأسسة. ضعف المشرّع أو مكره وعالج الاستاذ محمد القاسمي النصوص المتعلقة بالنظام الاساسي العام للدواوين والمنشآت العمومية معالجة تنطلق من البعد التفسيري، لتمرّ بمرحلة الاستنطاق وصولا الى التأويل وبالتالي النقد وتقديم البدائل مبرزًا في البداية ان المشرّع حاول ايجاد تعريف موحد للمؤسسات العمومية، غير ان المشرّع ذاته لم يكن لديه معيار موضوعي. وبين التمحيص والتدقيق احيانا والتحليل والتفسير أحيانا أخرى سعى الاستاذ محمد القاسمي الى انقاذ المتلقي من أتون الجزئيات التخصصية نحو صياغة رؤية قانونية يكون فهمها أيسر للمشاركين وبعدها تكويني وتعليمي وهدفها الاسمى تزويد المناضل النقابي والمفاوض الاجتماعي بالاساسيات القانونية للأطر التشريعية للقطاع العمومي الذي يتوفر على 154 قانونا أساسيا. الأمين العام يفجّر المسكوت عنه وتوجت هذه الفعاليات التي اثراها عديد الكتاب العامين للاتحادات الجهوية واعضائها والكتاب العامين للقطاعات ومسؤوليها بنقاشات معمّقة راوحت بين المعرفة النظرية والتجربة المباشرة، حيث تقترن المنجزات بميزان القوى وبفائض القيمة التفاوضي وبطبيعة المرحلة بما تختزنه من تعقيدات أوانفراجات عادة ما يحدّدها النظام السياسي ويترجمها أعضاء الحكومات المتعاقبة، توجت هذه الفعاليات بكلمة اختتامية للأخ حسين العباسي الامين العام للاتحاد العام التونسي للشغل والتي كان فيها لعموم المشاركين سفر وترحال بين موضوعات حارقة ومتنوّعة وبين مقاربات افتراضية تعكس وجهة نظر الأمين فيما هو مطروح دون ان تكون هذه الوجهة ذات طابع سلطوي قصري والزامي. الأمين العام بيّن بدوره أهمية بنزرت باعتبارها آخر نقطة خرج منها المستعمر بفضل ما قدّمته من قوافل الشهداء من بناتها وابنائها الذين استسبلوا في المقاومة، كما بين دور الجهة، البارز في النضال الاجتماعي ولا سيما في تأسيس الاتحاد العام التونسي للشغل. ثم تطرق إلى اهمية التكوين في المرحلة الرّاهنة ولا سيما التكوين الاساسي الذي يستهدف القواعد ومن ورائهم التشكيلات الاساسية وبين حاجة العقد الاجتماعي إلى ندوات داخل الجهات والقطاعات حتى يتعرّف النقابيون على مضمون هذا العقد وأهدافه. وفي سياق آخر قدّم الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل مقاربة في شكل مقارنة بين سير المفاوضات الماضية ونتائجها وسير المفاوضات المتعلقة بسنة 2012 ونتائجها متسائلا هل من الافضل ان نستمر على التفاوض كلّ ثلاث سنوات او نحدّد آجاله بسنتين، كما تساءل «أليس من الافضل التفكير في تحديد المدّة النيابية للقيادة النقابية بأربع سنوات بدل خمس مثلما كان الأمر قبل مؤتمر الكرم»؟! وبروح من المسؤولية العالية، قدّم الأخ حسين العباسي انتقادات موضوعية وموجعة لحقبة زمنية في المسار النضالي للاتحاد العام التونسي للشغل وبخاصة في علاقته غير المنسجمة مع مبادئه الاستقلالية في تعاطيه مع النظام السياسي السابق. وتساءل عن جدوى مركزة التفاوض التي لابد ان تكون تشاركية قطاعية تحمل المسؤولية للقطاعات وتخلق بينها التنافس وتحدّ من انتقادات النتائج التي تتوصل اليها المركزية النقابية داعيا في اطار ذاته إلى دسترة التفاوض وتقنينه، مؤكدًا على ان دور الاتحاد العام التونسي للشغل يتجاوز الانعتاق الاجتماعي نحو ما هو وطني. وانتهى الأمين العام بتشريح كيان الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب وخاصة ما بات عليه من وهن على صعيد تمثيليته بكيانات غير منتخبة موالية وغير مستقلة بل انها غير ممثلة. مقترحا الشروع في بناء هيكل نقابي عربي يقوم على أساس التضامن النقابي بين النقابات المنتخبة ديمقراطيا وممثلة فعليا لعموم العمال والمستقلة عن الأنظمة السياسية تكون بديلا فعليا لجثة هامدة تسعى إلى النفخ في عظام نخرة جثة الاتحاد الدولي للعمال العرب بوضعه الحالي.