في تونس التي تعتبر مهد الثورات العربية أصبحت السياسة مصدر اهتمام كل العائلات التونسية ولا يكاد يخلو بيت من الخوض في أدق تفاصيلها«أطفال تونس تغيرت إهتماماتهم وأحلامهم البسيطة وحتى أحاديثهم البريئة « بعد ان أصبحت اغلب حكاياتهم عن الأحزاب » ويبدو ان السياسة خطفت أحلامهم» اليوم هم يحدثونك عن» النهضة»الحزب الإسلامي الفائز وعن مقتل المناضل التونسي «شكري بلعيد» وعن استقالة حمادي الجبالي رئيس الحكومة سابقا وعن «محرزية العبيدي» نائبة رئيس المجلس الوطني التأسيسي التي تتقاضى أجرا مرتفعا ؟ «الشعب « التقت بعض الأطفال من تونس العاصمة ونقلنا إليكم ما رووه عن عالم السياسة والسياسيين واستشرنا مصدق جبنون أخصائي في الطب النفسي للطفل والمراهق عن تأثيرات السياسة على الأطفال فكان الريبورتاج التالي. مختار بن عربية طفل تونسي يبلغ من العمر 11 سنة التقته «الشعب» أمام مدرسة «كلود برنار» بالعاصمة». مختار يعتبر ان السياسية خطفت منه والديه فهما منشغلان دائما بأخبارالسياسيين يقول ان أغلب نقاشات عائلته في البيت تتعلق بالسياسة والسياسيين » وان اغلب البرامج التلفزية تتحدث عن السياسة ولم يخف مختار أن الأمر قد يصل أحيانا إلى حد التلاسن والخصام بين والديه بسبب إصرار أحدهما على متابعة برنامج تلفزي قد يرفضه أحد الطرفين مختار ذكر ان البرامج السياسية واغلب الملفات المطروحة في كل القنوات التونسية غيّرت نمط حياة أسرته وحرمته من متابعة برامجه المفضلة. ويؤكد «شاذلي طبيب » ان المواضيع السياسية أصبحت تزعجه وقد غيّرت من طباع والديه اللّذين يحرصان دائما على متابعة القناة الوطنية الرسمية ويقول « شاذلي » انه أحيانا يغضب من والده، لانه يؤجل الحديث معه او مساعدته في دروسه ليتابع بعض الملفات والحوارات'وهو ما يجعله يكره الملفات السياسية والحديث عن السياسيين. «محمد طاهر السواسي» قال انه يضطر إلى متابعة البرامج السياسية بعد ان أصبح كل أفراد العائلة يهتمون بأخبار السياسيين والأحزاب ولكنه يعتبرها «مضجرة» وممّلة. اللّهجة الحادة أثرت على نفسية الأطفال مريم ونيس 12 سنة أكدت ان اللهجة الحادة والصرّاخ في بعض البرامج التلفزية ك»التاسعة مساء»والذي يبث على قناة التونسية و يستضيف سياسيين من مختلف الإنتماءات الحزبية أثّر على نفسيتها'وقالت ان والدها حريص على مشاهدة هذا البرنامج وكذلك شريط الأنباء وهي تتابع يوميا «الأخبار»و قد أصبحت تعرف أسماء السياسيين ونواب التأسيسي وتواكب ما يحدث على الساحة كإستقالة «حمادي الجبالي» رئيس الحكومة 'ومقتل المناضل التونسي «شكري بلعيد». وتعتبر «إيمان بوشهودة» ان ما تسمعه من أخبار يوميا جعلها «تتخوّف» من الوضع العام في البلاد'وقالت انها تشعر ان الكثير من الأشياء تغيرت وبالأخص بعد إغتيال المناضل التونسي شكري بلعيد امام بيته. مشاكسات بلون السياسة اغلب العائلات التونسية اصبحت تتحدث عن السياسة وهو ما أثّر على نفسية الأطفال حتى ان المواضيع السياسة اصبحت حاضرة في دعابات الاطفال ومرحهم ومشاكساتهم 'الطفل «زكريا ناشي» لقّبه بعض زملائه بإبن «محرزية العبيدي» وهي نائبة رئيس المجلس الوطني التأسيسي« سألناه لماذا هذا اللقب؟» فقال لأنه يتحدث عنها دائما وبالأخص عن أجرها خاصة وانها صاحبة أفضل أجر في التأسيسي طبعا بعد رئيس المجلس. ورغم روح الدعابة فقد حضر الوعي الإجتماعي وصرخ زكريا: «الأموال تعود إلى الشعب وكان الأجدر تخصيصها للفئات المهمشة» ثم صرخ:» إني أكره محرزية...». «هيثم بوراوي» عبّرعن مخاوفه من المستقبل وبالأخص بعد مقتل المناضل «شكري بلعيد» وقال انه اصبح يخاف التوّجه إلى بعض الأماكن بمفرده وعادة ما يطلب من والدته مرافقته، ويرى هيثم ان الأخبار والملفات السياسية سيطرت على اغلب إهتمامات العائلات التونسية. أطفال نهضاويون ؟ «فضل عريبي» إعتبر ان حزب النهضة هو أقوى حزب في تونس لانه يحتكم إلى العدل وقال ان هذا الحزب يريد النهوض بتونس وللأسف لم يجد من يسانده «وذكر انه يكره «نداء تونس» الحزب المنافس للنهضة » وهنا قاطعه زملاؤه بعبارات يا «نهضاوي»»يا نهضاوي» وهي العبارات التي تطلق على المنتمين إلى حزب النهضة. وإستنكرت «أميمة كرّاي» 10 سنوات ما صرّح به فضل وقالت انها تحب «نداء تونس» لأن نظامه مستمد من النظام القديم أي فترة الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة وصرحت انّها تكره «النهضة». صراخ السياسيين يوّتر الأطفال يقول «مصدق جبنون» اخصائي في الطب النفسي للطفل والمراهق انه قبل الثورة لم نكن نهتم بالسياسة وان اغلب العائلات التونسية كانت تخاف من الخوض في المواضيع السياسية خشية العواقب وبالتالي كان هناك نوع من الخوف يسيطر على أغلب الأسر التونسية وهو ما دفعها الى ابعاد الأطفال عن المواضيع السياسية وشدّد الدكتور ان هناك قمعا ضمنيا إذ لا يعبر الطفل عن رأيه في المنزل خشية ان ينقله إلى الشارع خشية ان تتعرض الأسرة الى الملاحقة والعقاب. ويؤكد»جبنون» انه بعد الثورة تعلمنا ان نتحدث في مختلف المسائل السياسية رغم ان بعضها مؤثر على الطفل ومضر ولكن لا ننظر الى المسألة من حيث التأثير الحيني بل من حيث حرية التعبير وحرية التفكير ففي مختلف البرامج وعلى شاشات التلفزة نجد مختلف الافكار من الفكر المعتدل الى المتطرف والأب يعطي رأيه واصبح هناك نقاش وسط العائلات التونسية وبالتالي لم تعد النقاشات تتعلق بالمقابلات الرياضية والمسائل التي ناقشناها طيلة أعوام فبعد الثورة مررنا الى مناقشة الواقع وأصبحت المواضيع تهم الشأن الوطني. وحذّر الأخصائي النفسي من مدى تأثير صراخ السياسيين على الأطفال فالطفل يعود من المدرسة متوترا ويستحوذ والده على التلفزة وعادة يكون البرنامج الذي تتابعه الأسرة لا يعنيه وبالتالي مستوى الحوار وطبيعته ستؤثر على العائلة وقد توتر الأباء والأطفال. وقال الدكتور انه امام الإهتمام بالشأن السياسي فإما ان ينكب الأب على متابعة الملفات السياسية ويصبح التواصل داخل البيت منعدما او ان تحدث نقاشات داخل الاسرة و يستمع الطفل لتلك النقاشات فيستمع الى اسماء الاحزاب مثل التكتل ونداء تونس والمؤتمر ويستمع الى الصراعات واخبار عن العثور على الاسلحة فيحدث ذلك لديه نوعا من التوجس والمخاوف'وهنا يأتي دور الآباء في طمأنة الطفل لأن مخاوف الطفل يؤكدها سلوك الأبوين ويصبح هناك اما خوف متبادل بين ما يشعر به الطفل وما يشعر به الآباء ويتولد شعور بعدم الارتياح وتكثر التوصيات وقد تكرس الأم الشعور بالخوف وعدم الطمأنينة لدى الطفل. وحذر من ان المسألة قد تصل أحيانا الى حالات من الإكتئاب لدى الأطفال أو الشرود الذهني ويغيب التركيز أوربما قد يحصل العكس فيصبح الطفل اكثر انتباها وتنشط حاسة السمع لديه فيكون اكثر يقظة 'وقال الدكتور ان التأثر مرتبط بطبيعة الاطفال.